للفساد .. برلمان يحميه

للفساد .. برلمان يحميه
آخر تحديث:

 

  ماجد زيدان   

هذا شعار استعرته عنوانا من مواقع التواصل الاجتماعي اثر سحب البرلمان الثقة عن وزير الدفاع الى جانب امتلاء صفحات الفيسبوكيين بمقال العبيدي واقتطفت منه العبارة الاشهر التي ستصبح تعويذة او لازمة للكثير في حال التوصيف لما جرى اذ قال “حاولت ان احارب الفساد بالممكنات، ولكن يبدو ان اربابه اقوى وصوتهم اعلى وفعلهم امضى”.

تمكن النواب الذي اصطفوا ضد الحكومة والشعب ومع المتهمين بالفساد وقبل ان يبرئهم القضاء جميعاً ونهائيا من اقالة وزير الدفاع، حتى انهم احتفلوا فوراً ،في صور بجانب لوحة التصويت وفي البيوت ،وشماته في اللقاءات التلفزيونية في حالة من عدم التوازن والمريب دائماً غير الواثق من مزاعمه وحينما يحقق هدفه يفضح نفسه في تعابير تدلل على المفاجأة اكبر من ان يخفيها.

خسر خالد العبيدي المعركة لان جذور الفاسدين اقوى من ان تقتلعها حركة فردية وتصدر عن عجالة لمواجهة الصفقات ولتقلب النواب ورسم السياسة على اساس الاهواء والامزجة والمصالح الضيقة وليس على اساس المبادئ والعمل بموجب العدالة والنزاهة التي وجهت اليها ضربة قوية.

سحب الثقة تؤكد مرة اخرى  ان مجلس نواب المحاصصة مايزال ضعيفاً وان اعضاءه ليسوا احراراً في اتخاذ قراراتهم وتتحكم بهم كتلهم والمصالح الضيقة والصفقات التي تبرم في الخفاء.

الجلسة الاولى كانت عبارات الاستحسان فيها على شفاه غالبية النواب وسطرت جمل الاعجاب بشجاعة الوزير ولكن بعد اسبوع تبدل الحال ولم يقف معه في ساحة الوغى ضد الفساد سوى 7 اعضاء ليس الا، ومن ثم في جلسة سحب الثقة ارتفع العدد الى 102 نائباًهذا التذبذب ليس بعيداً عما كان يطبخ خلف الكواليس من مقايضات وحتى طمع بالمنصب من دون الاهتمام الى تأثير القرار على ساحة المعركة مع داعش الارهابي، او الأخذ بالحسبان الاداء الذي تميز عما سبقوه.

انها معركة تداخلت فيها الخناجر والطعن تحت الحزام ولم يتمكن خنجر الحق من الاجهاز على بعض الوالغين في الفساد وهي ليست المرة الاولى التي يضل فيها الشجعان ولا يصلون الى الهدف.

لم يصمد النواب على مواقفهم الاولى وحفروا قبرهم بيدهم ولا يتوهمون ان من إنتصر انه يستطيع ان يحافظ على هذا الانتصار، وان غداً لناضره قريب.

الواقع ان معالجة الوزير لمسائل الفساد لم تكن موفقه فقد بدأ اتهامه كرد فعل على استجوابه ربما لو اجل الاتهام لما بعد الجلسة أي فصل بينه وبين والاستجواب لتغير مجرى الاحداث كما ان العامل الدولي لا يقبل باية هزة تطيح ببعض النافذين من مسرح الاحداث، الى جانب الصفقات التي يمكن على اساس حساب الربح والخسارة تقلب المواقف راساً على عقب ،ولكل شيء هناك تسويغ جاهز وبدافع عنه بحماسة حتى انهم غيروا الاليات ليكون التراجع مقنعاً الان، قد يغتنم رئيس الحكومة الفرصة ولا يعين احداً في منصبي وزير الداخلية ووزير الدفاع ويبقى يديرهما بالاعتماد على الوكلاء في كلا الوزارتين .

كما ان هذه الاقالة ستعمق من الشرخ الذي ضرب تحالف القوى وصدع وحدته ربما يجعلها في خبر كان ولاسيما ان الطامحين في خلافة العبيدي كثر كل منهم يمني نفسه في وراثته وسال لعابه اليه وتبارى في تقديم الولاءات والطاعة، وغَّير بندقيته من كتف الى آخر.

وهذا ما سنراه في مسألة تغيير رئيس مجلس النواب بوضوح اكبر، اذ ستزاح جانباً وربما تدفن الى الابد ويمضى البرلمان في ترنحه.

واخيرا نقول ان مجلس النواب بفعلته هذه لن يسترجع اطلاقاً ثقة الشعب ولم يتمكن من اقناعه انه هو الحامي لمصالحه وثروته الناس كانوا يتابعون اولا باول ما يجري ولا يمكن ان يغفروا لمن لم يقف معهم في محاربة الفساد الظلم.

الواقع ان هذه العملية السياسية القائمة على المحاصصة في مؤسساتها تجانب الصواب وكل ما مر عليها الوقت تثبت انها لن تغادر او تتجاوز ما اصابها من مقتل وليس من دواء لمعالجة مشكلات البلاد واعادة بناء الدولة على اسس المواطنة الا بانهاء هذه العملية السياسية والمؤسسات الناجمة عنها وفي المقدمة منها حل برلمان المحاصصة والتوافقات على حساب الشعب.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *