بغداد/شبكة أخبار العراق- فيلسوف العصر وصانع الاسئلة الكبيرة مدني صالح, الذي جعل الفلسفة تنزل الى الشارع والى السوق والبقالين والناس البسطاء, بعد ان كانت الفلسفة محتكرة لفئة معينة, ولا يفهما غير اولئك فليس من اليسير تطويع الموضوعات الفلسفية في مقالات صحفية يتلقاها قارئ غير متخصص في الفلسفة, عاشق لها ,ومحب للحكمة فيها.مدني صالح استذكره في شارع المتنبي مجموعة من الادباء من اصدقائه ومجايليه وتلامذته.وادار الندوة الناقد علي الفواز فقال:-مدني صالح المعلم ومدرس الفلسفة والباحث فيها وصانع الأسئلة الكبيرة. و استعادة ذكراه مسؤولية ثقافية واخلاقية ومعرفية، لأننا بحاجة لأن نجعل منها محفزاً لصناعة المستقبل، ومراجعة للمشكلات التي تعترض صناعة المشهد الثقافي، ونجعلها فاعلة في حياتنا اليومية.البكر يمنع مدني وقال الدكتور هاشم حسن عميد كلية الاعلام :ان سائق اجرة تعرف على مدني صالح فأوقف السير لكي يعبر. واليوم طلبة جامعة في قسم الفلسفة لا يعرفونه. وقال: سلام على تلك المعرفة وعلى رموزنا التي تتبخر كمياه الأنهار. ان صالح أراد ان يجعل الفلسفة في خدمة الأدب والنقد ووسيلة لتنقية التراث من بعض النمطيات الموجودة فيه، كما حاول ان يجعل الفلسفة في خدمة الحياة. واذكر ذات يوم ومن خلال إذاعة بغداد كان هناك برنامج بعنوان رسائل جامعية، وكان مدني صالح مهتماً جداً ويجادل بقوة ومن دون مجاملة عبر الأثير, واذا بأحمد حسن البكر رئيس الجمهورية يسمع الحوار والنقاش فاصدر قراراً رئاسياً بمنع مدني صالح من حضور المناقشات العلمية. واشار الباحث والدكتور فوزي الهيتي:-لا بد من اعادة انتاج فلسفته بطريقة تضيء بعضاً من ظلمات ما نحن فيه وقال: حاول ان يؤسس لرؤية فلسفية تبحث في الثقافة العربية المعاصرة، ومن اهمها كيف ننهض ونبني علاقة سليمة مع التراث والغرب المختلف عنا ثقافياً ؟ وكيف نستفيد من ذلك ونبقى كما نحن نحترم ذواتنا بعقلنا كأناس قادرين على انتاج الحياة؟. واضاف انه كان يحب المشي كثيراً ويقطع مسافة بعيدة سائراً على قدميه، وحين تقدم به العمر صار يمشي بخطوات بطيئة. وذات يوم كان بصحبته فأرادا عبور الشارع واذا بسائق اجرة يتوقف مشيراً لهما بالعبور مما احدث زحاماً جعل اصوات المنبهات تتعالى، فالتفت إليهم ذلك السائق قائلاً:»مهلاً فهذا مدني صالح». كتابان عن السياب والبياتي وقال الناقد شكيب كاظم ان المفكر مدني صالح يعد علماً من أعلام الفلسفة في العراق، درس في بريطانيا جامعة كمبرج و اهتم بالأدباء ودرس السياب والبياتي واصدر فيهما كتابين احدهما «هذا هو السياب» والثاني «هذا هو البياتي». كما درس ابن طفيل الأندلسي. وفي أواخر سنوات عمره نهج الكتابة المقامية التي كتب بها الحريري والهمداني. وقد نشر في هذا المجال العديد من المقالات في الصحف المحلية، ثم جمعها واصدرها في كتاب بعنوان «مقامات مدني صالح». مفكر وليس فيلسوفا وأوضح الناقد فاضل ثامر رئيس اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق انه لم يكن يقبل بصفة فيلسوف، وكان يراها كبيرة جداً عليه واكتفى بصفة مفكر. وقال: ربما أتجاوز وأقول انه لا يوجد في الثقافة العراقية من هو مؤهل لأن يطلق عليه لقب فيلسوف، وهذه مشكلة تتعلق بتخلف الخطاب الفلسفي .وارتباط ذلك بعوامل موضوعية وذاتية. ان صالح متمرد مثل نيتشه وسقراط ولا يمكن ان يكون منضبطاً تحت أي سقف، وما يقوله شفاهاً أكثر مما يقوله كتابة، وهو بالأساس كاتب مقالي ونص ابداعي. وقد قرأت له كتاباً صغيراً صدر عام 56 يضم مجموعة نصوص فيها النفس المقالي الذي تحول فيما بعد الى أسلوب المقامات التي كتبها.
مدني صالح:الفلسفة في خدمة الحياة
آخر تحديث: