يتداول العراقيون بمثل شعبي يقول” ملكيون أكثر من الملك” في اشارة الى المبالغة في التفاعل مع الأحداث ضمن فوبيا سياسية معروفة الأسباب والنوايا في مرحة تاريخية لم تلعن أختها بحكم أجتهادات لا تتاثر بالمتغيرات لاعتبارات تقترب من الروتين أو الرتابة بعيدا عن حقوق الانسان و المواطنة، ليجعلها مرحلة تاريخية مجتزأة بينما هي قضية انسانية.
وطالما لم يعد العراق يختط منهاجا قوميا كما في سنوات خلت، فانه من المنطقي مراجعة قرارات المرحلة السابقة من باب التقويم و إصلاح ذات البين على مختلف المستويات بعيدا عن المزاجيات، وهنا تقفز الى الواجهة قضية يهود العراق و اسباب عدم عودتهم الى البلاد رغم كل المتغيرات السياسية و الجغرافية و نمط العلاقات الدبلوماسية المختلف عن خمسينيات القرن الماضي، بكل سلبياتها، سيما و أن باقي التكوين المجتمعي العراقي قد حصل على الأعم الأغلب من حقوقه بعد 2003، باستثناء اليهود الذين ظلت قضيتهم طي النسيان.
ولكي نتحدث بصراحة عن المواطنة و الاقصاء و التهميش فان عراقية المرء تتقدم على انتمائه المذهبي، هذا ما تعلمناه من منطق الحياة لا توصيفات سياسيي المزاجيات و الشحن ، لذلك خلت الكثير من الوثائق العراقية من التوصيف المذهبي لكنها أحتفظت بشعار الجمهورية بغض النظر عن عدد النجمات و الألوان.
الظروف الجيوسياسية التي دفعت الى تهجير اليهود من العراق لم تعد موجودة ما يفتح الأبواب أمام السماح باعادة توظينهم في بلد المولد، ما يستدعي طرق هذا التابو بشجاعة تنسجم وحقيقة أن حب الوطن لا يُفصل على الهوية الدينية، بدليل ان العراقيين يختلفون مذهبيا و يتفقون على الخصوصية العراقية، و اليهود لا يشذون عن القاعدة، بدليل أنهم يحتفظون بجالية في ايران و ممثلين في النواب رغم العداء المعلن بين طهران وتل أبيب، فيما الأجدر بعراق التسامح أن يستوعب ابنائه دون النظر الى ألوانهم المذهبية.
ومن يدري فلو بقى اليهود في العراق ربما ما كان له ان يتعرض لهذه المصائب المتراكمة، ثم أن الأنظمة “الثورية جدا” باجتهاداتها الحماسية بروح الفوضوية، هي التي تسببت باقامة دولة اسرائيل عن قصد او سوء طالع، فلو بقيت الجاليات اليهودية في الوطن العربي لأختلف شكل المنطقة بالوقت الحاضرن وانا أتحدث من زاوية انسانية اكثر من غيرها!!
لم انطلق من فراغ في هذه المقدمة فقد ذكركشف رئيس لجنة الأوقاف والشؤون الدينية النيابية عبد العظيم العجمان عن وجود عراقيين من الديانة اليهودية في البلاد يمارسون طقوسهم بعيداً عن الضغوط، فيما بين أن ممثلين عنهم عقدوا اجتماعات داخل البرلمان ، وهو ما يتطلب شجاعة اضافية لطرح القضية أمام تصويت شعبي عراقي يتعلق فقط بعودة اليهود، عندها سنجد أن نسبة عالية من المواطنين ستصوت بالايجاب لهذه القضية المحورية، خاصة مع مشاعر عراقية جديدة توازن بين العدو و الصديق على اسس مختلفة، فالخوف من تمدد إسرائيل بات اقل و طأة مقارنة ب ” الابتلاع” الايراني، لذلك يحتاج العراق الى صحوة متأخرة بوضع ابنائه امام القانون لا الفكر الحزبي القومي أو الديني عندها سنكتشف أن عراقية اليهود حق تاريخي لا منة من احد!! والعراق بدون كل الطيف المجتمعي سيبقى عرضة للاختراق و التخدير و سلب الحريات!! العراق بحاجة الى جيل من القيادات غير المؤدلجة الا بالخوف على هيبته واستقراره!!
شاكر الجبوري
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]