ماهي ملامح الستراتيجيه الاميركيه الجديده تجاه ايران؟

ماهي ملامح الستراتيجيه الاميركيه الجديده تجاه ايران؟
آخر تحديث:

 بقلم :د. منقذ داغر

منذ التحضير لغزوها للعراق عام 2003 عانت السياسة الامريكية من فقدانها لرؤية وخطة استراتيجيتين لما تريده امريكا من هذه المنطقة . لقد  كان هناك تركيز اكثر على تحقيق مصالح وانفاذ سياسات قصيرة المدى لخدمة صانع القرار والمتحكم في البيت الابيض الامريكي .والشواهد على الفشل الامريكي في العراق كثيرة لكن أهمها هو تسليمها للعراق بل لكل المنطقة لايران لتصبح منطقة نفوذ ايرانية خالصة .

وقد ساعدت السياسات العربية الخاطئة بخاصة من قبل  دول الخليج  والجوار العربي للعراق في نجاح ايران في استغلال الفرصة التاريخية التي أتيحت  لها لبسط نفوذها على مساحة  كبيرة من الشرق العربي امتدت من اليمن  الى لبنان وشملت البحرين , والعراق , وسوريا . وقد بلغت قوة النفوذ الايراني وضعف الموقف الامريكي والعربي تجاهها حداً جعل الرئيس الامريكي السابق أوباما يطلب من السعودية التي أشتكت من تغول ايران في المنطقة ان تجلس مع ايران للتفاهم على ترتيب اوضاع المنطقة وذلك في لقاءه الصحفي الشهير مع مجلة أتلانتك قبل شهور قليلة على نهاية ولايته !!

مع مجيئ الادارة الامريكية الجديدة برئاسة ترامب كان واضحاً ان هناك سياسة جديدة تجاه ايران تقوم على المواجهة بدل الاحتواء . لكن مالم يكن واضحاَ الى وقت قريب ما اذا كانت هناك استراتيجية واضحة للتعامل مع ايران والمنطقة . وقد ازداد الموقف الامريكي غموضاً  بعد الاشارات المتضاربة للرئاسة الامريكية تجاه أزمة قطر مع جاراتها الخليجية وكذلك بعد الموقف المفاجئ والذي بدا غريبا تجاه الصراع مع سوريا اذ بعد التلويح باستخدام القوة العسكرية الامريكية هناك فاجأت الادارة الامريكية حلفائها على الارض بسحبها لدعمهم وابقائهم مكشوفين لوحدهم تجاه نظام الاسد وحلفائه الروس والايرانيين !

مع ذلك فأن التحليل الموضوعي لما يجري بين ايران وامريكا يُظهر ملامح استراتيجية امريكية بدأت ارهاصاتها باستدعاء بولتون ليكون مستشارا للامن القومي وتغيير وزير الخارجية بصقر اخر من صقور السياسة الخارجية الامريكية تجاه ايران وهو بومبيو.  وقد أعلن بوميو في أول تصريح صحفي له ملامح السياسة الخارجية الايرانية من خلال ثمان نقاط ترسم معالم الخطة الامريكية في مواجهة أيران .

 ان اهم مايمكن استنتاجه من معالم الاستراتيجية الامريكية تجاه ايران هو انها تستبدل سياسة الاحتواء القديمة بسياسة المواجهة . والجديد في الموضوع ان المواجهة مع ايران ستتميز بالملامح الاتية :-

1.على الرغم من عدم استبعاد الخيار العسكري تماما الا ان المواجهة ستكون اقتصادية بامتياز وتستهدف ركائز الاقتصاد الايراني القائم على ذراعي النفط والتبادل التجاري مع العالم . ففي مجال النفط اعلن الرئيس الامريكي يوم 2 تموز الجاري ان الهدف هو منع ايران من تصدير اي برميل نفط للخارج . ولتنفيذ ذلك فقد أتفق  مع السعودية على تعويض حصة ايران في السوق النفطية العالمية . أما في مجال التبادل التجاري الخارجي فقد اصدرت الادارة الامريكية تعليماتها  لايقاف التبادل التجاري مع أيّ شركات عالمية تتعامل مع ايران بعد شهر آب القادم. وقد بدأت الشركات الاوروبية فعلاً بايقاف تعاملاتها التجارية مع ايران وهو ماسيضاعف متاعب ايران الاقتصادية وتكون له انعكاسات خطيرة بدأت بالظهور في الشارع الايراني والبازار الذي يشكل عصب الاقتصاد الايراني الداخلي .

2.نقل معركة المواجهة مع ايران من الساحة العربية ( العراق وسوريا واليمن تحديداً) الى الساحة الايرانية . فبعد ان كانت ايران هي التي تختار ساحة المواجهة وتجبر امريكا على التصرف في تلك الساحة طبقا للارادة والخطط الايرانية نقلت امريكا من خلال استتراتيجيتها الجديدة المعركة الى الداخل الايراني واستبدلت طبيعتها من مواجهة عسكرية  الى مواجهة اقتصادية . وبذلك فان امريكا لم تعد تتحدى التواجد العسكري الايراني في سوريا مثلا وتركت ايران لتستنزف  قواها العسكرية وبالتالي الاقتصادية في السوح اليمنية والسورية وتفاقم من مشاكلها الاقتصادية بالداخل الى الحد الذي دفع المتظاهرين الايرانيين للهتاف بقوة ضد فلسطين وسوريا وهي الدول التي تدعمها الالة العسكرية الايرانية .

3.الغاء  الاتفاق النووي  الذي اتاح لايران حرية التحرك الاقتصادي والعسكري وخدم السياسة الخارجية الايرانية . ان انعكاسات الغاء هذه الاتفاقية  سوف لن تتجلى في الجانبين الاقتصادي والعسكري فقط وانما في الجانب السياسي الداخلي  حيث يتوقع ان تزداد الفجوة والخلافات بين الجناحين الاصلاحي والمتشدد في ايران وهذا الأمر بدا واضحاً في دعم التيار المتشدد للمظاهرات الشعبية التي خرجت ضد الحكومة  الايرانية في محاولة منه لاسقاط الحكومة .

والخلاصة فان هناك استتراتيجية امريكية جديدة تجاه ايران  تقوم على مبدأ نخر ركائز الاقتصاد  والسياسة الايرانيتين والرهان  على عامل الزمن الذي سيؤدي في النهاية الى سقوط النظام سواء من خلال الرفض الشعبي له أو ربما من خلال تصعيد عسكري اذا ماقرر الجناح الايراني المتشدد تصعيد الامور عسكرياً. انها ذات الستراتيجيه التي اتبعت لاضعاف العراق قبل غزوه.

 د. منقذ داغر *رئيس المجموعة المستقلة للابحاث ومدير الشرق الاوسط وشمال افريقيا في مؤسسة جالوب الدولية

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *