محـــنة الكـــتاب العـــراقي

محـــنة الكـــتاب العـــراقي
آخر تحديث:

شكر حاجم الصالحي
لا أظن أن اثنين من المتابعين للشأن الثقافي يختلفان في حقيقة أن الكتاب العراقي يعاني من مشكلات معقدة كثيرة تتوزع ما بين رداءة الانتاج وكثرة الاغلاط والهفوات التصميمية وبين سوء توزيعه بسبب عدم وجود جهاز متخصص بتسويقه والترويج له وإيصاله إلى المكتبات العراقيةــ حكومية وأهلية، فمنذ إلغاء المؤسسة الرسمية الدار الوطنية للنشر والتوزيع والإعلان أواخر التسعينيات، والكتاب العراقي تتقاذفه اجتهادات ورغبات فردية لا تمتلك من الخبرة ما يؤهلها للنهوض بهذه المهمة الضرورية، ماجعل المتابع الحريص يبذل جهداً استثنائياً بهدف الحصول على الاصدارات الجديدة، فحتى دار الشؤون الثقافية تخلت عن تقليد جميل كانت تنتهجه بتنظيم معارض لإصداراتها في المحافظات،تتيح للقارئ الحصول على مراده من جديدها.هذه الدار وهي الجهة الرسمية المعنية بإنتاج الكتاب العراقي والاهتمام بمؤلفيه والاسهام الفاعل في نشره وتسويقه أسهمت من غير قصد في إرباك المشهد الثقافي ووضع مبدعي العراق تحت ضغوطات وابتزاز الناشر الأهلي، فبعد ان كانت هذه الدار تطبع جهد المؤلف وتمنحه مكافأة مالية مجزية ومئة نسخة من كتابه، أصبح الآن ضحية نصب واحتيال وتسويف أصحاب دور النشر الأهلية، فبالإضافة إلى ارتفاع أسعار الطبع الذي ترافقه الوعود والمماطلة، فإن المؤلف المسكين لا يحظى إلا بكمية لاتكفي حتى لهدايا الأصدقاء وقراء “العشت”. وبذلك فان الكتاب يحتاج الى وضع دراسة مستفيضة تعالج واقع الحال لتخرج بالتوصيات العملية الواجبة التنفيذ، لكي نعيد للكتاب العراقي حضوره في واجهة مكتباتنا، صحيح ان منظومة الاتصال الالكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي، ضيّقت مساحة الكتاب الورقي، لكن الأغلبية مازالت تسحرها رائحة الكتاب، بفعل الاعتياد وضعف البصر بعد عمر أمضاه القارئ في ملاحقة حروف المطابع وضآلة حجمها وتلف صفحاتها، ومن هنا أهيب بوزارة الثقافة وبملاكاتها ذات الصلة بالكتاب إنتاجاً وتوزيعاً، أن يبادروا إلى اعادة النظر في هذا الواقع المؤسف، كما أدعو اتحاد ادباء العراق وقيادته المبدعة إلى المشاركة الفاعلة في حل هذه المشكلات، وإنصاف مبدعي العراق الأصلاء بتوفير الأجواء الصحية لكي يواصلوا انجازاتهم المعرفية وفق مناخات مناسبة تعيد ألق الإنتاج الثقافي وتضع منتجي المعرفة في مواقعهم المرموقة، وتخليص الكتاب ومنتجيه من جشع الطارئين وتجار السحت الحرام. كلي ثقة أن الحريصين على صناعة الكتاب العراقي وديمومة انتشاره وصواب خطط توزيعه وتسويقه، مازالوا هم الأغلبية التي نراهن على خطواتها الواثقة، المدركة لخطورة ما آلت اليه شؤون كتابنا وماعدنا نقرأ مجلات الاقلام وآفاقا أدبية والمورد والثقافة الأجنبية والتراث الشعبي في مكتبات محافظتنا بابل التي لا تبعد عن بغداد سوى مئة كيلو متر فقط لاغير.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *