كيف يبنى الوطن ويحضى بثقة المانحين..والرئاسات الثلاث تخترق الدستور والقانون ؟
آخر تحديث:
بقلم:عبد الجبار العبيدي
الدستور العراقي يدق في ناقوسه التنبيه في عالم شُغلَ عن كل شيء الا عما يربطهُ بالسلطة والامتيازات وحقوق المتسلطين ..الا اننا كمؤرخين لا نفقد الأمل في وجود من يستطيع بالجد والاجتهاد والمثابرة والتدقيق في اصول دساتيرنا السابقة ما نحتاج الى تصحيح ، وتصفية لكل الشوائب التي ارتكبت في كتابته من عدم العدالة والدقة والأنحيازية في التنفيذ.
نحن نكتب للحقيقة ولا غير ، لا نطعن ولا نتهم ،بل نعرض رأينا كما هو- من باب حرية الرأي والاختيار- ،لعله يُشحذ الهِمَم ،ويدفع الى التنقيب من أهل التنقيب والمعرفة والبحث والأصلاح، لتصحيح ما قد يكون قد اساء الى تاريخنا القديم بالحجة والبرهان.
الحالة العراقية اليوم خرجت عن السيطرة والمعقول بعد ان اصبحت القوانين تُسن لصالح الغرباء لا من اجل مستقبل العراقيين( قوانين اللجوء المحتملة ،وقانون الاحوال الشخصية ،وقوانين الامتيازات المحاصصية) ،فهل الحاكم العراقي الجديد جاء عدوا للشعب والانتقام منه؟ أم جاء لتجاوز الحالة السابقة وللاصلاح والبناء والتعمير ؟ يبدو ان الحالة الأولى هي الغالبة في التقدير .بعد
2
ان توافقت الكتل الحاكمة عن عزل الشعب عن كل خير من وطنه العزيزوأنفردت بكل الأمتيازات ،واصبح الوطن والثروة والمنصب لطبقة امنت بمصالحها دون الشعب، واتخذت من الدولة العميقة طريقا للتنفيذ..فكيف تكون الثقة بدولة تحكم بقوانين..التفرقة بين المواطنين ؟
من يُكلف بكتابة الدستور يجب ان يكون من الملمين بكتابتهِ وفق الفلسفة الدستورية التي تردم الهفوات والمطبات القانونية عند التطبيق ، وبعيدا عن المطامع السياسية .لأن السياسة تعمي البصر،وتضلل الذهن ، وتملأ القلب قسوة ،وتجعل الانسان يرتكب الخطأ بطريقة لا توصف دون دراية. وما دام كاتب الدستور قد أخذ على عاتقه كتابة دستور وطن بكامله فهو المسئول عما يصيبه.
من قراءة الدستور العراقي في كل مواده التي تجاوزت المائة والأربعين مادة ، نجد ان المواد التي تم تجاوزها في التطبيق هي : 14،15،16،17، والخاصة في (المساواة في الحقوق المدنية والسياسية والأقتصادية للشعب العراقي ).
المادة (58 ج) الخاصة بضباط الجيش وشهاداتهم الاكاديمية العسكرية) وخريجي كلية الاركان .منحت الرتب والامتيازات لا على التعيين.
المادة: 104 والخاصة ( بأهمال تأسيس مجلس الخدمة العامة فاصبحت الوظيفة مشاعة لمزوري الشهادات ومن اقارب المسئولين ممن لا كفاءة لهم في التنفيذ).
المادة:123 الخاصة (باستغلال النفوذ من قبل الرئاسات الثلاث في استغلال القوانين دون تحديد كما في تعيين الاقارب والمستشارين الحقيقيين والفضائيين،وغيرها كثير.
المادة :131 (التفريق بين المواطنين في تطبيق مادة أجتثاث البعث الخاطئة بعد ان أستثني الغالبية من البعثيين من ذوي (الدم الأزرق) منها وعادوا لدوائر الدولة دون الاخرين..(أهملت المساواة بين العراقيين شرعا وقانوناً).
ناهيك عن مسائلة رئيس الجمهورية في حالة أنتهاك الدستور، ولا يجوز تعيين أكثر من نائبين له ،لكن المحاصصة الباطلة قد أجبرته على التنفيذ بثلاثة..هنا تجاوزا على الدستور ما كان يجب ان يقبل به الرئيس الذي اقسم على التنفيذ.
4
المادة 140 حول المناطق المتنازع عليها بين المركز والاقليم..لم تنفذ المادة من قبل المركز دون قانون.
صدقوني ايها القراء الأعزاء ان الخلافة الاسلامية ما ضاعت وأنتهكت وسقطت ، الا لأنها لم يكن لها دستوربفلسفة الدساتير. حتى اعتبرها الفيلسوف الدستوري السيد السنهوري بالخلافة الناقصة.
من هنا أنتقلت الى عصر المُلك العضوض.
فهل سيشملنا الاصلاح الدستوري وفق فلسفة الدساتير الكاملة ؟ لأظن ذلك يتحقق في دولة كالعراق قامت على الأثرة والغباء والطمع من قادة مؤسساتها، وعدم الايمان بالصدق والعلم والاخلاص للوطن والشعب ، واخترقت كل القيم والمُثل وغلست حتى على كل الأتهامات الموجهة اليها بقصد ، ولا زالت مستمرة على الخطأ دون اعارة لحقوق الوطن والجماهير .
دستورنا لعام 2005 جاء مكبلا بالأستئثار بالفيء، وأختيار الولاة على الهوى ، وتعطيل الحدود بالشفاعة والقرابة ، والطائفة والقبيلة والمذهب ، ومنح الامتيازات والمنافع الأجتماعية والتقاعدية اللاقانونية لمن يريدون وبلا قانون ، لذا جاء من جنس جحد الأحكام المنصوصة ، والشرائع المشهورة ، والسنن المنصوبة. وهذه مخالفات دستورية وشرعية فعلتها طبقة ممن يحكمون الوطن اليوم
5
دون رادع من معرفة و ضمير،فأين مؤسسة الدين التي شرعنت الاحتلال ؟ فأوقعت الناس في خطأ التاريخ ..
ان تحدي الفكر وتحريمه على الناس وعدم الأخذ بافكار الاخرين من الشعب ، لا يأتي بخير أبدأ. وهذا هو السبب في ان الفكر السياسي عندنا في العراق اليوم أصيب بالشلل بعد ان حولنا النظريات الدستورة المتقدمة الى نظريات فقهية غامضة ومجتزأة فتركنا النص الدستوري والقرآني الصادق وأخذنا بالحديث الضعيف،وحصرنا أنفسنا في منطقة مسيجة بالكونكريت (المنطقة الخضراء) دون ان نسمع من احد،لأنهم يخافون اللقاء بالشعب الذي رفضهم..فجاءت الانتخابات وفق قانون غريب لم يعرفه العراقيون من قبل (قانون سانت ليغو ) فكان التزوير، بعصابات لا تنتمي للشعب بالمطلق ، وكما قال حكيم :” العزلة شعبة من الضيق” .
فرصة ذهبية ضاعت من العبادي بعد انتصار العراق على داعش،المفروض ان يعلن فورا أنسحابه من حزب الدعوة ،ويشرع بتكون حزب جديد يسمية حزب الشعب او الجماهير،ويعلن عنه بالدعوة للمثقفين والعلماء واصحاب الكفاءات الانضمام اليه ليكون دولة جديدة ذات مضامين ،لا ان يبقى يتعكز على الفاشلين..فرصة ضاعت والفرصة لا تاتي الامرة واحدة خسرها العبادي بامتياز.ان العبرة في التاريخ بالحقائق الواقعة ، الى جانب المبادىء المعلنة..لكنها تحتاج الى خبرة العاملين…
6
وحقيقة للتاريخ أقول :ان القيادات الشيعية بالذات التي حكمت بعد 2003 ليس لها تاريخ وخبرة في حكم الدولة وكتابة الدساتير،لأن فكرها السياسي لا يحمل فكرة تكوين الدولة – حزب الدعوة لم يطرح هذا التوجه في أدبياته من قبل(أنظر كتاب فلسفتنا للمؤسس محمد باقر الصدر) ، قدر طرحه فكرة تكوين الجماعة المنظوية تحت سلطة ” نظرية المهدي المنتظر” الذي بظهوره سيملأ الارض عدلا،أنظر كلمة الأرض أي كل الأرض” وممثلها اليوم ولي الفقيه ، فهم يؤمنون بالعالمية على غرار الشيوعيين مع الفارق في التطبيق، لذا فشلوا في تكوين دولة على مر التاريخ توفرت لهم فيها كل السبل دون تحقيق؟..على مؤيديهم ان لا يفكروا ان هؤلاء القادة سيكونون لهم دولة في يوم ما…لأنهم أصلأً يتناقضون مع التكوين.
ونعود للدستور مرة أخرى فنقول :
من اغرب المواد الخارقة للحرية والاختيار هي المادة الثانية أولا التي الزمت صدور القانون ، بان الاسلام دين الدولة الرسمي ، وهو مصدر اساسي للتشريع،ولم تبالِ او تلتفت الى ان العراق مكون من جاليات كبرى من المسيحيين والأيزيديين والبهائيين والصابئة وحتى المجوس وديانات اخرى كثيرة لم يُعِر المشرع لها من قيمة واصل، وكأننا نعيش في العصور الاولى للأسلام ،لذا أصابها التهميش وعدم الحماية في الحقوق . وما درى المشرع ان الزمن يلعب دورا في عملية التغيير..المفروض ان تكون الديمقراطية فقط مصدرا اساسيا
7
للتشريع لملازمتها حرية الرأي والأختيار . فلا حل امام العراقيين الا بفصل مؤسسة الدين عن مؤسسة السياسة والا سيبقى رجل الدين (قدس سره) متحكما برجل السياسة دون تغيير.
والخرق الثاني جاء في المادة 18 رابعا والتي نصت على: “يجوز تعدد الجنسية للعراقي وعلى من يتولى منصباً سيادياً أو امنياً رفيعاً التخلي عن اي جنسية اخرى مكتسبة،وينظم ذلك بقانون.والرئاسات الثلاثة تحمل الجنسية الاجنبية المخالفة للدستور والتعيين .
الملاحظ اهملت الفقرة ولم يؤخذ بها ولم ينظم القانون رغم ثبات فساده بلا تنظيم ، في وقت ان اختراق اية فقرة في الدستور يعتبر مخالفة دستورية يقدم صاحبها للمسائلة القانونية ،والا كيف جاز محاكمة رجال العهد السابق واعدام بعضهم بالقانون،ألم يكونوا هم من العراقيين ؟ والأدهى والأمر ان رئيس مجلس النواب يحمل شهادة الدكتوراه في القانون..فلماذا لم يحافظ على سلامة تطبيق الدستوراذا لم يكن هو قاصدا اهمال الحقوق .
وجرت الانتخابات الطائفية والمحاصصية الأولى عام 2005 تحت الدعاية الواسعة لاعادة اعمار العراق وتكوين مجلس الدولة للأعمار ،وأنيطت مسئوليته بألمتجنسين بالجنسية الآجنبية الذين جاؤا كمرافقين للأحتلال ، لكنهم مع الاسف لم يحسنوا حقوق وواجبات الوطن ،فراحوا يعملون دون ضوابط في التعيين مُتحدين فيما بينهم
8
في دولة تعمها الفوضى ويديرها حاكم أجنبي لم يُعر للدولة من اهمية في التعمير،لقد اهملوا الواجب والضمير والدين.فبُددت الموارد وبُعثرت بتقصد ودون قانون او تنظيم فأين مسائلة القانون؟ .
لقد جرى انتخاب مجلس الحكم دون معايير ،تجسدت فيها الطائفية والمذهبية والمحاصصية فكانت بداية التدمير.كل نهب حصته نهباً وغالبيتهم تركوا الوطن هاربين مثخنين بالجراح بعد ان حصلوا على كل امتيازاتهم التي لا يستحقونها بقانون..فكانت خيانة وطن بتقصد في اختراق الدستور والقانون.
ناهيك عن اشتراك بعض السفراء في بيع الثوابت الوطنية علنا في سفاراتهم دون مسائلة القانون، فأين وزارة الخارجية من هذا الخرق الكبير ؟.
أليس من حق الشعب ان يطالب الرئاسات الثلاث بالأجابة..؟بعد ان ملئوا الدنيا صراخا في تطبيق الدستور؟ أين مرجعيات الدين التي منحتهم شرعية حكم الوطن وومثليها وكل يوم يحذرون دون جدوى…هل الشرعية الدينية تعفي المقصرين ..؟ المفروض سحب الشرعية الدينية منهم بفتوى واضحة وصريحة ..كما قال الامام (ع) :” ان الحق لايبطله شيء..” وأكملها الامام الشافعي بقوله:” ان العقل مضطر لقبول الحق” .
9
أخي المواطن ان التفكير بالشعب والوطن هما اساس الحياة التي يحياها الأنسان،فالحق ان نوع حياتنا الذي نعيشه اليوم يصرفنا عن التفكير بشكل خطر، وليس في الدنيا أخطر من العيش بدون تفكير..فلا تغرك المظاهر، ولا عمائم رجال الدين ، ولا ابهة المسئولين ممن غدروا بك وبالوطن وهربوا بعيدا عنه، ولا دعايات المؤيدين المصلحيين أجمعين ولا كتابات المتزلفين .فكلهم بنظر القانون من المخالفين للشريعة والقانون،وان ما حصلوا عليه من أمتيازات وأموال العراقيين دم خنزير في رقابهم أجمعين.
فهل من طن يمر بكل هذه النكسات ومخالفات القانون يحضى بالمانحين..ولماذا الهرولة خلفهم ،اما كان الافضل ان يحفظوا اموال الوطن دون ان تسرق من قبل الحاكمين..هذا عار تاريخي ان يهروا خلف الأخرين؟.
أخي المواطن …لا تهمل الوطن فهو أملك ومستقبل أجيالك …أطلب الحق وان قل…ولا تنتخب الفاسد الذي لا تثق به لأنه كاذب وجبان…أحترم شجاعة من يقول
الحقيقة او حتى بعضها ..فلا اصلاح الا بقول الحق والحقيقة… والوقوف بوجه الظالمين…فالوطن يناديك…؟