بغداد/شبكة أخبار العراق- بدأت تتبيّن للعراقيين قبل انقضاء السنة الأولى من ولاية رئيس الوزراء الحالي عادل عبدالمهدي، حالة الضعف الشديدة التي تميّزه وانعدام قدرته على ممانعة ضغوط قوى نافذة ساعدته على الوصول إلى المنصب في ظلّ افتقاره إلى أي سند حزبي له، لكنّها بدأت تتدرّج من مجرّد مشاركته سلطة اتخاذ القرار وتوجيه السياسات، نحو ممارسة الحكم من خلاله ليصبح مجرّد واجهة لدولة عميقة منطوية في الكواليس بعيدا عن الأضواء.وبعد أن كشفت تقارير إعلامية عن السلطات غير المحدودة التي يمارسها مدير مكتب عبدالمهدي، أبوجهاد الهاشمي القيادي البارز في المجلس الأعلى الإسلامي، وهي سلطات تقترب به من مرتبة الحاكم الفعلي للعراق، تتداول الأوساط السياسية والإعلامية العراقية حاليا اسم قيادي آخر في الميليشيا ذاتها، هو أبومنتظر الحسيني المقرّب من الحرس الثوري الإيراني والذي سبق له أن تدرّب في صفوفه، كمرشّح لشغل منصب السكرتير العسكري لرئيس الوزراء ليلتحق بذلك بـ”زميله” في الحشد وفي منظمة بدر زياد خليفة التميمي،الذي يشغل منصب مفتّش عام لوزارة الدفاع.الهاشمي لديه تخويل من عبدالمهدي لتحريك أي قطعات عسكرية في طول البلاد وعرضها، كما أن المسؤولين في وزارة المالية يراجعون سياسة البلاد المالية، مع الهاشمي وحده، وتتجمّع بذلك خيوط اللعبة التي مارستها إيران حين أوعزت للحشد الشعبي الذي خاض الانتخابات النيابية الماضية ممثّلا بتحالف الفتح الذي شكّل النواة لتحالف نيابي أكبر تحت مسمّى تحالف البناء، لدعم عادل عبدالمهدي ومساعدته على الوصول إلى رئاسة الحكومة رغم أنّ اسمه لم يكن واردا ضمن قائمة مرشحين أقوى منه وأوفر منه حظا في نيل المنصب. وتشكّل ميليشيا بدر بقيادة رجل إيران القوي في العراق هادي العامري نواة تحالف الفتح، وكان يمكن لطهران أن تدفع بالعامري نفسه لرئاسة الحكومة، لكنّها على ما يبدو فضّلت أن تبقي عليه رقيبا على الحكومة ورئيسها بدلا من توريطه في مسؤوليات الحكم واتخاذ القرارات.
وتفسّر سيطرة ميليشيا بدر من وراء الكواليس على حكومة عادل عبدالمهدي سلسلة قراراته التي تصبّ في المصلحة الإيرانية بما في ذلك رفضه الشديد للالتزام بالعقوبات الأميركية على إيران، رغم أنّ واشنطن منحته الوقت الكافي للبحث عن مصادر جديدة للطاقة الكهربائية التي يستوردها من إيران وللغاز الذي يُستخدم في توليدها.كذلك اعتمد عبدالمهدي أسلوب المراوغة لتفادي مطالبات داخلية وخارجية أيضا بضبط سلاح ميليشيات الحشد الشعبي وإخضاع فصائله لإمرة القيادة العامّة للقوات المسلّحة، فأصدر أمرا ديوانيا فضفاضا وخاليا من التفاصيل والإجراءات العملية قضى بإلحاق ميليشيات الحشد بصفوف القوات النظامية، دون أن يتم تطبيق ذلك الأمر من قبل أيّ من تلك الميليشيات.
وتعتبر إيران معنية بالدرجة الأولى بالحفاظ على الميليشيات الشيعية في العراق التي ساهمت أصلا في تشكيلها وتسليحها وتساهم عمليا في قيادتها، وتجعل منها جيشا رديفا في العراق يسهر على تأمين نفوذها، وقد يستخدم أيضا في صراع بالوكالة ضدّ الولايات المتّحدة في حال تطوّرت حالة التصعيد القائمة حاليا إلى صدام مسلّح.وبحسب مواقع إخبارية عراقية فإنّ أبومنتظر الحسيني المرشّح الجديد لمنصب السكرتير العسكري واسمه الحقيقي تحسين عبد مطر العبودي يشغل منصب قائد عمليات ميليشيا بدروهيأة الحشد الشعبي في آن واحد، وأنّه سيخلف في السكرتارية الفريق الركن محمد البياتي وهو ضابط ذو خبرة وكفاءة وارتقى في الرتب العسكرية بحسب القانون بينما الحسيني هو من “ضبّاط الدمج” أي المقاتلين غير النظاميين الذين حارب جلّهم إلى جانب إيران في حرب الثماني سنوات وتم إدماجهم في القوات المسلّحة لدى عودتهم بعد سقوط نظام حزب البعث.
وبشأن تسرّب عناصر الميليشيات الشيعية بقوّة إلى مواقع القرار في العراق عبر حكومة عادل عبدالمهدي، فأن المدعو أبي جهاد الهاشمي القيادي في المجلس الأعلى الذي يشغل منصب مدير مكتب رئيس الوزراء بدرجة وزير ويتمتّع بسلطات واسعة حيث “يحتكر حق تزكية جميع المرشحين لشغل الحقائب الوزارية، بعدما قبض على منصب كبير مفاوضي عبدالمهدي مع الأحزاب السياسية”.و“لديه تخويل من عبدالمهدي لتحريك أي قطعات عسكرية في طول البلاد وعرضها، فيما يكشف مسؤولون في وزارة المالية أنهم يراجعون سياسة العراق المالية، مع الهاشمي وحده”.