آخر تحديث:
بغداد/ شبكة أخبار العراق- يبلغ عدد الأحزاب والكتل والحركات السياسية في البلاد المسجلة رسميا لدى مفوضية الانتخابات لغاية يوم 30 أيلول 2017 نحو 350 حزب وكيان، تعمل على الساحة العراقية بأسماء مختلفة، وبمشاريع وشعارات بدت مشتركة بينها نحو 99.99% . ورغم وجود تلك الأحزاب، إلا أنه لم يتم تسجيل سوى نصفها لدى مفوضية الانتخابات، فيما لم يستوفِ الباقي شروط التسجيل رغم عملها في العراق. ولا يتطلب تسجيل حزب جديد، وفقاً للقانون المعمول به في البلاد، إلا لنظام داخلي يوضح أهداف الحزب وبرنامجه السياسي، مع دفع إيصال بقيمة 25 مليون دينار عراقي (نحو 20 ألف دولار أميركي) لاعتماده رسمياً. ولا يعرف العراقيون أكثر من 10 أحزاب على الساحة، كونها من يتصدر المشهد الحكومي والبرلماني، أو أنها تقدم نفسها كممثل شرعي لديانة، أو مذهب، أو قومية معينة، في العراق. وتحتل العاصمة بغداد الصدارة بعدد الأحزاب العاملة في البلاد، تليها البصرة ثم النجف. وشهدت الانتخابات البرلمانية في العام 2014 دخول 239 حزباً سياسياً في تحالفات كبيرة، بلغت في النهاية 36 تحالفاً، أبرزها التحالف الوطني ويضم 11 حزباً، والتحالف الكردستاني ويضم 5 أحزاب، وتحالف القوى ويضم 9 أحزاب، بينما بلغ عدد مرشحي تلك الأحزاب تسعة آلاف و43 مرشحاً تنافسوا على 328 مقعداً نيابياً.وأكد مسؤول رفيع المستوى في المفوضية العليا للانتخابات في العراق أن عدد الأحزاب ارتفع خلال العام الحالي، إذ شهد ولادة 43 حزباً وحركة سياسية جديدة، بعضها انشق عن أحزاب قديمة وأخرى جديدة. وقال المسؤول، وهو قاضٍ ضمن مجلس المفوضين، إن “30 حزباً جديداً، لا يتجاوز عدد أعضاء المؤتمر التأسيسي فيها 30 شخصاً، ولا يتجاوز عدد الأعضاء المسجلين المائة شخص، بينهم عمال وفلاحون يعتقد أنه تم إدراج أسمائهم لزيادة أعضاء الحزب ليس إلا”. وبين أن “99.99% من الأحزاب العراقية تتشابه طروحاتها وشعاراتها ونظامها الداخلي”. وأضاف “خلال قراءة النظام الداخلي لأحد الأحزاب التي تقدمت للتسجيل وتم اعتمادها في ما بعد، تبين أنه أخذ مبادئ وفقرات بعينها من حزب علماني في دولة عربية، إذ تم وضع الطائفة الدرزية ضمن الطوائف العراقية التي تم ذكرها في حق العيش المشترك والحياة الكريمة والتعايش السلمي، ونسي أن العراق لا يوجد به دروز”.وتمنح مفوضية الانتخابات مبالغ مالية لكل حزب يشارك في الانتخابات، ضمن برنامج مساعدتها على حملتها الإعلانية قبيل الانتخابات بشهرين، وهو ما يدعو الكثير من العراقيين إلى اعتبار هذا السبب أحد عوامل تكاثر الأحزاب إلى هذا الحد، إلا أن آخرين يرون أن الظاهرة تأتي امتداداً للفوضى التي ظهرت في العراق بعد الاحتلال الأميركي للبلد. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، أكرم عبيد،إن “العراق سيدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية بعدد الأحزاب، إذ فاق عدد الأحزاب ما هو موجود في جميع دول الاتحاد الأوروبي” وفقاً لقوله. وأوضح أن “القانون الخاص بالأحزاب ساهم في هذه الفوضى، وبات بإمكان أي شخص أن يؤسس حزباً خاصاً به، والمشكلة أنه لا يعرف أين تقع مقرات هذه الأحزاب، ولا نشاطاتها، ولا تصدر صحيفة أو مجلة شهرية، أو حتى كتيبات تشرح ما تريد”.
من جانبه، قال عضو التيار المدني العراقي، محمد سلام، إن “غالبية الأحزاب الحالية قومية أو طائفية، وأي حزب سيولد الآن لن يتمكن من البقاء إلا إذا تخندق طائفياً أو قومياً، بسبب الحالة التي يعيشها العراق والمنطقة بشكل عام”. واستدرك إن “الأميركيين أسسوا عملية سياسية في العراق داخل قالب أعوج، لذا سيبقى الاعوجاج ما لم تتغير نظرة العراقيين لتلك الأحزاب”. وأوضح “من مجموع 300 حزب أو أكثر، لا توجد سوى خمسة أحزاب تطالب بدولة مدنية علمانية وإبعاد الدين عن الدولة، ومع ذلك نحن نحقق نجاحاً، وهناك قبول عراقي يوماً بعد آخر بصحة طرح هذه الأحزاب، ونحن معروفون بأن صبرنا طويل ولن نمل من ذلك، لأن ثراء رجال الدين وفقر المواطن البسيط بات فاضحاً” وفقاً لقوله.
وقال النائب ، سليم شوقي من كتلة المواطن ،إن “هذه الأحزاب والكيانات لا بد أن تتوحد وتتجمع في ما بينها”. وأضاف “يمكن أن تتجمع بضعة أحزاب في حزب واحد، ما دام لديها نفس الأهداف والشعارات والبرامج والطروحات”. واعتبر أن “تعدد الأحزاب بهذا الشكل هو تشظٍ في الصورة السياسية العراقية، وإذا توحدت، فإنه أفضل بكثير لها وللعراق”. ووصف رئيس مركز الدراسات القانونية المحامي، طارق حرب، تجاوز الأحزاب العراقية هذا العدد بأنه “جنون حزبي” سببه قانون الأحزاب السياسية. وقال، في بيان، “أعلن أحد أصحاب العقد والحل في الشؤون السياسية أن عدد الأحزاب التي تم تسجيلها لدى مفوضية الانتخابات بلغ أكثر من 350 حزباً، وما زلنا بعيدين عن موعد الانتخابات، وهذا الرقم قد يتضاعف عند حلول موعد الانتخابات، وبالتالي فإن تجاوز عدد الأحزاب الـ 500 حزب مسألة متوقعة كثيراً”. وأضاف “لا توجد دولة في العالم يبلغ عدد أحزابها 3% من العدد الموجود في العراق، وسبب ذلك يكمن بأن قانون الأحزاب السياسية، رقم 36 لسنة 2015، تساهل كثيراً في تأسيس الأحزاب، كما أنه منح الأحزاب امتيازات كبيرة، بالإضافة إلى المنافع غير المنظورة التي يجنيها الحزب السياسي، والتي تصل أحياناً إلى حد الابتزاز، خصوصاً بالنسبة إلى الأحزاب الأخرى ولموقع الحزب إعلامياً وشخصياً، إذ إنه يقدم (فلان) على أنه رئيس الحزب، ويقدم (علان) على أنه أمين عام الحزب في حين أنه لا يساوي هو وحزبه شروى نقير (معدم) في الواقع الشعبي”. وتابع حرب “هذا ما اتضح لنا في الانتخابات الماضية، إذ تبين أن بعض الأحزاب عبارة عن لا شيء، إذ لم تفز بالانتخابات، بل إن النتائج الانتخابية كانت مخزية لهم، بحيث أن بعضهم لم يكسب أصواتاً تساوي عدد نفوس عائلته فقط”. وطالب بأن “يتولى البرلمان وضع شروط وقيود أمام تأسيس الأحزاب، ذلك أن عدد الأحزاب لدينا لا مثيل له في جميع العالم”. وأشار إلى أن “كثرة الأحزاب قد تفتح الباب واسعاً أمام عمليات التزوير، في حين أن ذلك يكون محدوداً إذا كانت الأحزاب قليلة، ناهيك عن أن كثرة عدد الأحزاب ستؤدي إلى ضياع المقترع بشأن من سينتخب”.