ما رأي الحكومة في مجلس إعمار مُصغَّر؟

ما رأي الحكومة في مجلس إعمار مُصغَّر؟
آخر تحديث:

 بقلم:عدنان حسين

تحافظ وزارة النفط على تقليدها الصحيح بالإعلان شهرياً عن مجموع إنتاج النفط وصادراته والعوائد المالية المتأتية منه.. هذا يتيح لنا رصد الزيادة المتواصلة في الصادرات وفي العوائد شهراً بعد آخر، وإن كان هذا لا يزيد من اطمئناننا الى المستقبل، فزيادة الصادرات والعائدات لا يترتب عليها بالضرورة تحسين ظروف معيشتنا في ظلّ نظام سياسي فاسد كنظامنا.

آخر إحصائية أظهرت أنّ عوائدنا النفطية بلغت 8 مليارات و55 مليون دولار عن صادرات الشهر السابق (تشرين الأول)، وبالمقارنة مع عوائد الشهر نفسه من العام الماضي نجد أنّ هناك زيادة بقيمة مليارين و500 مليون دولار(عوائد تشرين الأول 2017 بلغت 5 مليارات و455 مليون دولار). بالطبع الزيادة تحصل تدريجياً فعوائد كل شهر تزيد على عوائد الشهر السابق.

على الأرض لا نلمس آثاراً واضحة لهذه الزيادات المليارية المتواصلة، فما مِن مصنع جديد قد بُني ولا من مصنع متعطّل أعيدت إليه الحياة وراح يضخّ السلع من جديد في السوق. وكذا الحال بالنسبة لمشاريع الزراعة والري والنقل والطرق والجسور والماء والكهرباء والصرف الصحي. بل لا تظهر هذه الآثار حتى على مستويات أدنى.على سبيل المثال لا يوجد الآن أي شارع في مدننا كلّها خال من الحفر، وبرغم العوائد النفطية المليارية المتصاعدة لم تنجح دولتنا في تخصيص مليار واحد من الدولارات لإصلاح الطرق والشوارع المخرّبة، مثلما لم تفلح في تخصيص مليار واحد لأغراض النظافة في مستشفياتنا القذرة، أو مليار واحد لإصلاح المدارس الهرمة أو لشراء كراسيّ ومقاعد جديدة لها أو لتوفير وسائل تعليم بصرية وسمعية حديثة لها، أو مليار واحد لتحسين حصة الفقراء والمعدمين التموينية.

الزيادة الشهرية المطّردة في عوائد النفط، كما العوائد الأصلية نفسها، تبتلع النسبة العظمى منها بالوعتان، كل واحدة منها بحجم بحر: بالوعة الاستهلاك ( الرواتب والمخصصات الإضافية وغيرها) وبالوعة الفساد الإداري والمالي (نهب المال العام)، والحال أننا الآن في حال وكأننا لا نبيع كميات متزايدة من النفط ولا نتلقّى عوائد مالية متزايدة هي الأخرى.. كأنّ كل شيء في هذي البلاد متوقف عند المربع الأول!

ما ضرّ لو أنّ الحكومة (بخاصة الحكومة الجديدة التي أمطرتنا بالوعود الخلّابة والآمال الوردية في مناهجها) أنشأت صندوقاً أو مجلساً مستقلاً ،على غرار مجلس الإعمار طيب الذكر، وألقت فيه بالزيادات الشهرية من العوائد النفطية لتُوظّف حصراً في إنشاء مشاريع اقتصادية إنتاجية ومشاريع للبنية التحتية؟

مرّت علينا سنوات كانت فيها عوائد النفط تتراجع شهراً بعد آخر، ومع ذلك عشنا وعبرنا سنوات المحنة تلك، وبخاصة التي أعقبت احتلال الموصل وسواها، بكلّ ما رافقه وترتّب عليه من كوارث عظمى (لم يزل المتسبّبون فيها طلقاء لا يعرف القانون طريقه اليهم).

اقتطاع مليار دولار شهرياً من عائدات النفط لأغراض هذا الصندوق أو المجلس، لن يعيدنا بالتأكيد الى الحال التي كنّا عليها في العام 2014 وما بعده، ولن يُحدث اختلالاً كبيراً في حياتنا، لكنّ المليارات المتجمعة شهرياً إذا ما وُضعت إدارتها في أيد أمينة، نزيهة، وطنية ، يمكنها في غضون سنوات قلائل أن تُحدث فرقاً كبيراً في حياة الملايين من الفقراء، مما يتأتى من عوائد متواصلة ومتزايدة (أموال وسلع وفرص عمل) ناجمة عن المشاريع التي سيجري إنشاؤها بهذه الاموال المقتطعة من عوائد النفط.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *