نحتاج الى وحش تتقبله العيون قبل البطون

نحتاج الى وحش تتقبله العيون قبل البطون
آخر تحديث:

بقلم:سعد محسن خليل

ونحن على اعتاب مرحلة جديدة بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب العراقي والتي تزامنت مع بدء شهر رمضان الكريم ما احوجنا اليوم الى حكومة تكون اكثر جدية في تلبية احتياجات وسد ولو جزء يسير من احتياجات المواطن الغذائية خاصة بعد ان شهدت البطاقة التموينية خلال السنين القريبة الماضية انتحارا مبرمجا .. فقد شكلت البطاقة التموينية قي زمن الحصار الاقتصادي المقروض على العراق صمام أمان للمستهلك العراق بل ان بعض العراقيين جنى منها مكسبا حيث كانت الاسرة تحد من استهلاكها الشهري فتوفر فائضا من مادة معينة فتحصل بواسطة ذلك الفائض على سيولة نقدية وقد اعتمد نظام البطاقة التموينية بعد صدور قرار مجلس الامن الدولي رقم 661 الصادر بتاريخ 6 اب 1990 على برنامج تم اعداده بدقة لسد احتياجات العائلة العراقية وكان الرد الحاسم لافشال الحصار خاصة وان 90 بالمئة من السكان كان يعتمد على هذه البطاقة بشكل تام حيث يقوم بتوزيعها 45 الف وكيل مواد غذائية ومن ابرز مفرداتها الرز والشاي والسكر والزيت وحليب الاطفال ومساحيق التنظيف وغيرها من المواد الاستهلاكية الضرورية للعائلة العراقية .. ورغم تعرض العراق خلال فترة الحصار لحالة اقتصادية تميزت بوقف التعامل التجاري الخارجي وارتفاع معدل البطالة وانتشار الكساد ونشاط السوق السوداء فان البطافة التموينية شكلت صمام امان حافظت على تماسك العائلة وصمودها ضد الحصار لا بل ان العائلة العراقية استطاعت ابتكار طرق في برامج التغذية جعلت الحصار يترنح للسقوط في هاوية الفشل حيث تمكنت المرأة العراقية بما عرف عنها من تدبير من ادخال مواد غذائية كانت بالامس مواد غير متداولة على المائدة العراقية وجعلها مواد اكثر تقبلا في الاستهلاك مثل مادة ” الباذنجان ” بعد ادخال المطيبات عليه لجعله اكثر تذوقا لابل استطاع ” الباذنجان ” بعد تجميله من ان يكون سيد المائدة العراقية وايا كانت فوائد الباذنجان فانه من الثمار الاكثر مظلومية من بين كل الثمار بسبب لونه الاسود المائل الى الزرقة مما يعطيه ميزة البقاء بضاعة غير رائجة في السوق ” بايرة ” ونتيجة الاقبال على شرائه زمن الحصار بات الباذنجان ” يتغندج ” بين زملائه الخضروات الاخرى بعد ان علا شأنه وتخطى الحواجز ليدخل المائدة العراقية وهو يعيش حالة الانتصار على اعدائه المفترضين من الثمار الاخرى التي اصبحت في زمن الحصار مجرد النظر اليها جريمة يرتكبها المواطن الذي لايقوى سد رمقه ورمق عائلته بسبب قلة ما يحصل عليه من موارد ماليه .. ورغم دنائة قدر الباذنجان بسبب لونه الاسود القرمزي الذي يشبه لون السلطان ” كافور الاخشيدي ” يوم وصفه الشاعر المتنبي عندما قال ” لاتشتري العبد الا والعصا معه ان العبيد لانجاس مناكيدو .. من علم الاسود الزنجي مكرمة اقومه البيض ام ابائه الصيدوا ” الا ان هذه الثمرة استطاعت ان تحقق نصرا بدخولها المائدة العراقية دون منازع ” رغم انف ” المعارضين ممن يحملون صفات العفه والنزاهه على اعتبار ان ثمرة الباذنجان تحمل ” قرنا ” يتعارض مع قيم الشرف والاخلاق الفاضلة التي ينادي بها بعض المشعوذين .. لكن ليس في الامر حيلة فدخوله المائدة بات من واقع الحال لان الظرف الاقتصادي لايتحمل مزيدا من البذخ في شراء ” النمنمات ” التي بات شرائها ينهك دخل العائلة العراقية .. واختلف الرواة في بيان اصل وفصل ثمرة الباذنجان وقال البعض انه دخل العراق قادما من شرق اسيا بعد ان ادخلته قوات الغزو المغولي خاصة وانه ينفرد بحمله ” قرنا ” قريب الشبه بالقرن الذي ينتصب فوق خوذة هولاكو وجنوده المغول .. فيما يؤكد البعض الاخر ان الباذنجان دخل مع توافد العمالة الافريقية الى العراق خلال فترة العصور الوسطى للعمل ” كخدم ” في قصور الملوك والامراء .. وايا كان اصل وفصل الباذنجان فانه استطاع رفع راية النصر واجتياز الموانع ودخل البيت العراقي رغم انف الاسرة العراقية .. فما احوجنا اليوم ونحن نعيش ايام شهر رمضان المبارك الى وحش جديد يدخل المائدة العراقية تتقبله العيون قبل البطون وحش ممنوع من الصرف يحمل مشاعر الكبرياء والعزة والشرف وحش تتقبله العيون قبل البطون.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *