لجان التحقيق “نفس الطاس والحمّام”..!

لجان التحقيق “نفس الطاس والحمّام”..!
آخر تحديث:

 

  علي علي

بعد عقود الأحكام الظالمة والاستبداد بالقرار الخاطئ والبطش في تنفيذه بقسوة وغلظة ودموية، حل على العراقيين حكم ديمقراطي بسياسة فدرالية تعددية، وقطعا تحت تغيير كهذا تتبدل أمور البلد بمفاصله جميعها بشكل جذري، وتنقلب معاناة الشعب الى رخاء.. وقلقه الى طمأنينة.. وتدهور أوضاعه الى ازدهار ورقي كباقي الأمم. لكن..! أتت الرياح بما لاتشتهي السفن.. فقد تقهقر الحال الى مستوى لايحسد عليه مخلوق على وجه المعمورة، وصار مسير العراقيين في مكانة لاتتقدم الأمم.. ولا تتوسطها.. ولاهي في مؤخرتها..! وبالإمكان تشبيه مسيرة العراقيين اليوم ببيت الدارمي القائل؛

 

ناكة وعكرها البين واعمى بصرها

 

تمشي بتوالي النوك وآنه بأثرها

 

وما أحداث العاشر من حزيران المنصرم إلا أكبر دليل على الانكسار وتردي الأوضاع الإدارية والسياسية والاستخبارية والعسكرية. اليوم وبعد “خراب الموصل” المحسوب والمدروس والمخطط له بأجندات لاشرقية بل “غربية عراقية بحتة”، وبعد مطالبات العراقيين الحثيثة بمحاسبة المقصرين في ضياع الموصل -وهم كثر- صار لسان حال اللجان التحقيقية المسؤولة عن هذا يطول تارة ويقصر ثانية ويخرس ثالثة..! أما الاستدعاءات والاستضافات فهي الأخرى أخذت تتعدد بأشكال وأسباب وأوقات توحي بأن القائم بها يبتغي الإبطاء في إتمامها، وبالتالي تأجيل استحصال النتائج الى حين، وهذا الحين قد يطول وقد يقصر وقد يميّع او يموّه تحت ذرائع عديدة، بل قد تأخذ التحقيقات مجرى آخر يزيد في المماطلة والتسويف، حيث ستعقب الاستجوابات سحوبات ثقة، وقد تزين بسحوبات يانصيب، طاوية معها عار ماحصل في الموصل.

 

وليس بجديد على لجان التحقيق -كما عودتنا اللجان السابقة- الإتيان بالأعذار والمبررات والمسوغات والمطيبات والحلويات بأشكالها، وقطعا سيكون هذا كله تحت رعاية السياسيين في الرئاسات الثلاث وبمباركة رؤسائها حتما، كذلك بتأييد أرباب الكتل ومؤازرة الأحزاب. ومن باب الأحوط وجانب الاحتياط لن يبخل علينا ساستنا -حاشاهم طبعا- وقادة الكتل والأحزاب والوزراء والمسؤولون بتوفير البدائل التي تضمن انشغال العراقيين بها ليل نهار، صباح مساء، قياما قعودا وعلى جنوبهم، خشية مساءلتهم عن نتائج التحقيق الشافية والشفافة. من هذه البدائل مسلسلات تفوق بحبكتها وتأليفها مسلسل وادي الذئاب او ضياع في حفر الباطن او حتى الحاج متولي. إذ من المؤكد -كما هو حاصل دائما- أن يظهر لنا بين الحين والآخر، وجه -مثل مشعان الجبوري- عليه ملامح الـ (نغنغه) لانراه إلاعلى كرسي عاجي، تارة تحت قبة، وتارة على طاولة فخمة، وأخرى خلف مكتب خلفه علم وخلف العلم الله يعلم..! وأحيانا في استوديو يطل علينا في لقاء صحفي هام جدا، كانت قد مجدت فيه وكالات كثيرة على شاشات التلفاز، وقد يطل علينا غدا على شاشات المذياع او الثلاجة او الغسالة او الــ (أوتي) بوعيد وتهديد حار بامتلاكه قرصا مدمجا او مضغوطا (C.D) او(D.V.D) يحوي وثائق وأدلة دامغة وبالجرم المشهود وعين اليقين وعلم اليقين وحق اليقين، بالصوت والصورة والرائحة والطعم، وجميع الحواس المحسوسة والملموسة والمدسوسة، وبالاسم الصريح والتوقيع الحي والختم الحراري وبصمات الأصابع وبصمات القزحية، وبتصوير ثلاثي الأبعاد (3D) بالكاميرا الخفية ذات الـ (FISH EYE). يضاف الى هذا شهود آخرون كثيرون، وحسبنا بالشهود رجلان، او رجل وامرأتان.

 

وبعد الأخذ والأخذ، ثم الأخذ والأخذ (حيث لاعطاء لدى القائمين بالتحقيق)..! تأتي النتائج ليطلع عليها المواطن المترقب والمنتظر من يأخذ بحقه. فهل ستأتي لجنة تحقيقنا بسقوط الموصل بمتهم ومدان ومتورط ومتلبس.. بدقة وحيادية حقيقيتين لينالوا جزاءهم العادل؟ أم ستكون النتائج مشابهة لنتائج التحقيق في جريمة القتل التي قام بها المقبور عدي ابن المقبور صدام، والتي كان المجنى عليه فيها “كامل حنا” المرافق الخاص للمقبور الثاني..! وهل نشهد في قادم الأيام مقبورين جددا بما يثبت عليهم من جرم وإدانة دون تستر ومحاباة وتنازلات ومقايضات؟

 

[email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *