بغداد / شبكة أخبار العراق- على الرغم من حداثته، إلا أن مصطلح “الفئة الضالة” أصبح متداولاً بشكل واسع في أروقة وزارة الداخلية العراقية، والمؤسسات الأمنية الأخرى، بعد أن بات يطلق على مليشيات القتل والخطف والسطو المسلح والابتزاز، في محاولة لتجنّب وصف هذه المليشيات بالإرهاب. وفي هذا السياق، أشار المقدم في استخبارات وزارة الداخلية محمود السعيدي، في حديثٍ صحفي، إلى أن “الفئة الضالة تضم جميع المجرمين والقتلة والسارقين وقطاع الطرق والخارجين عن القانون وأفراد داخل المليشيات أيضاً من غير المنتمين لتنظيم داعش”. وأوضح أن “أوامر صدرت من السلطات العليا قضت بأن نصف هؤلاء بالفئة الضالة، لتمييزهم عن الارهابيين الذين يلقى القبض عليهم بتهمة الانتماء لداعش”.وأضاف أنه “باختصار فإن مصطلح الفئة الضالة يشمل الشيعة المتهمين بقضايا جنائية مختلفة، وأن شمولهم بهذا المصطلح هو لمنحهم فرصة للعودة إلى ممارسة حياتهم الطبيعية بعد انقضاء محكوميتهم”. وتابع “أما مصطلح الإرهاب فيطلق على السنّة الذين انتموا أو تواطأوا مع داعش، الذين يحكم عليهم في أغلب الأحيان بالإعدام”.وأشار إلى “وقوع الأجهزة الأمنية في حرج كبير، حين تكتشف في معظم الأحيان أن المتهمين الذين يتم إلقاء القبض عليهم تحت مسمى الفئة الضالة، هم قيادات أو عناصر في مليشيا الحشد الشعبي. ما يضطرها إلى الإفراج عنهم والاعتذار لقياداتهم في كثير من الأحيان”، مبيّناً أن “العراقيين جميعاً أصبحوا يفرقون بين تسميتي (الفئة الضالة) و(الإرهاب)”.مصدر مسؤول في وزارة العدل المكلفة بالإشراف على السجون العراقية، أكد “وجود تمييز واضح في التعامل بين سجناء الفئة الضالة والمعتقلين الآخرين”، موضحاً ، أن “انتماء أغلب نزلاء الفئة الضالة للمليشيات، دفع بإدارات السجون إلى بناء سجون خاصة لهم، تحتوي قاعات مكيفة وأجهزة تلفزيون واتصال، فضلاً عن الغذاء المختلف عن بقية أجزاء السجون”.ولفت إلى أنه “ليست الأجهزة الأمنية وإدارات السجون وحدها المتواطئة مع هؤلاء، بل حتى القضاة الذين يقومون في كثير من الأحيان بإصدار أحكام مخففة عليهم، خشية انتقام العصابات التي ينتمون إليها خارج السجون”، مبيّناً أن “أشد الأحكام التي صدرت بحق متهمين بالقتل هي 15 عاماً. ولم تشهد المحاكم ولا حالة إعدام واحدة بحقهم، في الوقت الذي يُحكم بالإعدام على متهمين ينتمون للمحافظات الغربية، بمجرد اتهامهم بالانتماء أو التعاون مع داعش حتى وإن لم تكتمل الأدلة”.بدوره، كشف المحامي عمر دخيل، الذي يتابع الملف، أن “المواطن العراقي بات يعلم أن لا علاقة لداعش بالجريمة إذا سمع بمصطلح الفئة الضالة”، مؤكداً أن “هذه التسمية أصبحت تشير بوضوح إلى المليشيات والشبكات والعصابات المنظمة”.وأشار إلى أن “الأجهزة الأمنية العراقية لم تكتف بالتستر على الجرائم التي ترتكبها عناصر ما يعرف بالفئة الضالة، بل ذهبت إلى أكثر من ذلك، حين أطلقت قادتها وعناصرها لتبرير ما يرتكب من جرائم، وآخرها قيام مليشيا عراقية باقتحام منزل رئيس نادي القوة الجوية الرياضي العقيد بشير فاضل الحمداني في حي المنصور الراقي، وسط بغداد، وقتله مع زوجته وأطفاله الثلاثة”. الأمر الذي أكدته الشرطة، قبل نفي مدير مكافحة إجرام بغداد اللواء الركن عماد العقابي، مشيراً إلى أن “الحمداني قتل زوجته وأطفاله قبل أن يقتل نفسه بسبب خلافات عائلية”. لكن أقارب الضحايا أكدوا تعرض العائلة لحادثة قتل جماعي من قبل مليشيا مسلحة. وأكدوا أن “رئيس نادي القوة الجوية سبق أن تلقى تهديدات من المليشيات، كما سبق لعصابة مسلحة أن أطلقت النار على باب منزله، ما يشير إلى أن الحادثة كانت مدبّرة”.من جانبه، أفاد عضو منظمة “عراق المستقبل لحقوق الإنسان”، زهير المعموري، بأن “الخطورة تكمن في رعاية مؤسسات الدولة العراقية لما يحلو لها أن تسميها الفئة الضالة”، موضحاً أن “الأجهزة الأمنية تحاول تجنّب اللجوء إلى هذه التسمية لتجنّب إطلاق صفات أخرى، كالإرهابيين والمجرمين والقتلة واللصوص”.وأضاف أن “حادثة اغتيال رئيس نادي القوة الجوية وأفراد عائلته في حي المنصور ببغداد، ليست الأولى التي تتستر عليها المؤسسات الامنية، إذ سبق ذلك بأيام قيام مليشيا مسلحة باختطاف الفنان كرار نوشي وقتله في منطقة الحسينية، شمال بغداد، كما عذبت متظاهراً في محافظة النجف حتى الموت”، مؤكداً أن “صمت الحكومة عن هذه الجرائم، يشير إلى أن الآتي أسوأ”.ولفت إلى “وجود تمييز داخل وزارة الداخلية العراقية تجاه المجرمين، وعناصر ما يسمى بالفئة الضالة يعاملون على أنهم سجناء من الدرجة الأولى، فيما يخضع بقية المعتقلين لإجراءات تعسفية تصل إلى الضرب والإهانة والتعذيب حتى الموت”.