بغداد/شبكة أخبار العراق- ما زالت المؤتمرات التي تعقد خارج العراق ، التي يشترك فيها معارضين، وممثلين للسنة في الدولة العراقية قائمة ، رغم اصدار مجلس النواب العراقي قرارا بمنع المشاركة فيها الا باذن الحكومة العراقية. هذه المؤتمرات ارتفعت وتيرتها بالفترة الماضية واتت بالتزامن مع الحراك المحموم الذي شهدته الاروقة السياسية السنية، التي شهدت بدورها ما نستطيع تسميته (تصفية الحسابات في داخله) من اجل الفوز بالقرار السني في عراق ما بعد تنظيم داعش الارهابي. هذا الحراك الذي جسدته هذه المؤتمرات تم باجواء متوترة كشفت عن خلافات كبيرة وانقسام بين القوى السياسية الداعمة للقوى المعارضة ، وبين القوى المنسجمة مع النظام السياسي الحالي. اخر هذه المؤتمرات هو (مؤتمر بروكسل لقيادات من المكون السني)، الذي تم في سرية تامة يومي 18- 19 من الشهر الحالي.
يشار الى ان أبرز نتائج هذا المؤتمر، هي الاطاحة برئيس البرلمان سليم الجبوري، من زعامة “الحراك السني”، التي أسندت إليه في مؤتمر سابق عقد بالعاصمة التركية أنقرة في الثامن من آذار الماضي. يشار الى ، ان الاجتماعات عقدت بحضور اكثر من 15 شخصية سياسية سنية بارزة بمشاركة مساعد وزير الخارجية الاميركي جوزيف بيننغتون وموظفي قسم العراق بالخارجية الاميركية وممثلين عن دول الاتحاد الاوربي. وتقول المصادر إن “منظم اللقاء بين القيادات السنية، هو معهد السلام الاوربي، الذي قام وفد يمثله بزيارة لبغداد في نيسان الماضي، التقى فيها شخصيات سياسية بارزة منها زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورئيس البرلمان سليم الجبوري ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس التحالف الوطني عمار الحكيم ورئيس جبهة الحوار الوطني صالح المطلك، بالاضافة لاجتماعات عقدها وفد المعهد مع شخصيات اكاديمية وباحثين في المجال السياسي”.
وكان الوفد الممثل للمعهد الاوربي، الذي زار بغداد، ضم مارتن كريفت رئيس المعهد ومستشارة المعهد للشؤون الاوربية نسيبة يونس ومستشار المعهد للشؤون الاميركية سعدي عثمان، وهو مستشار مدير المخابرات الاميركية (CIA) السابق الجنرال ديفت بترايوس.ومن ابرز الشخصيات التي حضرت مؤتمر (بروكسل) وزير المالية السابق رافع العيساوي, ورجل الاعمال خميس الخنجر, وقائد حرس نينوى اثيل النجيفي, والنائبة البرلمانية ناهدة الدايني, ونائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلك, والنائب احمد المساري, وزعيم الحزب الاسلامي اياد السامرائي, والبرلماني خالد المفرجي, والباحث الاكاديمي يحيى الكبيسي، ونائب محافظ كركوك ريكان الجبوري، فضلا عن ممثلين عن دول الاتحاد الاوربي متخصصين في الشؤون الخارجية.
وكشف السياسي المعارض ناجح الميزان، ان مؤتمر بروكسل هو خطوة اولى لمؤتمر دولي على غرار مؤتمر الطائف، مشيرا الى ان الجميع عازم على هذا الامر.وقال الميزان ، ان “مؤتمر بروكسل صلح ما تم تخريبه في مؤتمر انقرة، متهما رئيس مجلس النواب سليم الجبوري ” بالحلف مع ايران ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي وهو لا يصلح ان يكون ممثلا للحراك السني”. وعد الميزان ، ان “ما حدث في مؤتمر انقرة كان مؤامرة، من خلال حضور الاغلبية من الحزب الاسلامي الموالين لسليم الجبوري ، ما دفع الجميع الى التفكير بازاحته ، وهذا الامر حدث فعلا في مؤتمر بروكسل الذي صلح ما تم تخربه في مؤتمر انقرة”.وزاد ، ان “سليم الجبوري خرج اكثر من مرة وقام بتمجيد ايران، متسائلا: كيف يمجد بايران التي هي المصدر الاساسي لتنظيم داعش الارهابي، والمليشيات التي هي وجه لعملة واحدة مع داعش”.
واضاف، ان “السنة يجب عليهم ان يتوحدوا برؤيا واحدة في المستقبل، اذ ان لديهم مطالب عديدة اهمها رفض الاقاليم الطائفية والتأكيد على فدرلة المحافظات السنية ، متهما بعض الشخصيات السنية مثل مشعان الجبوري وعبد الرحمن اللويزي واحمد الجبوري “بعدم قدرتهم بان يكونوا جزء من الحل لانهم جزء من المشكلة كونهم حلفاء لايران”.اما عن التسريبات التي اشارت الى امكانية عقد مؤتمر للسنة في بغداد يحضره حتى الشخصيات المطلوبة قضائيا، رأى الميزان بان “هذا الامر غير عملي بالمرة ، لان بغداد التي فيها المنطقة الخضراء هي مصدر للازمات بسبب عدم مسؤولية الطبقة السياسية التي لا يمكن الوثوق بها”. الميزان، ان “حضور الشخصيات المطلوبة للقضاء الى بغداد ، سوف يجعل اي مؤتمر غير مجدي، لان نظر واهتمام المطلوب للقضاء سوف ينصب باتجاه اسقاط الدعوى الموجهة ضده وليس على المؤتمر ما يدفعه الى التنازل عن كثير من قناعاته”.
من جانبه اكد النائب عن محافظة نينوى عبدالرحمن اللويزي، ان مؤتمر بروكسل مكمل لمسألة تعدد المؤتمرات الخارجية التي تتمتع بمصدر واحد وهو الاقليم السني الذي ينسجم مع بعض الاطراف وخاصة تركيا.وقال اللويزي،ان “المعبر الرسمي عن رأي تركيا في داخل العراق هم ال النجيفي ، وان التحول الوحيد في نهجمهم هو تجميل مسألة الاقاليم وخاصة اقليم نينوى لتدمير المحافظة”.واضاف، ان “مسألة الاقاليم بالنسبة لتركيا ليست مسألة عادية، فلها ارتباطات اقتصادية تصب بالفائدة عليها تحت يافطة اعادة الاعمار الذي يسيل لها لعاب الشركات التركية “.وتابع اللويزي ، ان “هذه النخب التي تعزف على وتر (مرحلة ما بعد داعش) وتحاول اخافة الناس منها هو استغلال واستثمار لهذه المسألة لتحقيق الاجندات ، متسائلا “لماذا هذه الصورة السوداء على مرحلة ما بعد داعش ولماذا دائما يركزوا على سلبياتها دون النظر لايجابياتها”.
واوضح، ان “من ضمن الايجابيات لمرحلة ما بعد داعش هي ادراك الناس لخطورة داعش ، كذلك الحكومة التي اعادت النظر بسياستها السابقة وهذه مؤشرات تدل على انها استفادت من الاخطاء السابقة ما يجعلنا ننظر للمرحلة المقبلة بنظرة متفائلة”.وقلل اللويزي من اهمية اتهامات الميزان له بالحلف مع ايران ، وقال “لو كنا حلفاء او عملاء لبعض الدول لاسندت الينا ارفع المناصب حتى لو خسرنا الانتخابات كما حدث لاشخاص يعتلون حاليا ارفع المناصب رغم انهم لم يحضوا بثقة قضاء من اقضية العراق”.واضاف ، ان “العمالة ليست اصنافا ، بل صنف واحد ، فلا فرق بين العمالة لتركيا او لايران او دول الخليج ، وليس هناك عمالة محمودة وعمالة مذمومة، ولو كنا نعتقد بخلاف ذلك لاصبحنا كما البعض الان عملاء لتركيا ودول الخليج حينها لكانت تلك الدول ستختارنا لحضور مؤتمر اسطنبول كما اختارت غيرنا من الشخصيات السياسية التي فضحت عمالتها بهذا الاختيار”.
بالمقابل رفض المحلل السياسي التركي اوغوزهان كادي، كلام اللويزي، بسعي تركيا اقامة الفدراليات السنية في العراق ، استنادا الى رغبة ال النجيفي.وقال كادي ، “لا يمكن للحكومة التركية ان تقف موقف الداعم لهكذا فدراليات مستندة على المذهب وخصوصا في المرحلة الحالية ، مشيرا الى انه ، لو كانت تركيا تدعم هذه الفدراليات لكانت دعمته في مؤتمر انقرة الذي عقد قبل مؤتمر بروكسل”.الا ان كادي اشار الى اهمية محافظتي الموصل وكركوك، وعد ان هاتين المحافظتين هي اراضي تركية، وان الحكومة التركية لا تسمح بالمساس بهما.
الى ذلك رأى احد وجهاء منطقة النمرود في محافظة نينوى القيادي في الحشد العشائري خالد الصباح الجبوري، ان الغاية من مؤتمر بروكسل وبعض المؤتمرات الاخرى هو اعادة حزب البعث المنحل للحياة السياسية في العراق.وقال الجبوري ،ان “حزب البعث المنحل لم يسقط في مناطقنا، اذ انه ما زال موجودا ، مشيرا الى ان سبب تهجم المؤتمرين في بروكسل، على الحزب الاسلامي وباقي الشخصيات ، هو لان الحزب الاسلامي وهذه الشخصيات خرجت عن طريقهم “. وعد الجبوري، ان “كل معاناة اهل السنة اتت من الشخصيات التي حضرت في مؤتمر بروكسل، الذين يتحملون مسؤولية تهجير شبابنا وممارسات هتك الاعراض التي جرت ببعض المناطق ، وكذلك مسؤولية الحضارة التي دمرت بسبب طمعهم الاستيلاء على السلطة”. واضاف، ان “هؤلاء يمثلون احزابهم واطماعهم ولا يمثلون اهل السنة ولا يمثلون العراق، اذ ان من يمثل السنة هم دافعوا عن مناطقهم وراهنوا على وطنيتهم وعراقيتهم الاصلية”.