بغداد/شبكة أخبار العراق- هل سيأتي اليوم/الحلم الذي ستتصدّر فيه أخبار الثقافة نشرة الأخبار الرئيسة للإعلام الفضائي المرئي والمسموع؟ هل يأتي اليوم وتخرج فيه أخبار السياسة خارج نطاق اهتمام المشاهدين؟ اذ لم تعد السياسة وحدها صانعة لسبل الحياة العامة.. إنه الحلم الذي لا يبدو على المستوى المنظور متحققا.. خصوصا ونحن نعيش في بقعة توصف عالميا بالساخنة سياسيا واجتماعيا على سطح الكرة الأرضية.. نحن لا نسمع في نشرات الأخبار عن أوضاع السياسة في بلدان كثر على وجه البسيطة.. فنلندا أو الدنمارك او السويد.. لا نعرف على وجه الدقة خريطة أخبار السياسة لتلك البلدان النائمة ما بين العسل والثلج ببرودة الاعصاب والمزاج الرائق والوداعة على الدوام.. فيما تشتغل القنوات الفضائية الناطقة بالعربية على محاولة استقطاب أكبر جمهرة من المشاهدين لشد اهتمامهم ضمن تطويع المتغير السياسي اليومي لبلداننا المتقلبة من خلال نوافذ الأخبار السياسية الشائكة..إذ تنحصر دائرة اهتمام القائمين على تلك القنوات على بث الخبر اليومي لرجال السياسة في الرأي والتحليل السياسيين، ثم إلقاء الضوء على مشاكل الناس الاجتماعية العامة، ليأتي الاهتمام بعد السياسة ببرامج الرياضة.. ذيل القائمة وتأتي في ذيل قائمة التلقي البرامج الثقافية كمحصلة من باب إسقاط الفرض ليس الا.. ترى متى يتقدم الخبر الثقافي على الخبر السياسي في نشرة الأخبار؟ هذا هو الحلم الذي لا يتحقق على المدى المنظور..إن دائرة الاهتمام الثقافي في القنوات الفضائية تشتغل على برامج أسبوعية معدة لسد الفراغ بين الفقرات وسرعان ما تُقطع تلك البرامج لنقل خطابات الساسة أو بث الاخبار العاجلة القادمة من البقع الساخنة.. فيما تكتفي بعض القنوات بالشريط المتحرك لعناوين الثقافة الأكثر بروزا وبعضها الآخر يُضمّن المادة الثقافية الهامشية قبل الشروع بالساعات الإخبارية المتلاحقة.. بعض البلدان الغربية الهادئة التي تسير فيها الحياة بنسق هادئ، تقدم في نشرات أخبارها المتنوعة موجزا ميسّرا عن أكلات المطابخ ضمن عرضها الإخباري، وبعضها الآخر يقدم تجارب حديثة في فن رسوم الجدران أو عرضا عالميا للموضة الخريفية أو الصيفية.. كذلك هناك قنوات فضائية متحررة من قيود البث السياسي لتعمل جاهدة على إبراز الهوية الحضارية للشعوب من خلال كشف الفعاليات التراثية واظهار أعمال فنية من الثقافات الشعبية وفنونها.. كيس كبير نحن نعلم علم اليقين، ان السياسة العالمية هي التي تتحكم بمصائر الكثير من البلدان وتقلق توجهاتها وتعبث باقتصاديات ثابتة لبلدان أخرى.. هذا ما يسمى بتحول متلقي القنوات الفضائية الى كيس كبير لمادة التلقي السلبي.. ما يسبب لهم الأزمات النفسية المترادفة بفعل ذلك التلقي.. الدراسات النفسية الحديثة تحظر على المواطن البسيط الاستماع والمشاهدة الطويلة لأخبار السياسة، هنا تبرز الحاجة الملّحة لدراسة عوامل استقرار سايكولوجية المتلقي، عندها يتم إدخال المادة الثقافية كمجال ترويحي وتهدئة النفس الضاجة بازعاجات المادة السياسية الثقيلة..التلقي الثقافي مادة أساسية في الحياة العامة للمجتمعات، لكن أغلب الفضائيات الباحثة دوما عن زيادة مساحة مشاهديها، لا تعير اهتماما واضحا للمادة الثقافية المؤثرة..
متى يتقدم الخبر الثقافي على الخبر السياسي؟
آخر تحديث: