في مدينة غربية يسهل فيها الحصول على خدمات من النساء مقابل ثمن زهيد لايعود الأمر مهما للنقاش حتى وإن كان بعض العرب التافهين الذين يرتادون أمكنة الدعارة والملاه الليلية يفخرون بذلك. وكنا صغارا، وكنا نسمع لحكايات عن نساء الجام خانة الجميلات اللاتي بإمكان الرجل النظر إليهن عبر مكان عرض شفاف زجاجي يسمونه الجام خانة في تركيا المجاورة التي يحلم الناس بالوصول إليها غير إن أنظمة الحكم في العراق كانت تضع العراقيين في الجام خانة وتستعرض بهم فتعدم من تشاء، وتطلق من تشاء، وتسرح في القنافذ من تشاء، وتسجن منهم من تشاء. العراقيون اليوم يسافرون الى تركيا، ولم يتركوا جام خانة إلا وحطموها شر تحطيم وإلتهموا مافيها من نساء، والبعض يفخر إن لديه صديقات من تركيا وأوكرانيا وروسيا وسواها من دول منفتحة ومفتوحة، وفي دول أخرى عربية إنتقلت عدوى الجام خانة فيها الى الشوارع والجامعات ومحلات العمل ودوائر الخدمة، وتقول واحدة من البنات المغمضات العينين إنها تفاجأ كل يوم بمعلومة جديدة عن نساء شابات ومتزوجات يتحدثن عن علاقات خارج الزوجية، ولديهن أكثر من صديق، بينما تتحدث غير المتزوجات عن أهمية الحمام، ودوره في التخفيف من حرارة الروح والجسد.
إنتقلت عدوى الجام خانة الى الشوارع والساحات العامة في مدن العراق، ومع إشتداد المنافسة وصعود الرغبة في الترشح للإنتخابات البرلمانية وسواها من إستحقاقات بدأت عروض عدة تتاح للمرشحين والمرشحات ليكونوا أعضاء محتملين في برلمان أصبح حلما بالنسبة لكل مواطن عراقي يتمنى الوصول إليه ليحظى بالنعيم المقيم، ويتخيل، أو تتخيل نفسه، أو نفسها في مجلس النواب وأبهة المنصب وفخامته، ووجود عناصر حمايات وسيارات دفع رباعي مظللة، وناس يتملقون، وأموال طائلة وسفرات الى الخارج للتمتع بمزيد من الجام خانات، هذا عدا عن الطبيعة التي عليها المنصب والوجاهة التي يفرضها ونوع السلطة التي يصنعها للسيد النائب، حتى إن من المسؤولين من يأخذ معه زوجته في كل رحلة لتحصل على هدايا من هذه الدولة، أو تلك فيكون شغلها إنها زوجة المسؤول وربما سجلت في الرحلة بهذا العنوان.
معظم الكتل السياسية في العراق حتى المعنونة بعناوين محتشمة فتحت الباب على مصراعيه وربما مصرعيه للنساء ليدخلن، ونسين أنفسهن في خضم الرغبة المحمومة ليتركن الحشمة جانبا ويتدلعن ويتغنجن ويضعن مساحيق التجميل بشكل فاضح، ويظهرن في الدعايات الإنتخابية أشبه مايكن بعارضات أزياء، أو بنات هوى لاشغل لهن بالوقار الذي يطبع حياة من يشتغل في الخدمة العامة، أو يخاطب الشعب المقهور. ويظهر الشبان الصغار وهم يضعون براطمهم المملحة على شفاههن المحمرة المحلاة مثل فشار الذرة المحلى. طبعا هذا من خلال صورهن في الشوارع، ولم يستثنوا المحتشمة عن غيرها، ومعظم المرشحات المنفتحات والمنتفخات الشفاه والخدود يعلمن بفعل الشبان وحتى عناصر في الشرطة ويفرحن بذلك ويستأنسن به، وقد يتوهمن إن القبل والبوسات الحارة ربما جلبت لهن المزيد من أصوات الناخبين الحارين والمولعين برغبة التغيير، والتغيير تنشده الكتل السياسية، وغير السياسية والبشر والحجر، وينشده الباحثون عن القبل والبوسات.
مرشحات جام خانة … بقلم هادي جلو مرعي
آخر تحديث: