ماهي معايير الحكم على تفاهة المجتمع او عدمها ؟

ماهي معايير الحكم على تفاهة المجتمع او عدمها ؟
آخر تحديث:

بقلم:صلاح حزام

قبل ايام ارسل لي صديق مقالة جميلة لكاتب مقتدر ، تتحدث المقالة عن مؤامرة تقودها اجهزة استخبارية لدفع العالم نحو التفاهة.ونحن لسنا استثناءً من تلك المؤامرة ، ويعدد الكاتب بشكل سليم وواقعي كيف أُزيحت مظاهر وحلّت محلها مظاهر أخرى.ام كلثوم ، بكل هيبتها وطريقتها في الغناء ،حلت محلها مطربات يستعرضن اجسادهن ، والملابس المحتشمة حلت محلها الملابس الممزقة الخ…انا لا اختلف ابداً مع السيد الكاتب ، لكن مقالته وغيرها من الكتابات العالمية التي تتحدث عن شيوع التفاهة ، دفعتني لطرح تساؤل على الاصدقاء واتمنى ان اقرأ وجهات نظرهم.

شيوع مظاهر التفاهة تعني ان المجتمع اصبح تافهاً لان المجتمع يستمد صفاته من مجموع صفات اعضاءه .اذا كانت هذه مظاهر المجتمع التافه ، فهل يعني ان مجتمعنا صار تافهاً بشكل عام ؟هل هذه هي العناصر التي يتم بموجبها الحكم على كون المجتمع تافه او رصين وجاد ؟هل كان مجتمعنا رصيناً وعظيماً قبل هذه الموجة من التغييرات في الفن والثقافة والازياء وغيرها؟اذا كان مجتمعنا جاداً وحيوياً ومنتجاً في تلك الفترة ، فماذا استطاعت تلك الرصانة ان تقدم في وقتها؟هل انتجت نظاماً سياسياً راقياً ورصيناً ؟هل انتجت نظاماً اقتصادياً كفوءاً؟هل انتجت طبقة سياسية واحزاب سياسية جادة قامت ببناء الديمقراطية وثقّفت الجمهور بالقيم الديمقراطية والسلوك الحضاري؟في ظل مجتمع الرصانة المفترضة، كانت لدينا احزاب تتقاتل مثل العصابات بلا قيم عليا وتُعبّأ الجماهير الجاهلة بشعارات حماسية كلها تشجيع على العنف ( الثوري).

من ناحية اخرى، وبالنظر في اوضاع المجتمعات الغربية التي بدأت فيها تلك الموجة من التغييرات قبل انتقالها الينا،واذا كانت تلك التغييرات ، الهابطة والمبتذلة، تقود الى التراجع المجتمعي وتراجع الابداع ، لماذا اذاً تحقق تلك المجتمعات هذه القفزات العلمية المذهلة والتطور الاقتصادي والسياسي؟؟انا افتش عن معايير الانحدار نحو التفاهة ، وماذا يترتب على التحول الى مجتمع تافه ؟

انا لا ادافع عن التغييرات الجديدة والهابطة ، بل اسأل هل هي المعيار الذي يؤشر نزولنا ؟وهل نزلنا بالفعل ام نحن لازلنا في نفس القاع؟؟ماهي المؤشرات على كون المجتمع رصين ؟هل هي وضع ابناءه لربطة العنق وتأبط كتاب والحديث بهدوء والاستماع الى موسيقى راقية كلاسيكية وتجنب الشجار والحديث عن تاريخ الفلسفة والفن الخ….وترك الحياة العامة والسياسة والاقتصاد لطغمة من القتلة الطغاة ؟؟

هل هي الخنوع للذل والفقر والتهميش والانزواء في ركن احد المقاهي للجدال حول قضية فلسفية ؟لم نكن في يومٍ ما افضل حالاً مما نحن عليه الآن .الآن فقط لدينا الحق في الصراخ والاستغاثة وشتم بعض السياسيين بحياء وبشروط ، باعتبار تلك مظاهر الديمقراطية.قبل الديمقراطية، كان الصراخ ممنوعاً ، والشكوى ممنوعة باعتبارها نوع من الخيانة للتجربة التاريخية.كان المطلوب الحديث عن ايجابيات مزعومة وحياة عظيمة ورفاه لامثيل له..نفس الخنجر لازال مغروسا في خاصرتنا ، والذي تغيّر هو حق الصراخ من الألم ولكن بشروط ايضاً يحددها الدستور.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *