بغداد/ شبكة أخبار العراق- اكد معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى، ان حكومة اقليم كردستان لجأت الى روسيا بحثا عن دولة راعية جديدة نظراً إلى ما يعتبرونه غياب استراتيجية أميركية متماسكة في الشرق الأوسط.وأشار المعهد الى مخاوف من استخدام روسيا للكرد لتحقيق مآربها الخاصة وليس من أجل دعم فعلي لقضية استقلالهم، داعيا اربيل الى توخي الحذر في اختيارها للشراكات على المدى الطويل، معتبرا ان الرعاية الروسية قد تكون خبر سيئا للشعب الكوردي.وذكر تقرير للمعهد انه “في 25 أيار، خلال منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي السنوي، وقع ممثلون عن حكومة إقليم كردستان وشركة النفط الروسية العملاقة روسنفت اتفاقيةً جديدةً لتطوير البنية التحتية للغاز الطبيعي في الإقليم استناداً إلى صفقة سابقة تم التوقيع عليها في المنتدى الذي عُقد العام الماضي، وافقت روسنفت على بناء خط أنابيب غاز إلى تركيا يستوعب 30 مليار متر مكعب سنوياً، مما يوسّع بشكلٍ ملحوظ نطاق موسكو في قطاع الطاقة في الشرق الأوسط، وقد أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر صحفي يوم 7 حزيران ان العقود مع حكومة إقليم كردستان واعدة و واسعة النطاق”.
واضاف التقرير، ان “كون الكرد ضعفاء جداً ومفككين بحيث لا يتمتعون بالقدر الكافي من النفوذ السياسي للتأثير على العراق، فهم يبحثون عن دولة راعية جديدة نظراً إلى ما يعتبرونه غياب استراتيجية أميركية متماسكة في الشرق الأوسط”.واوضح، ان حكومة إقليم كردستان وصلت حالياً إلى أقصى مستويات ضعفها منذ حرب العراق عام 2003، ويُعزى ذلك إلى حد كبير إلى استفتاء الاستقلال السيء التوقيت الذي أجري في أيلول الماضي، فيما قامت الحكومة العراقية، بتشجيع المعارضة الإقليمية والدولية على إجراء التصويت باستعمال القوة لاسترداد نصف الأراضي وقدرة إنتاج النفط التي اكتسبتها حكومة الإقليم منذ بدء هجوم تنظيم داعش عام 2014، في وقت وقف فيه أصدقاء مسعود بارزاني التقليديين في الغرب، ومن بينهم واشنطن، جانباً، وسط الخطوة القوية التي أقدمت عليها بغداد”.
وتابع، اما روسيا، فقد اتخذت موقفاً أكثر دقةً من الاستفتاء، وذكرت في ذلك الوقت أنها “تحترم التطلعات الوطنية للكرد” وترى أن النزاعات بين بغداد وأربيل “يمكن، ويتعيّن حلها من خلال إجراء حوار بنّاء قائم على الاحترام يهدف إلى التوصل إلى صيغة تعايش داخل دولة عراقية واحدة يقبلها الطرفان وهذا مام منح موسكو قدراً أكبر من المرونة مع الكورد في الظروف المتوترة التي أعقبت التصويت”.
ونوه التقرير الى انه “من منظور اقتصادي بحت، يبدو قرار موسكو غير منطقي، إلى أن نأخذ بعين الاعتبار أن الرئيس بوتين ينظر إلى صفقات الطاقة بشكل أساسي كأداة للسياسة الخارجية، فمنذ شباط 2017، قدّمت روسنفت قرضاً لكرد العراق يبلغ حوالي 3.5 مليار دولار ووقّعت عقوداً لتطوير خمسة مجمّعات لإنتاج النفط، كما استثمرت في البنية التحتية لتصدير النفط والغاز في إقليم كردستان، علاوةً على ذلك، تعمل حالياً شركة (غازبروم نفط) على تطوير ثلاثة مجمّعات نفطية، ومن شأن مثل هذه الإمكانية الواسعة للوصول إلى الطاقة أن يمنح موسكو على الأقل بعض النفوذ على سياسات حكومة الإقليم ، وربما أيضاً على صعيد الشؤون الإقليمية الأوسع نطاقاً”.
ومع تمحور موسكو كما يبدو من بغداد إلى أربيل، تجدر الإشارة إلى أن علاقتها مع الكرد تعود إلى حوالي مائتي عام، فقد أدركت روسيا أهمية الكرد منذ عهد الامبراطورة كاثرين العظيمة وبدأت تتصرف كراعية لهم منذ ذلك الحين – بينما استغلتهم بشكل متهكم لتحقيق غاياتها الخاصة، ويتجسد هذا النمط مجدداً على ما يبدو مع الرئيس بوتين، بحسب التقرير.
ونوه التقرير، الى انه “لطالما كانت الولايات المتحدة وتركيا راعيتان أساسيتان لـ حكومة إقليم كردستان وفقد اعتمد الكرد العراقيون على المساعدات العسكرية والمساعدات المالية الأميركية الممنوحة لقوات البيشمركة للحفاظ على الأمن، بينما اعتمد اقتصادهم على تركيا لمساعدتهم في تصدير النفط رغم اعتراضات بغداد، وعلى الرغم من أن روسيا أمّنت لنفسها مقعداً على الطاولة، إلا أن فائدتها لأهداف حكومة الاقليم لم يتم اختبارها بعد.
وخلص التقرير الى انه على أربيل أن تتوخى الحذر في اختيارها للشراكات على المدى الطويل، فلطالما استخدمت روسيا الكرد لتحقيق مآربها الخاصة، وليس من أجل دعم فعلي لقضية استقلالهم (ويعود ذلك جزئياً لأن هذه القضية يمكن أن تشكل سابقةً خطيرة للأقليات الأخرى في حقبة ما بعد الاتحاد السوفيتي)، وفي هذا الصدد، وهناك مخاوف من ان تستخدم شركات الطاقة الروسية عملياتها في “إقليم كردستان” كورقة ضغط مؤقتة لانتزاع شروط تعاقدية أفضل من بغداد وعلى نطاق أوسع، “لا تحترم موسكو، على عكس الولايات المتحدة، سيادة القانون وحقوق الإنسان، لذلك فإن رعايتها قد تكون خبراً سيئاً للشعب الكردي”.