مجاهدو خلق بين ثرثرة كوبلر وصمت السيستاني … بقلم علي الكاش

مجاهدو خلق بين ثرثرة كوبلر  وصمت السيستاني … بقلم علي الكاش
آخر تحديث:

لا توجد علامات إستفهام محيرة في مسيرة المالكي تجاه قضية مجاهدي خلق في العراق. فالمالكي وفق كل الإعتبارات والمقاييس رجل إيران الأول في العراق، كما إن حسن نصر الله رجل إيران في لبنان، وبشار الاسد رجل إيران في سوريا. والحوثي رجل إيران في اليمن. لقد تكشفت الأقنعة للجميع بعد الثورة السورية المباركة وصار اللعب على المكشوف. كذلك صار اللعب على المكشوف للشرعية الدولية المتمثلة بممثلي الأمين العام للأمم المتحدة في المنطقة. وهم فعلا تصح عليهم تسمية ممثلين، فهم يصلحون كنجوم على شاشة السينماا لعالمية اكثر منه ممثلين على أروقة الشرعية الدولية. وفوق هذا وذلك، تكشف الموقف الأمريكي بوضوح تجاه الأنظمة الحاكمة في إيران والعراق ولبنان وسوريا، والمستقبل القريب سيكشف الكثير من الفضائح وسيعرف الرأي العام العربي والعالمي كم هو مضلل بفعل الدعاية الامريكية والإعلام الدولي وتابعه المحلي.

وحديثنا سيأخذ محورين ويناقش موقفين محيرين أولهما: موقف الثعلب الأممي مارتن كوبلر من العراق بشكل عام ومحنة مجاهدي خلق بشكل خاص. وموقفه في حقيقة الأمر موقف معيب ولا يليق بعصابات المافيا وليس خبراء دوليين يعملون في أهم منظمة دولية في العالم. مهمتها الرئيسة إشاعة الأمن والسلام وحماية الشعوب وتأمين الحريات الأساسية وتعزيز حقوق الإنسان، ومحاربة مايهددهم من إرهاب وعنف، وإبادة جماعية وأنظمة دكتاتورية، وتمايز طبقي وديني وعرقي وثقافي وإجتماعي.

لقد جفت الحلوق، وإختنقت الأصوات، ونشفت الأحبار ونفذت الأوراق في الوصول إلى أذان الأمين العام للأمم المتحدة، ونزع القطن منها،  في ضرورة الإستعجال بإستبدال ممثله العبثي في العراق مارتن كوبلر. مئات الآلاف من الرسائل من شخصيات قانونية وإعلامية ووزراء وبرلمانيين ومنظمات المجتمع المدني ومحللين سياسيين وعسكريين، كلها فشلت في إيقاظ الأمين العام من غفوته وتنبيهه على عدم حيادية ممثله في العراق. الذي اصبح بجدارة موظف في حكومة المالكي والناطق بإسمها. الإرهاب يعصف بالعراق وكوبلر يطالب بكل هدوء وتواضع الأطراف بالتشاور وحل الأزمات! لا نعرف ما يقصد بالتشاور؟ والتشاور مع من؟ الممثل أنزعج كما يدعي لأن القتلى في هذا الشهر فقط  أكثر من(600)شخص والجرحى(1400) وفق بيانات الحكومة التي لا تعبر عن الأرقام الحقيقية لعدد القتلى والجرحى. حيث أشارت بعثة الأمم المتحدة بالعراق بأن (1045) عراقيا قتلوا بأعمال عنف متفرقة في البلاد الشهر الماضي، بينما أصيب(2397) بجروح.

الأزمة في ليبرتي تتفاقم يوما بعد يوم بسبب الوعود الكاذبة واللامبالاة لمارتن كوبلر تجاه أرواح اللاجئين في ليبرتي. وهم مشمولون بالحماية الدولية كما يفترض بموجب إتفاقية جنيف. وكل الدلائل تشير بأن نظام الملالي في طهران وأقزامه في الحكومة العراقية لم يكفوا أيديهم عن اللاجئين إلا بعد إنهائهم كليا. العشرات من الضحايا بين قتلى وجرحى ومرضى، وحرمان متعسف من أبسط مستلزمات الحياة قي سجون اشرف وليبرتي لم تحرك في الأمين العام ومنظمته الكسيحة ساكنا.

بتنا في يقين تام بين إحتمالين كل متهما أتعس من الآخر. أما إن الأمين العام للأمم المتحدة كالأطرش في الزفة لا يعرف ما يحصل في الدول المنكوبه من أهوال ومصائب. أو إنه عضو مشارك في التآمر على هذه الشعوب المستضعفة.

إما أن يقول قائل بأن ممثلي كي مون في الدول المنكوبه لا يعطونه صورة واضحة ومتكاملة عن حقيقة ما يجري في تلك الدول فإن العذر سيتساوى مع الذنب. إن منصبه يحتم عليه أن يضع جميع دول العالم تحت مجهر واحد وليس عدة مجاهر بابعاد مختلفة. فيبكي بكاء التماسيح لمقتل حندي بريطاني قذر قتل في بريطانيا بسبب مشاركته في غزو العراق، أو مقتل عدد أقل من اصابع اليد الواحدة في ماراثون أمريكي. بينما لا تهز شعرة من رأسه مقتل الآلاف من الأبرياء من سوريين وعراقيين، وتصفية الآلاف من مجاهدي خلق في إيران والعراق. والإبادة الجماعية التي يتعرض لها العرب الأقحاح في عربستان. علما إن القاسم المشترك في كل هذه الجرائم هو النظام الإيراني.

ما الذي يريده الأمين العام منا؟ وما الذي نريده منه؟

ربما الذي يريده منا الأمين العام هو نفس ما تريده الولايات المتحدة منا. طالما إن منصب الأمين العام مرهون بالولاء لأمريكا. فقد أثبتت الرؤيا بأن الأمين العام هو موظف في البيت الأبيض وخدماته معارة للأمم المتحدة بعقد ملزم. وطالما إن الولايات المتحدة لا تريد لنا الخير لنا فالنتيجة إن الأمين العام لا يريد لنا الخير. وهذا ما تثبتته الوقائع اليومية. ولأن شر الولايات المتحدة المستطير طالنا فهو بالنتيجة يُطال من هم معنا. أما ما نريده منه فهو أما أن يتراصف مع الحق أو يكفينا شره.

لقد دفع مجاهدو خلق ضريبة الدماء الغزيرة بسبب الولايات المتحدة التي وعدتهم بالأمن والأمان والحماية وتنصلت عن وعودها بكل خبث ودناءة، فقدمتهم على صحن من ذهب للمالكي وعبارة” تصرف كما يحلو لك بهم، ولك منا الغقلة والتغاضي عما تفعل بهم”. وهم يعلمون جيدا بأن عمالة المالكي مزدوجة لهم ولإيران أيضا. ولأنه لم يُسبب أو يَتسبب طوال مدة حكمه بأي حرج أو تصادم بين الطرفين المحتلين، فهذا الأمر يثير الريب والشكوك.

إن عملية لتوفيق بين جهتين محتلتين ومتعارضتين كل التعارض في مصالحهما وفي بلد واحد. يعني أما أن المالكي عميل خارق يعرف كل فنون العمالة، ولا يضاهيه أي عميل في براعته على مدى التأريخ القديم والحديث، لدوره الفاعل في تحقيق التناغم والإنسجام بين شيطانين، وجمعهما في قمقم واحد. أو أن كل ما يقال عن التعارض والعداء بين الشيطانيين هو هراء إعلامي ودجل وفقاعات هوائية حسب تسمية المالكي. ونترك للقاريء اللبيب الخيار بين الإحتمالين.

إن أي طرف يعادي طرف آخر، يحاول جهد الإمكان أن يستميل إلى جانبه قوى المعارضة في البلد الذي يعاديه. فيدعمهم ماديا ومعنويا وإعلاميا ولوجستيا ويحتضن اللاجئين منهم ويوفر لهم ساحة جيدة لممارسة أنشطتهم ضد بلدهم وهذه قاعدة عامة. وهو ما فعلته إيران بإحتضان المعارضة العراقية ضد النظام الوطني السابق، وأخذ به العراق أيضا في إحتضان مجاهدي خلق والثوار العربستانيين. بلا شك إن ابرز القوى المعارضة على الساحة الإيرانية هم مجاهدو خلق وثوار عربستان وتأتي بعدها معارضة الاقليات العنصرية والدينية المحرومة من أبسط حقوقها كالأكراد والبلوش والأذر وأهل السنة. وكل هذه الفصائل المعارضة لا توليها الولايات المتحدة أي اهمية أو إعتبار!

لماذا تخالف الولايات المتحدة هذه القاعدة مع إيران فقط و تعمل بها مع بقية الأطراف الأخرى؟ ولماذا تُقحم الولايات المتحدة منظمة مجاهدي خلق في قائمة الإرهاب الأمريكي وتتعاضى عن قوى الإرهاب الحقيقية المتمثلة بحزب الله بكل فروعه، وحزب الدعوة الإسلامية والحوثيين؟ ألم تذكر في تقرير السنوي لوزارة حارجتها( تقييم نزعات الارهاب الدولي) الذي نشر بتأريخ30/5/2013 بأن “مستوى الارهاب الذي ترعاه الدولة في ايران ودعمها لنشاطات (حزب الله) الارهابية وصلا الى مستوى لم يتم مشاهدته منذ تسعينيات القرن الماضي مع التخطيط لشن هجمات في جنوب شرق آسيا وأوروبا وافريقيا”. إذ كيف تبرر سكوتها عن الإرهاب الذي يمارسه النظام الحاكم في إيران طالما هي تدرك بأنه تعدى المنطقة إلى أوربا وأفريقيا وشرق آسيا؟

المحور الثاني:ـ يتعلق بالموقف المحير للمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني تجاه مواطنيه الإيرانيين المقيمين في سجن ليبرتي الرهيب.

باديء ذي بدأ…

 معذرة لن أستشهد بآيات من الذكر الحكيم أو الأحاديث النبوية الشريفة لأني أعرف بأن المرجعية العليا لا تثق بهما. لذلك إستعنت بالذكر الحكيم الذي يؤمنون به (نهج البلاغة) المنسوب للإمام علي كذبا وإفتراء! وللضرورة أحكام تعذر صاحبها. ولم استعن بحديث الصحابة لأن المرجعية تكفرهم وتعتبرهم مرتدين! لذلك عولت على من هم موضع ثقة المرجعية والذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد.

يقول الإمام علي” لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ”. وكذلك ” مَنْ شَكَا الْحَاجَةَ إِلَى مُؤْمِنٍ فَكَأَنَّهُ شَكَاهَا إِلَى اللهِ، وَمَنْ شَكَاهَا إلَى كَافِرٍ فَكَأَنَّمَا شَكَا اللهَ”. ويقول سلمان الفارسي” إنّ العبد إذا كان يدعو الله في السرّاء فنزلت به الضرّاء فدعا قالت الملائكة صوتٌ معروف من آدميٍّ ضعيف فيشفعون له، وإذا كان لا يدعو الله في السرّاء فنزلت به الضرّاء قالت الملائكة صوتٌ مُنكر من آدميٍّ ضعيف فلا يشفعون له”. وهناك أقوال عديدة للأئمة الأحد عشر تصب في نفس الإتجاه، مؤكدة على عون المسلم للمسلم، والإستجابة للضعيف، ورفع الظلم عن المظلوم عند المقدرة، وغيرها من شيم المسلمين بشكل عام والرجال الشرفاء بشكل خاص.

اللاجئون إينما وجدوا هم قوى مستضعفة أجبرتها الظروف القاهرة على النزوح من الوطن الأم تاركة كل شيء ورائها من أهل ومال وممتلكات وأصحاب وذكريات، ومهما حاولت الدول الطيبة المستضيفة(بالطبع لا نقصد الدول الإسلامية! لأن موقفها من اللاجئين لا يتوافق مع تعاليم الإسلام، فهو موقف مخزي وعار ما بعده عار على الأنظمة الحاكمة) أن توفر لهم سبل العيش بحرية وكرامة، لكن تبقى في الحلق غصة. إنها الغربة وما أصعب الغربة!

ومن المعروف إن المظلومية التي يتشدق بها الشيعة منذ نشأت ديانتهم ولحد الآن سواء كان يَحكمون أو محكومون أصبحت عماد المذهب ولا تقل أهمية عن الولاية والتقية والبداءة والمتعة. وبلا شك إن من عاش المظاومية كما يفترض المنطق والعقل السليم، أن يكرهها إذا كان فعلا مسلما ولا يتمناها لأخيه المسلم. هذا هو خلق الإسلام الذي تعارفنا عليه. وسكان ليبرتي لهم مظلومية من عدة وجوه. مظلومية لأنهم لا يستطيعون أن يمارسوا نشاطهم السياسي كقوى شعبية معارضة في داخل إيران. فالنظام الإيراني نظام إرهابي وفق كل المقاييس والإعتبارات الدولية، ولا يسمح على أرضه أو خارجها بأية معارضة سلمية كانت أو مسلحة. ومظلومية أخرى لأنهم يعيشون في بلد كالعراق لا يحترم نظامه(الإسلامي) الحاكم تعاليم الإسلام، ولا القانون الدولي.

ومظلومية لحرمانهم من الخدمات الاسياسية كالطبية والخدمية والكهرباء والماء الصالح للشرب ومحطة تصريف المياه الثقيلة، علاوة على حصار الأدوية والغذاء والوقود. ومظلومية لأن النظام الحاكم في بغداد  يتآمر عليهم شأنه شأنه النظام الإيراني، فهم بين مطرقة الخامنئي وسندان المالكي. ومظلومية لأنه لم يحدث في التأريخ أن عومل اللاجئون بهذه الطريقة اللاإنسانسة فيستهدفون بالصواريخ والقنابر ويقدمون العشرات من القتلى والجرحى بدون مسوغ. ومظلومية لأن الشرعية الدولية تتآمر عليهم ممثلة بمارتن كوبلر ووعوده الهوائية وأكاذيبه ومكره. ومظلومية لأنهم يعيشون خارج سياج الإتفاقيات الدولية التي أقرتها إتفاقية جنيف الرابعة بخصوص حماية اللاجئين. ومظلومية لأنهم من الشيعة ويعيشون في ظل نظام شيعي كما يدعي، وفي ظل وجود أعلى مرجع شيعي في العالم من وطنهم الأم ولكنه لا يبالي بهم ولا يعيرهم أية أهمية.

سبق أن قدم أقزام العمالة والنفاق في حكومة الفساد، الجنسية العراقية لمرجعهم الأعلى السيستاني، لكنه رفض الجنسية العراقية إعتززا منه بقوميته الفارسية. ولا إعتراض على هذا مطلقا، بل هو موقف مبدئي يحسب له وليس عليه. لكنه وضعهم فعلا في موضع الخزي والعار، لقد أعتقدوا بأنه على شاكلتهم  يسهل عليه بيع وطنه! ولكن إعتزاز المرجع بقوميته الفارسية يدخلنا في دوامة تجاه موقفه من مواطنيه الإيرانيين من سكان ليبرتي. فهم مواطنون إيرانيون، وقوميتهم فارسية، وهم من المسلمين الشيعة، ومن أصحاب المظلومية الحقيقية وليست الزائقة.

قلماذا لم ينبس السيستاني بكلمة حق إتجاههم؟ ولماذا لم يهمس في أذن المالكي بأن يتركهم في حالهم وذلك أضعف الإيمان؟ نحن نعرف جيدا مدى نفوذ السيستاني في العراق وعند الحكومة العميلة التي تشكلت بفضله. بكلمة واحدة منه يمكن أن تغير الحكومة أسلوب تعاملها العدواني مع اللاجئين في ليبرتي. فلماذا هذا التجافي والصمت الذي لا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال؟ سؤال لن تجد له جواب!

علي الكاش

 

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *