علي الزيادي
لبيك ياعراق . شعار رائع انطلق لتحرير مدن العراق من داعش . أكاد اجزم بالقول ان بسطاء الناس وعامتهم من الشعب العراقي بكل اطيافهم وهم الأغلبية المقهورة ينزفون دماً على مايجري في بلدهم . كنا نتمنى ان يكون هذا الشعار منطلقاً لبناء العراق بشكل سليم منذ تشكيل الحكومة الأولى بعد الأحتلال ليصبح شعار تحرير العراق واقعياً وليس مخادعاً مثلما اتضح فيما بعد .
تحدثنا كثيراً عن ما جرى ويجري في العراق من كوارث نتيجة للسياسات الهمجية التي انتهجتها حكومات متعاقبة تدعي انها عراقية اسلامية وهي بعيدة كل البعد عن العراق والأسلام !
العراق الذي قلنا له لبيك على مدى العقود الماضية لايعرف القتل على الهوية ولايعرف معنى الطائفية ولايعرف المناطقية وهو لايعرف سوى الكرامة وبدونها لايعيش العراق كان دائماً يشكل منطلقاً للحب والأنسانية والتعايش السلمي وهو مثار احترام العالم بالكرم والجود والعلم والشجاعة والأيثار . وتمثل الشخصية العراقية انموذجاً رائعاً بين شعوب العالم .
الشعب العراقي الذي تحمّلَ عبء الأحتلال البريطاني كان مجاهداً وهو يواجه الأحتلال ويجبره على الأنسحاب في العام 1920 من خلال ثورة شعبية انطلقت من الجنوب وليشارك فيها فيما بعد كل العراق بطوائفه وقومياته المختلفة وليتم تأسيس جمهورية العراق الحديثة التي وضعت أسس بناء الدولة والتخطيط لمشاريعها المستقبلية والتي نستفيد من بعضها حتى يومنا هذا . وبدون ادنى شك ان نجاح تلك الحكومات السابقة في اكمال مشاريعها نابع من تعاون الشعب معها فالشعب يتفاعل مع من يقدم له خدمة وهذا هو مفتاح النجاح في سفر العراق الحديث .
الأنهيارات الحقيقية التي دخلت العراق وأذاقته الويلات كانت بسبب دخول الأحزاب للأستيلاء على الحكم . ماشكّلَ منطلقاً لمسيرة من القمع والأستيلاء على الثروات وأحتكار السلطة لتتشكل فجوة كبيرة بين الشعب والحكام والحكومات تسببت في ضعف البنية المجتمعية للبلد وتكوين اعداء من خارج البلد ومن داخله نتيجة لسياسة حكم الحزب الواحد الذي غالباً ماينطلق من شعار ( اذا لم تكن معي فأنت ضدي ) لتبدأ عمليات القمع وتكميم الأفواه وتقييد الحريات منذ العام 1968 وحتى يومنا هذا !
نعم اقول حتى يومنا هذا لأننا لم نلمس سوى تفريخ للحالات السلبية التي كانت تتحكم بسياسة الحزب الواحد . فكانت دكتاتورية تتحكم بثروات البلد . اليوم تحكمنا دكتاتوريات تتقاسم ثروات البلد . ولأن السفينة التي فيها اكثر من ربان ترتبك في مسيرها نجد العراق اليوم يغرق بالمشاكل والأزمات المسطنعة التي أدت الى فقدان ثرواته وانتشار الفقر فيه رغم كثرة مايستخرج من ثروات نفطية من باطن أرضه لكن المعادلة بوجود أحزاب التحرير مختلفة تماماً أِذ كلما زادت صادرات النفط كلما زاد الفقر والعوَّز في شعبه والسبب معروف ان الثروات ليست للشعب انما للأحزاب التي تشكلت فيه .
ونتيجة لتلك السياسة نجد ان الحكم في العراق الذي تأثر بالتدخلات الخارجية فقد العدل أذ ان لكل حزب وجهةٌ ينفذ لها اجندتها ما أَدى الى ضياع العراق بين مشرَّد ونازح ومضطهد ومعتقل .
أمام كل هذه الكوارث التي حلت بالبلاد لم نجد قيادة قد شمرت عن سواعدها لتقف مع الشعب وتؤمن له مايصون كرامته . فهذا يؤسس لمؤسسات يعتقد انها اساسية لبناء الدولة التي هدمها بريمر وعملائه ليأتي بعده آخر يفكك تلك المؤسسات نتيجة لنظرية ان كل من هم قبلي لم يعملوا بشكل صحيح فينطلق بعمل جديد وفق نظريات حزبه وتخصيصات مالية جديدة وعندما يخرج ليأتي بعده شخص آخر ينطلق من نفس الشعار الخاص بتخوين من سبق ليؤسس دكتاتورية مريضة مبنية على الغش والخداع والغباء ! وبدون خجل وبعد المئات من المليارات من الدولارات لاوجود للماء الصالح للشرب وواقع صحي مخيف وبطالة كارثية وتدمير للصناعة وغياب للكهرباء ويجلس امام الفضائيات ويقول (هاي كون حسين الشهرستاني لازم يكول لي ) وتستمر مسيرته التي انفق خلالها اكثر من 1000 مليار دولار وتنتهي الى خراب وأرهاب !
أرهاب يضرب محافظات تشكل اكثر من نصف مساحة العراق وفقدان سلاح بمليارات الدولارات والأهم فقدان شباب بعمر الزهور في جرائم يندى لها الجبين في سبايكر وغيرها وأغراق مدن بالمياه من اجل ابعادها عن المشاركة في الأنتخابات وغيرها من الكوارث للتمسك بالكرسي النتن . حتى اليوم لم نجد قيادة تدافع عن العراق بشكل عام انما تدافع عن اجندة بعينها خاصة بها ليستمر المشهد العراقي بضبابيته مع استمرار معاناة الناس في النزوح والتهجير والأضطهاد .
حتى اللحظة تعتقد تلك الجهات المتخلفة التي تدير البلد ان القوة العسكرية وحدها كفيلة بمعالجة الأرهاب في العراق فتستمر بحملات نفقد فيها ارواح طاهرة ومعدات بأموال عراقية بينما الشعب يعيش التقشف بعد نهب ثرواته .
منذ مدة ونحن نناشد من يحب العراق الى المطالبة بمعالجات سياسية حقيقية تعيد لحمة الشعب واصدار قرارات تعيد التآخي بين العراقيين الذين يعيشون في المخيمات والشوارع والعشوائيات والمهجر وان لاتكون المعالجات السياسية في الفنادق بين تجار الدم وسراق مستقبل العراق الذين نسألهم اليوم سؤالاً بريئاً . اين وصل ميثاق الشرف الذي وقعتم عليه ونشرتم على مواقع النت والمؤسسات الأعلامية قبلاتكم ومصافحاتكم وابتساماتكم التي اتضحت فيما بعد على انها ابتسامات صفراء .
اليوم بسطاء الناس من الحشد الشعبي الجهادي يموتون من اجل العراق فلاتعكِّروا معنوياتهم وطالما أَنَ السيد رئيس الوزراء قد اطلق شعار ( لبيك ياعراق ) على عمليات التحرير فلنهب جميعاً لنعزز عراقيتنا بعيداً عن الطائفية التي خطفت الألاف من رجالاتنا واطفالنا ونسائنا . رغم ان من تسبب في قتل الناس لايحفظ لهم ارضهم ! لكننا نقول مثلما كنا دائماً ( لبيك ياعراق ) وهو نداء أخير لساسة الزمن الرديء نقول لهم طهروا انفسكم بعد ان خطفتم مستقبلنا عليكم ان كان لديكم ذرة من الشرف ان تشرعوا فوراً قوانين تخدم الشعب ولاتؤدي الى تقسيمة مثل مشروع قانون الحرس الوطني . وكل القوانين التي تتصارعون عليها كالمحكمة الاتحادية والحرس الوطني هي بعيدة عن الشارع ولايمكن ان يعيد ثقة الناس بالدولة وبكم فاحذروا وألا ستصبح انهار الدم التي جرت وتجري قد بيعت من قبلكم دون حياء —- ولبيك ياعراق ..