لماذا لا يتقدم العراق ويبقى ضمن دائرة التخلف

لماذا لا يتقدم العراق ويبقى ضمن دائرة التخلف
آخر تحديث:

بقلم:الأشعث الفرزوني

هذا هو الجزء الثاني من المقالة الموسومة ” لماذا لا يتقدم العراق ويبقى ضمن دائرة التخلف ” والتي نشر الجزء الأول منها في موقع كتابات في ١٦ آذار تحت نفس العنوان . وقد كانت خلاصة الجزء الأول ان المنطق البديهي وتجارب التاريخ تشير بوضوح وبدون اي لَبْس بان التقدم والتطور والتحضر يمكن ان يتحقق بإحدى الحالتين : إما بوجود نخبة من المجتمع على درجة عالية من الثقافة والتعلم والإدراك تتولى إدارة البلاد بكل مفاصلها مهما كانت الطريقة التي توصلها للحكم شرط أن تكون هذه النخبة الحاكمة على درجة كبيرة من الإدراك لمسؤولياتها وتتحمل بكل معنى الكلمة مسؤولية بناء جيل جديد ، بل أجيال جديدة ، من المجتمع يفهم ويستوعب المبادئ والممارسات الحقيقية لتحقيق التقدم والتطور والتحضر في المجتمع ، وتؤسس بشكل فاعل دعائم دولة المؤسسات وتكيِّف جميع الإمكانات لتطوير كافة شرائح المجتمع وتأهيلهم بالشكل الصحيح لفهم واستيعاب مضامين الممارسات الديموقراطية المتعارف عليها في دول العالم المتقدم والمتحضر وذلك كبداية لمرحلة ممارسة المجتمع لحقوقه في إنتخاب ممثليه في إدارة شؤون البلد وفق النظم الديموقراطية الحقيقية . أما الحالة الثانية لتحقيق التقدم والتطور والتحضر فتتمثل بوجود مجتمع عموم شرائحه يحمل من الوعي والإدراك والثقافة ما يؤهله لإحداث ثورات إجتماعية لتصحيح مسارات السلطة الحاكمة أو حتى تغييرها وانتخاب سلطة حاكمة تعي وتدرك بوضوح تام وبمسؤولية عالية معالم التقدم والتطور والتحضر وتؤسس دولة مؤسسات وتضع كافة المستلزمات الضرورية لإرساء قواعد النظام الديموقراطي الصحيح المبنية على مبادئ الحرية واحترام الانسان وكرامته وتحقيق العدالة وحرية الفرد في اختيار ممثليه لإدارة شؤون البلد وإرساء قواعد حكم المؤسسات وسيادة القانون وتوجيه إمكانات الدولة بإتجاه تحقيق التقدم والتطور والتحضر بما يخدم مصالح المجتمع كافة ومستقبل أجياله . والآن سنحل ونختبر بموضوعية حالة العراق وما آلت اليها تجربة نظام الحكم منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الآن .

أولاً : فيما يخص الحالة الأولى التي بموجبها يتحقق التقدم والتطور والتحضر وهي وجود نخبة سياسية على درجة كبيرة من الثقافة والوعي والإدراك والتعليم والخبرة ومدى تحقق ذلك في الحالة العراقية فإن استعراض بسيط لخلفيات ومؤهلات وثقافة ووعي وإدراك والشعور بالإنتماء لجميع من تولوا مسؤولية إدارة البلاد لحد الآن يكشف بوضوح ضحالة ووضاعة وتخلف معظمهم من جميع النواحي وعدم توفر أي من الثقافة والمعرفة العلمية في إدارة الدولة . فمعظمهم لا يصلح حت لإدارة شعبة في دائرة غير مهمة . وما على القارئ إلا أن يُسٓطِر بجدول أسماء الساسة والنخب التي تتحكم بشؤون العراق وتحديد مستوى تعليمهم وثقافتهم وإدراكهم وإنتماءاتهم وتحضرهم وماضيهم وخلفياتهم وإنجازاتهم عندها سيجد مدى ضحالة وتخلف هؤلاء . إن من يتحكم الآن في الشأن العراقي ومستقبله هم مجموعة من الأشخاص والمجموعات والكيانات التي تتمثل ببعض التسميات التالية ( فقط على سبيل المثال ) : مقتدى الصدر ، هادي العامري ، قيس الخزعلي ، نوري المالكي ، أبو مهدي المهندس ، المرجعية الدينية للسيستاني وممثليها كافة ، عمار الحكيم ، وجميع الخط الثاني من ذيول هؤلاء ” القادة ” وكثيرون تعرفونهم أنتم جيداً . هل يُعقٓل أن يُحكَم ويدار العراق من قبل هذه المجموعة المتخلفة بكل مقاييس التقدم والتحضر في العالم . أبسط الإثباتات ، حتى للأغبياء ، هي مدى تخلف وتأخر العراق من جميع النواحي بحيث يتربع العراق أسفل القائمة بين دول العالم من ناحية التقدم والتطور والتحضر ويتربع العراق أعلى القائمة في التخلف والفساد والفقر وإفتقاد الآمان ، وكل هذه الحصيلة هي بسبب هؤلاء ” السياسيين والشخوص ” الذين حكموا العراق .

ثانياً : بالنسبة للحالة الثانية وهي وجود وعي وإدراك شامل لمعظم شرائح المجتمع بحيث يستطيع مثل هذا المجتمع أن يُحدِث تورة وتغيير شامل على طبيعة النظام من خلال مواقفه وتحركاته في توجيه الجماهير نحو إيجاد وترسيخ قواعد الحكم الديموقراطي الصحيح ، وإختيار القادة الوطنيين من المثقفين والمتعلمين والمتحضرين لتصحيح مسارات العملية السياسية لصالح تقدم وتطور وتحضر المجتمع . ومثل هذا التغيير الجوهري يحدث فقط عندما تكون معظم شرائح المجتمع مثقفة وواعية ومدركة لمصالحها ومستقبل أجيالها . ولإختبار هذه الحالة على العراق فسنجد بأن المجتمع العراقي ، مع كل الأسف ، ما زال مجتمع متخلف وبدائي في معظم شرائحه لا ينسجم مع متطلبات التقدم والتحضر . فالعادات القبلية والعشائرية تسود حياة المجتمع في كثير من المفاصل ، وكذلك الإنتماء الأعمى الطائفي يطغي على كل شيء سواء في التعاملات الخاصة او العامة ، يضاف الى ذلك عدم توفر مقومات الدولة الحديثة بالنسبة للعراق حيث وجود أكثر من مراكز قوى في إتخاذ القرارات المصيرية ، ووجود مليشيات وعصابات مسلحة ، وتحت مختلف المسميات ، الى جانب وجود مراجع وكيانات دينية تتدخل بشكل مباشر وغي مباشر في جميع قرارات الدولة الأساسية . يضاف الى كل ذلك إن الكثير من شرائح المجتمع العراقي غير مثقف ومغيّب يسهل تماماً إنقياده بتوجيه أو بفتوى من رجل دين متخلف بكل معنى الكلمة بحيث يمكن ببساطة أن يفوز بالإنتخابات شخص نكرة غير متعلم وغير مثقف وغير متحضر ليحكم البلد بسبب إكتسابه لأصوات عديدة من قبل جهلة ومتخلفين تعليمياً وحضارياً .

في ضوء ما جاء أعلاه ، هل إقتنعت أيها القارئ بان ليس للعراق أي أمل في التقدم والتطور والتحضر ، إذاً ما عليك أيها العراقي المثقف إلا أن تجد مستقبلك ومستقبل عائلتك في مكان آخر غير العراق . بالتأكيد سيشكرني البعض على هذه النصيحة .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *