الماء عند الصابئة المندائيين مقدّس، فهو يطهر الأرواح والقلوب والأبدان، واذا جرى بين الربوع، نضفها من الأوساخ والأدران والعفونة، ويجعلها بهية مشرقة، الماء يتجلّى بكلّ طقوسهم العبادية، ويتم الاعتماد عليه في الصيف او في الشتاء، ربما يمرض المندائي في ايام الذروة الباردة، لكنّه يهبط في المياه مبتهجا كالعرائس
حنين
الشاعرة تعلن عن شوقها العارم، وتكتب قصيدتها (يا نهر) في العام 1973، من ضفاف نهر السين في باريس، محملة بالاشواق والحنين الى نهرها الخالد الجميل، طافحة بالحب والامل والحياة والمودة.
البرد الذي تهرب منه الناس الى بيوتها الدافئة، جنة مفتوحة الابواب، والشعر الفاحم الذي اعتراه المشيب، يتناثر مثل الصفصاف لكي يتحنّى بالامواج
السعيدة.
المروج الخضراء تفتح ذراعيها للمياه العذبة الوفيرة، حينها كانت الاراضي الزراعية تعيش مجدها الذهبي، ثم امتدت يد الزمن الجائر، لإزالة البساتين وبناء القصور. العاشقة تنادي النهر أن يأخذها على صدره الفسيح، بالحنو والترحيب والدلال، وتتمنّى كثرة المداعبة حتى ولو في الحلم, الذي هو انعكاس لمشاعرها الصادقة، ولان الوجود يقوم على الاحلام والامل
عمر الماء أبدي لأنّه لا يموت ولا يشيب، يتباهى بسيوله الراكضة صوب الحقول المتعطشة للرواء، بينما عمر الإنسان محدد وقصير، وهذا حكم الحياة الظالم على الكائنات الحالمة بعمر طويل. الأمواج من ماس ومن ذهب، موجة تسابق موجة في الوصول الى مبتغاها الأخير، وإنّها نبض يسري في صدره الموشى، بالطيور والمراكب والشعراء والصيادين، تحملها نسائم الهواء العبقة
باريج الزهور.
الشاعرة بين الاطياف والذكريات والكتابة، ورغم كثرة الأنهار والبحيرات والشطوط في فرنسا، تعلن عن خسارتها الفادحة من دون نهرها الجامح العنيد، المقاوم للموت
والزوال واليباس.
(عمرك أبد يا أبد / متباهي بسيله / وعمري شكثر جم شهر / جم يوم جم ليله / موجه اعلى صدرك نبض / نسمة هوه تشيله / بلياك يا ضيعتي / والكلب