من أجل المساواة والحرية..أندري برينك في الذاكرة

 بغداد/شبكة أخبار العراق- بعد ستة أشهر من موت نادين غورديمير يفقد أدب جنوب افريقيا صوتا آخر هو صوت أندري برينك. هذا الأدب، ومعه أمة بكاملها، يعيش الآن حالة من الحزن والحداد على مؤلف (فصل أبيض وجاف). لم يقنع أبدا في أن يعيش مع نتاجاته في ترف برجه العاجي بل لم يكف، وهو المقاوم الأبدي، عن أن ينخرط على الدوام في معارك بلده الكبرى من أجل المساواة والحرية.لقد وقف منذ وقت مبكر ضد الفصل العنصري وعمى بصيرة أبناء جلدته من البيض ما جعله يستحق أن يكون أول كاتب أبيض يمنع نظام بريتوريا كتبه عندما أراد نشر (نحو ظلمة أكثر من الليل) سنة 1973. لكنه لم ينثن وأصبح رفيق طريق المؤتمر الوطني الأفريقي لكنه رفض أن يكون نائبا حين فاز الحزب في الانتخابات سنة 1994، وبعد ملاحظات على بعض المواقف فضَّل أن يبقى على مسافة مما أسماه “حلم نيلسون مانديلا المخذول”.أخذ يعبر عن تشاؤمه على نحو متزايد وقد كتب في العام 2008 قائلا: “لا أرى في الأفق أي انخفاض للجريمة والعنف في جنوب أفريقيا. لا أعتقد أن مستويات الفساد ومحاباة الأقارب ستقل في المستقبل القريب، ومع ذلك آمل أن أبقى في وطني”.ولد برينك في العام 1935 لعائلة برجوازية أفريكانية (الأفريكان هم الأوروبيون الذين استوطنوا جنوب افريقيا)، ولأن أباه كان قاضيا فقد كان في وضع مناسب لرؤية نتائج العنف الذي يلف بلاده التي غادرها بعد بضع سنوات ليدرس في فرنسا، حيث وصلته أخبار مذبحة “شاربفيل” التي وقعت في العام 1960 ومنذئذ تغير كل شيء لديه وأحس كأنه “ولد من جديد” كما كتب في مذكراته (تفرعاتي)، وهذه الولادة من جديد لم تكن سوى التحول إلى مناضل يتحدى سلطة بلاده ويجازف بالتعرض إلى السجن والمنع والمراقبة ومضايقات الشرطة. ظل زمنا طويلا ينشر في الخارج قبل أن ينال اعترافا عالميا بروايته (فصل أبيض وجاف) 1980 وهي اعترافات أفريكاني متمرد يفتح عينيه شيئا فشيئا على الظلم. في العام التالي أصدر تحفته الأدبية (صمت عاصف) عن تحرر عبد يجسد التمرد بالنسبة إليه فخر شعبه المقموع.لا يقتصر عمل برينك على مجرد المعارضة السياسية، ففي أعمال مثل (جدار الوباء) و(إشاعات المطر) يعبر عن تعقيد التجربة البشرية الوجودية والحميمة مقتفيا خطى ألبير كامو. يقول برينك: “ما يقوله الأدب لا يكون إلا بفضل الذي يبقى الى الأبد لا يمكن وصفه”.لقد مات برينك في أحضان هذا الذي لا يوصف، في وسط السماء، في طائرة كانت تقله من أوروبا الى وطنه.