بغداد/شبكة أخبار العراق- يُثبت أبناء العراق كلّ يوم أن حضارة وعلوم بلادهم لا تزال تسري في عروقهم، مهما تقدّم بهم الزمن، وأنّ الفن يلعب دوراً كبيراً في حياتهم حتى لو كان بعيداً عن مهنتهم أو اختصاصهم. يؤكّد هذه الحقيقة الأطباء الإخوة الثلاثة أبناء عائلة القيماقجي إحسان وأكرم وأنور، الذين ولدوا لأسرة من بغداد كانت تسكن محلة جديد حسن باشا في شارع الرشيد مطلع القرن. لم يكتفِ هؤلاء الأطباء بممارسة مهنتهم السامية في الطب، بل اتّجه كل منهم إلى الإبداع في جوانب فنية مختلفة، ولم يرحلوا قبل أن يتركوا خلفهم بصمات تستحق أن يقام لها معرض فني في العاصمة البريطانية لندن، انتهت فعالياته يوم الأحد الماضي، بغية تسليط الضوء على أعمالهم النادرة. «كان جدي أي والد الأطباء الثلاثة صديقاً لعبد القادر الرسام، وهو من مشاهير الرّسامين وأول رسّام في العراق. كان قد تعلّم الرسم حين كان في الكلية العسكرية في تركيا من رسام تركي شهير يدعى حافظ أيّام الدولة العثمانية»، يقول الدكتور أحمد القيماقجي . ويتابع أنّ أعماله مميزة لذلك يوجد في دولة قطر قاعة مخصّصة في المتحف لرسوماته وهي تحاول جمع ما تستطيع من لوحاته. يتطرّق الدكتور أحمد إلى عبد القادر الرسام كي يخبرنا عن السبب الرئيسي الذي أثّر في اتجاه وميل والده وعميه للاهتمام بالفن، من خلال فترة معايشتهم لهذا الرسام الشهير حيث كانوا يشاهدونه وهو يرسم تحفه الفنية الرّائعة. ويوضح الدكتور أحمد أنّ اللوحة الرئيسية في المعرض هي لعبد القادر الرّسام ولم تعرض سابقاً في أي مكان آخر ويروي كيفية وصولها إليهم، فيقول «إنّ القصة الأهم تكمن في أنّ عبد القادر الرسام، كان صديقاً مقرباً لجدي كما ذكرت، لذلك أراد أن يقدّم له إحدى لوحاته هدية له يوم زفافه، فطلب منه أن يختار ما يشاء. والطريف في الموضوع أنّ جدي كان قد زار معرض صديقه قبل فترة مع رسّام ألماني شهير، ولفت انتباهه إلى لوحة لمنطقة دير الزور واصفاً إياهاً بالأجمل. بقيت الفكرة تدور في ذهن جدي، وحين جاءته فرصة الاختيار طلب هذه اللوحة، تردد عبد القادر الرسام قبل الموافقة عليها وكان ذلك في عام 1902. ومنذ ذلك الزمن علّقت في منزل أهلي لما يزيد على قرن من الزمن، وهي تعتبر من بين أقدم الرسومات التي كانت موجودة في العراق». يلفت الدكتور أحمد القيماقجي إلى أنّ عمّه الدكتور الجرّاح أكرم، تأثّر أكثر من أخويه وبشكل كبير بعبد القادر الرّسام، ودرس في المدرسة ذاتها. فكان يمارس مهنته في الصباح كجرّاح ويغوص في عالم رسوماته في منزله بقية اليوم. أمّا عمّه الدكتور إحسان المتخصص في الأشعة، فكان لديه شغف في النحت. ويشير إلى أنّ التماثيل التي نحتها عمّه تحطّمت أو ضاعت، بيد أنّهم يمتلكون صوراً لها تبرز جماليتها. ويتابع أنّه كان لدى عمه ميول إلى التصوير الفوتوغرافي، سيُعرض منها ما يتعلّق بالعراق القديم وهي تعود إلى عام 1920 وما بعد. وعن والده أنور الطبيب النسائي، يقول الدكتور أحمد إنّه تأثّر بأستاذه في المدرسة الابتدائية، وابتدأ بالرسم الكاريكاتوري والرسوم المائية التي تخصّص بها ومعظمها بورتريه. ويعلّق أنّهم يمتلكون مجموعة كبيرة لأعمال والده ستعرض جميعها في المعرض، منها وجوه لممرضات في إيرلندا حيث درس، وأولئك اللواتي عملن معه أيضاً. كذلك ستعرض رسوماته لشخصيات سياسية أوروبية وعربية. من جهتها، تقول عليا، ابنة الدكتور أنور، إنّهم يقيمون هذا المعرض إحياء لذكرى هؤلاء الأطباء والفنانين الذين خلّفوا وراءهم فنّاً يستحق أن يتعرّف إليه الجيل الجديد، وكي يدرك كيف كان العراق أيام زمان وقيمة الفن فيه. تتابع أنّها لفتة إلى وجود العراقة في بلادنا منذ ذلك الزمن. وتلفت إلى أنّهم، سيتحدثون في المعرض عن كيفية تأسيس بغداد منذ بدايتها. تشير عليا إلى أنّ عمّها الدكتور إحسان هو من الأطباء الذين تخرجوا في أول دفعة في العراق زمن الملكية وأسس قسم الأشعة هناك وأوّل جمعية للسرطان في العراق مع عشرة أطباء آخرين.