فلاح المشعل
يأتي قرار مجلس الوزراء العراقي الأخير بتحويل ثلاث اقضية الى محافظات هي الفلوجة وتلعفر والطوز ، ليبتكر أزمة أدارية وخلافات مناطقية الى جانب تعميق العقد ذات الطابع الأثني او الطائفي ..!ان واقع الحال الذي تعيشه العديد من المحافظات العراقية لايعدو ان يضعها في عداد القرى المتخلفة ، بسبب تراجع الخدمات وتراكم مظاهر القدم والتخلف العمراني وفي البنى التحتية كافة .أماكن يعيش فيها ملايين الناس وهي تخلو من قياس مظاهر المدن بكل المعايير، لهذا كانت هذه المدن ولم تزل تطلق نداءات الإستغاثة والاسعاف ، وبعض من حقوقها المصادرة من قبل حكومة المركز وحيتانها التي صارت تستحوذ حتى على تخصيصات البترودولار الشحيحة ..!قرار مجلس الوزراء لم يوضح الأسباب الداعية لهذا الإجراء الفوضوي ومايخلفه من آثار سلبية ، قرار لم يتوفر على دراسة جدوى تقوم على معرفة جملة من الحقائق ، وابرزها قدرة الحكومة العراقية بتقديم مستوى التخصيصات المالية التي تتطلبها كل محافظة جديدة في ظل عجز معلن للموازنة السنوية ، ماهي وسائل الحماية الأمنية التي تحمي ابناء هذه المدن المحرومة ؟كيف تم تسويغ القرار في ظل التشاحن المناطقي والطائفي الذي صار يغذى جراء الطائفية السياسية التي يصدرها المركز ؟
مامعنى ان يتحول قضاء متخلف الى “محافظة ” بينما هو يشكو نعدام أيسر الخدمات ،ومستلزمات المدن مايجعل بمواصفات القرى المعدمة ؟
قرار مجلس الوزراء يمثل ترجمة عملية للفشل الاداري وارتجال بدوافع سياسية ودعائية ، تعكس انعدام رؤية من جهة ، واندفاع بإتجاه خلق أزمات جديدة من جهة أخرى .
اتذكر في مطلع سبعينات القرن الماضي حين غادرنا مدينة الناصرية بإتجاه بغداد ، كانت المدينة أكثر زهوا ونضارة ونظافة ، مدينة تتباهى بعذوبة الفرات ورقي مجتمعها المدني وتصميمها المميز بالوضوح والجمال ومتنزهاتها الفارهة وخدمات البلدية وغيرها …!
الآن تبدو الناصرية كأنها قرية واسعة وقد فقدت كل ميزاتها الجمالية والحضرية والثقافية ، ناهيك عن تراجع خطير في الخدمات وانهدام في البنى التحية وانحسارا للحياة العصرية ..!
هذا الواقع الذي تعيشه اغلب محافظات الوطن يستدعي من مجلس الوزراء حملات تطوير وبناء وترميم واعادة مافقدته هذه المدن ، وليس تحويل القرى الكبيرة لمحافظات تقوم على مشكلات بنيوية تزيدها تخلفا ، أو كما يقال ” زيادة الطين بلَة ” ..!؟