آخر تحديث:
د-صادق السامرائي
أتحداكم إذا وجدتم جائعا أو متشردا في الصين , بحثت عن ذلك وحملت كاميرتي لكي ألتقط صورة لجائع أو متشرد فأعياني البحث , فعدت إلى صديقي الصيني وسألته عما أعياني , فضحك وقال: لا يوجد جائع ولا متشرد , فالتجارب علمتنا معنى الجوع والتشرد فوضعنا الأجوبة العملية التي تمنعهما.
قلت : كيف؟
قال: البحث العلمي , ذلك الرجل ويعني “ماو” , علمنا كيف نغير تفكيرنا ونبحث عن الحلول , وقد مررنا بتجارب قاسية جدا كما تعرف.
قلت: إنكم تفكرون بالحلول!!
ضحك صاحبي وقال: لا توجد مشكلة في الصين إلا وتجد لها حلا مناسبا فالحلول كثيرة ومتعددة!!
قلت: وفي مجتمعاتنا لدينا قدرات فائقة على توليد المشاكل , أما الحلول فأمرها بعيد , فنحن مشكلة أولاد مشكلة!!
مضى صديقي مبتسما وهو يقول: لا تقل ذلك , ما دام العقل يفكر فالحل ممكن!!
قلت: وهل أن العقول تعمل في بلادٍ تجهل حل أبسط المشاكل , ولا تعرف سوى أن تواجه المشكلة بمشكلة ذات أخوات!!
توقفنا عند هذا الحد , ومضينا نتحدث عن النقل , وكنت قد أخبرت صديقي عن إنبهاري بالقطار الكهرومغناطيسي الذي أذهلتني سرعته قبل سنوات , وحينها حدثني عن القطار الفراغي , وكنت أحسبه نوع من الهذيان , لكن الصين اليوم لديها قطارات فراغية وكأنها الطائرة , تنقلك بهدوء وسرعة إلى حيث تريد خلال أنفاق فارغة تمنع إحتكاك الهواء بالحديد!!
هذه هي الصين التي فيها نظام لا رإسمالي , لا ديمقراطي , لا إسلامي , لا إشتراكي , إنه نظام صيني عقلاني أصيل , فيه من كل نظام ما يزيده قوة وقدرة على التحرك بإنسابية وتوافق متوائم مع التحديات والتطورات المتجددة في الحياة.
فالصين اليوم تُطعم الشعوب الأخرى , ومعظم مجتمعات الدنيا تعتمد عليها في حاجاتها , وهي القوة الإقتصادية المهيمنة على الكرة الأرضية , فأينما تحل أو ترحل لايمكنك الإبتعاد عن المنتوجات الصينية , فالصين سيدة العالم بلا منازع , ولا يمكن لأية دولة في العالم أن تستغني عن الصين وتتنعم بحياة إقتصادية مريحة.
وتحضرني مزحة صديقي الصيني معي قبل عشرة سنوات , حينما كنت أشكو له ما يحصل في بلادنا , فقال : لماذا لا تؤجرونها للصين , وسترون كيف ستكون أحوالكم؟!!
وأدركت بعد عقد مرير , أننا لو أجّرنا البلاد للصين قبل عشرة سنوات , لكانت أحوالنا اليوم “فوك النخل” , فالعلة ليست في الأوطان وإنما في الإنسان الذي يعتقل العقل بأقبية البهتان!!
فلماذا لا نؤجر بلداننا للصين ما دمنا نتمتع بحَمق مبين , وكأننا من القاصرين؟!!