دير شبيغل الالمانية تحاور الارهابي “ابو عبدالله”المسؤول عن تفجيرات بغداد

دير شبيغل الالمانية تحاور الارهابي “ابو عبدالله”المسؤول عن تفجيرات بغداد
آخر تحديث:

 بغداد/شبكة اخبار العراق-متابعة.. في مقابلة مثيرة للجدل، اجرتها دير شبيغل (Der Spiegel) وهي مجلة أسبوعية ألمانية مصورة تصدر من هامبورغ،  يكشف المدعو  أبو عبد الله، المسؤول عن تخطيط العمليات الانتحارية لتنظيم “داعش” في بغداد، عن كيفية تجهيز المنفذين واختيار الأهداف وجنسيات المقاتلين، مؤكدا أنه ليس سفاحا، بل ما يقوم به هو تنفيذ خطة.فمن سجنه تحت الحراسة المشددة ، تحدث الرجل الثلاثيني عن العمليات الانتحارية وأسرار تنظيم داعش، ولا سيما أنه كان طوال عام ونصف المسؤول اللوجستي للهجمات الانتحارية على يد التنظيم في بغداد. 

اعتقال على قيد الحياة

أبو عبد الله هو واحد من عدد قليل من قادة داعش، الذين احتجزوا على قيد الحياة. معظمهم إما قاموا بتفجير أنفسهم أو ابتلعوا كبسولات السموم لتجنب القبض عليهم.لكن تم اعتقال أبو عبد الله بسرعة بحيث لم يكن لديه الوقت لقتل نفسه، إذ كان تحت المراقبة لبعض الوقت قبل اعتقاله في أواخر تموز عام 2014، كما صادرت السلطات مصنع القنابل الذي كان يديره من دون ان يتعرض لأي ضرر.

 مهام ابو عبدالله

يعتبر أبو عبد الله من اللاعبين الرئيسين لدى داعش في بغداد، إذ كانت مهامه حيوية بالنسبة لتنفيذ الهجمات في المدينة، فكان يختار المواقع ويجهز الانتحاريين ويرافقهم حتى قبل أن يفجروا أنفسهم بقليل.وقال الإرهابي المسجون إن معظم الانتحاريين الذين جهزهم للقيام بعمليات في العاصمة كانوا من جنسيات عربية، لا سيما السعودية وتونس والجزائر، بالإضافة إلى استرالي وآخر ألماني يدعى “أبو القعقاع″، مشيراً إلى أن واحداً فقط من كل عشرة أشخاص كان عراقياً.أما المواقع فكان يختارها بطريقة تؤدي الى قتل أكبر عدد من الناس، خاصة ضباط الشرطة والجنود، مثل نقاط التفتيش التابعة للشرطة والأسواق والحسينيات.وأضاف أنه لا يتذكر بالضبط عدد الهجمات التي خطط لها، لكنه أكد أنه في الربع الأخير من العام الذي تم اعتقاله فيه كان قد خطط 19 عملية تم تنفيذها.وحول اختيار الانتحاريين وجنسياتهم، قال “ذلك كان من واجب المخططين العسكريين الذين في مرتبة أعلى مني، فكان يتم جلبهم لي، ومعظمهم كان يأتي من الفلوجة وكنت مسؤولاً عن الجزء الأخير من العملية أي تجهيزهم في ورشة العمل التي أملكها، وتزويدهم بالأحزمة الناسفة وإرسالهم إلى الأماكن المحددة للتنفيذ”. 

وهذا  نص المقابلة التي أجرتها در شبيغل مع “ابو عبد الله” من وراء القضبان:

 

شبيغل: ما هي المعايير التي استخدمتها عند اختيار مواقع الهجمات؟

أبو عبد الله: كنا نريد قتل أكبر عدد ممكن من الناس – وخاصة ضباط الشرطة والجنود والشيعة.

 

شبيغل: ما هو نوع هذه الأماكن؟

أبو عبد الله: نقاط التفتيش للشرطة والأسواق والمساجد الشيعية فقط.

 

شبيغل: هل ندمت على قتل هؤلاء الناس؟

أبو عبد الله: كانوا كفارا! الشيعة هم الكفار، وكنت على يقين من ذلك.

 

شبيغل: ولكنهم مسلمون مثلك.

أبو عبد الله: ولهذا السبب كانت لديهم الفرصة ليتوبوا ويصبحوا من السنة.

 

شبيغل: ما عدد الهجمات التي نظمتها؟ ومن أين أتيت بالمتفجرات؟

أبو عبد الله: لا أستطيع أن أتذكرها كلها، ولكن في الربع الأخير من العام الماضي قبل اعتقالي، كانت هناك 19 عملية. في هجمات السيارات المفخخة، كنا نستخدم متفجرات الـC4 البلاستيكية والقذائف المدفعية. أما الأحزمة الناسفة، فكنت أجهزها بتفريغ المدافع المضادة للطائرات، لأن مفعول مسحوق البارود بداخلها اكثر قوة، وبالتالي أعبئها في الأحزمة والسترات الواقية في أحجام مختلفة.

 

شبيغل: كيف كنت تختار الإنتحاريين؟

أبو عبد الله: هذه لم تكن مهمتي، العسكريون الذين كانوا في مراتب أعلى مني في التسلسل الهرمي، كانوا يأتون بهم إلي. كنت مسؤولاً فقط عن الجزء الأخير من هذه العملية، أي إعداد الرجال في ورشة عملي، ومن ثم تعريفهم على الموقع المطلوب. وتصلني قياسات الشخص من القيادة في وقت مبكر، حتى أقدم له الحزام المناسب. لكني كنت دائماً أجهز أحزمة بمختلف الأحجام.

 

شبيغل: هل كنت تخبر عائلات الانتحاريين بعد وفاتهم؟

أبو عبد الله: هذه ليست مسؤوليتي أيضاً. الشخص الذي يرسل الانتحاري إلي هو الذي يهتم بأسرته من بعده.

 

شبيغل: من أين أتى هؤلاء الرجال؟

أبو عبد الله: جاء معظمهم من المملكة العربية السعودية، تونس، الجزائر، ورجل استرالي، وآخر ألماني معروف باسم “أبو القعقاع″. كان هناك عراقي واحد من أصل كل عشرة انتحاريين من جنسيات عربية.

 

شبيغل: الانتحاري الالماني لم يكن يتحدث العربية، وأنت لا تتكلم الإنكليزية، فكيف كنت تتواصل معه؟

أبو عبد الله: كان يفهم كلمات قليلة، لكننا استخدمنا الإشارات في أغلب الأحيان. كانت تلك العملية الأسرع والأقصر، فقد أخذته من مكان قريب جداً من موقع التفجير. وكانت المرة الأولى التي يزور فيها بغداد، ثم فارق الحياة بعد 45 دقيقة.

وقتها قلت في نفسي: الآن حتى الناس من ألمانيا يأتون هنا من أجل تفجير أنفسهم. لقد شعرت بالنشوة للقاء مسيحي اعتنق الإسلام وضحّى بنفسه. شعرت بالقرب منه، لأنني أيضاً وجدت الايمان الحقيقي في وقت لاحق من الحياة.

(يشار إلى أن أبو عبد الله كان مخطئاً في مسألة الانتحاري الألماني، فهو لم يكن مسيحيا بل مسلماً، انتقل من المذهب الشيعي الى السني في سن 16 أو 17 عاما، بعد تجنيده من قبل واعظ. وجاء الشاب من عائلة شيعية قديمة في بغداد، ترتبط بزعيم عصائب أهل الحق، والتي كانت تنظم هجمات ضد القوات الاميركية في العراق. اليوم، تحارب هذه الجماعة ضد داعش على عدة جبهات).

 

شبيغل: هل تردد أحد هؤلاء الرجال أو ساورته الشكوك قبل تنفيذ العملية؟

أبو عبد الله: كلا، لأنهم كانوا سيفشلون في تنفيذ مهمتهم. تم إعداد هؤلاء الرجال لفترة طويلة. وكانوا يصلون إلي بهدوء وبهجة. بعضهم كان يضع الحزام ويقول لي مازحاً: “إنه يليق بي”.أبو محسن القاسمي، الشاب السوري، كان يلقي النكات قبل دقيقتين من عمليته وودعني ضاحكاً قبل أن ينفذ العملية. وكان هناك شاب سعودي أيضاً، ذهبت معه لتفخيخ سيارة وتظاهرنا أنها معطلة، ثم تركناها ومشينا بعيداً ونحن نضحك.

 

شبيغل: وجهك يتحول الى اللون الأحمر حين تتحدث عن هذه القصص. على ما يبدو هذه ذكريات سعيدة بالنسبة لك. لو عاد بك الزمن، هل كنت ستفعل الأمر ذاته؟

يقول أبو عبد الله انه لا يمكنه الإجابة على هذا السؤال.

 

شبيغل: كم كان عمر الإنتحاريين؟

أبو عبد الله: كان أصغرهم يبلغ من العمر 21 عاماً.

 

شبيغل: كيف أصبحت المسؤول اللوجستي الرئيس في بغداد؟

أبو عبد الله: تم اختياري من قبل المخططين العسكريين في تنظيم داعش. وسرعان ما أثبت مهارة في العمل. أنا لم أكن مجرد تابع، بل كنت مخططا ومفكرا، كما اني ولدت في بغداد وأعرف المدينة جيداً.

 

شبيغل: ما هي الذاكرة الأقرب إلى قلبك في بغداد؟

أبو عبد الله: عندما كنت طفلا، كنت أذهب إلى حديقة ساورا، وحديقة الحيوانات في بغداد، مع والدي في عطلة نهاية الأسبوع. والدي كان يشتري لي المثلجات. أحيانا كنا نذهب الى الأسواق.

 

شبيغل: كيف يمكن أن تقتل الناس دون تمييز في مدينتك؟ هل كنت تتجنب الأماكن التي لديك فيها ذكريات خاصة؟

أبو عبد الله: لا، قطعا لا! أنا لم أفعل ذلك لأنني متعطش للدماء. كنت ألبي نداء الجهاد. فكرت أن هؤلاء الشيعة في مرحلة ما سيتحولون إلى المذهب السني أو يغادرون البلاد. أنا لست سفاحاً. كنت أنفذ خطة.

 

شبيغل: لكن الخطة لم تنجح، بل أدت إلى زيادة الكراهية.

أبو عبد الله: اعتقدت أن الناس الذين عانوا من الانفجارات سيبدأون بالتفكير أو سيخافون.

 

شبيغل: ومع ذلك لم تنجح.

أبو عبد الله: هذا لا يهم. كنت أنوي أن أستمر حتى يتحول الجميع إلى المذهب السني أو يهاجروا. لا يهم متى. لا يهم!

 

شبيغل: هل كنت ستفجر نفسك أيضا؟

أبو عبد الله: لم أفكر بذلك يوماً. هذه ليست وظيفتي. لقد اخترت التخطيط للعمليات، وليس تنفيذها بنفسي. أنا منسق، ولست منفذا.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *