مؤتمر لإعمار العراق أم لسرقة المانحين؟

مؤتمر لإعمار العراق أم لسرقة المانحين؟
آخر تحديث:

 بقلم :فاروق يوسف 

لمَ لا يتقشف العراقيون بدلا من أن يتسولوا على أبواب الدول المانحة ويعرضوا أنفسهم لسخرية شركات الاستثمار العالمية؟.يشكك الكثيرون في موقف الحكومة العراقية من مسألة إعمار بلادها المدمرة بسبب الحروب الخارجية والداخلية، وبسبب السلوك الفوضوي الذي فرط بكل ما كان العراق يملكه من مصانع وجامعات ومشاريع زراعية.

تعرف جميع الأطراف المعنية بالشأن العراقي أن هناك هدرا هائلا للأموال في العراق. وهو هدر منظم سُنت من أجله القوانين وصار مجلس النواب يجتمع دوريا من أجل أن يضفي عليه صلابة تشريعية.لذلك فمن غير المتوقع أن تستلم الحكومة العراقية ما تحلم بالحصول عليه نقدا. لا لشيء إلا لأن ذلك النقد من وجهة نظر الجميع سيذهب إلى أرصدة الأحزاب التي تتقاسم ثروات البلد في ظل نظام المحاصصة.

ليس المطلوب من الدول التي تتعاطف مع الشعب العراقي في محنته أن تضع أموالها في خدمة من صنعوا تلك المحنة. فالفساد الذي التهم الأخضر واليابس هو في النهاية صناعة عراقية، وإن امتدت جذوره إلى سنة الاحتلال الأميركي الأولى، حين عطل بول بريمر، سيد سلطة الاحتلال، القوانين مما سمح بتأسيس دورة حياة كاملة للفساد.

ما لا يُخفى على تلك الدول أن ممثليها في مؤتمر المانحين سيلتقون وجها لوجه مع اللصوص الذين حولوا بلدا ثريا إلى بلد يستجدي هبات الآخرين. سيكون السؤال جاهزا “ماذا فعلتم من أجل إصلاح النظام الاقتصادي في بلادكم التي عاشت ظروفا استثنائية لأكثر من ربع قرن؟”.

لقد نشأت في العراق الجديد فئات طفيلية تمكنت من الإمساك بثروة البلد من غير أن تفعل أو تقدم شيئا لشعبه. تلك الفئات هي التي تتولى تصريف شؤون الاقتصاد في ظل حكومة لا تستعين بخبراء الاقتصاد، بل تخشى أن يقول أولئك الخبراء رأيهم المهني في ما تقوم به. الدولة الريعية التي أنشأها الفاسدون لم تشمل العراقيين كلهم برعايتها.

حين استولى حزب الدعوة على الحكم خص أعضاءه ومناصريه برواتب لا يحلم بها الوزراء في أوروبا. أما الخدمة الجهادية فقد كانت عنوانا لنهب المال العام، فمن خلالها ذهبت مليارات الدولارات إلى جيوب بشر ساهموا يوما ما في تدمير الدولة العراقية.

ما يُضحك في عمليات الفساد أن هناك حوالي ثلاثة ملايين سجين سياسي يجري تعويضهم شهريا بمبالغ خيالية. مَن يعرف تاريخ العراق لا بد أن يدرك أن لا وجود لما يُسمى بالسجين السياسي في بلد عُرف بطغيان لغة العنف.

غالبا ما كان العراقيون يعدمون خصومهم ما إن يتمكنوا من السلطة. كذبة السجين السياسي هي باب من أبواب الفساد ليس إلا. أما بالنسبة لما يتقاضاه المسؤولون الكبار في السلطات الثلاث من رواتب فإن العقل الاقتصادي العالمي سيقف حائرا أمام حجم الفضيحة. تعرف دول العالم أنها تتعامل مع حكومة مترفة.

وكما يبدو فإن تلك الحكومة تحاول أن تستغفل العالم من خلال استعراض خراب البلد الذي تحكمه. وبسبب صلف الأحزاب التي تحكم في العراق، فإنها لا تدرك أن الدول التي قررت التضامن مع الشعب العراقي تعرف أن أموالها لن تصل إلى المحرومين، وأن تلك الأموال إن ذهبت إلى جيوب الفاسدين لن تبني بيتا واحدا في المدن المهدمة.

سيصدم سياسيو العراق بمطالبة الدول المانحة بإصلاح الاقتصاد العراقي. سيصدمون بأن فلسا واحدا لن يذهب إلى جيوبهم. فالبلد الذي أهدروا ثرواته قادر على أن يقف على قدميه من غير أن يتعرض لمذلة التسول.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *