نوّاب العراق المُترفون.. وكلاء الفقراء في بلاد الثروات !
آخر تحديث:
بقلم:جاسم الشمري
جاء في الموقع الرسمي للبرلمان العراقي ” بما أن نظام الحكم في العراق(ديمقراطي نيابي اتحادي) كما نصت من دستور جمهورية العراق، فانّ مجلسالنوّاب يعتبر أعلى سلطة تشريعية ورقابية في العراق يتم انتخابها من قبلالمواطنين العراقيين انتخاباً مباشراً كل أربع سنوات، ويقوم مجلس النوّاببتحقيق مصلحة البلد والمواطنين من خلال تشريع مختلف القوانين الضروريةالتي تنظم عمل السلطة التنفيذية (الحكومة) والهيئات المستقلة وإقرار موازنةالدولة السنوية ومصادقة الاتفاقيات الدولية، ويقوم (أي مجلس النوّاب) بمراقبةالسلطة التنفيذية والهيئات المستقلة والجهات غير المرتبطة بوزارة للتأكد منالتزامها بالقوانين وتحقيق مصالح البلد والمواطنين المبتغاة من التشريعات، كماويقوم بمهمته الدستورية في تمثيل المواطنين وحاجاتهم ومصالحهم من خلالتواصل السيدات والسادة أعضاء مجلس النوّاب في إطار دوائرهم الانتخابيةمع ناخبيهم بشكل مباشر للوقوف على مشاكلهم ومعاناتهم ومن ثم التواصل معالجهات المعنية لمعالجة تلك المشاكل والمعاناة.
ويتكون مجلس النوّاب في دورته الانتخابية الثانية من 328 نائباً تم توزيعهمعلى 26 لجنة دائمية ولجان أخرى مؤقتة“.
قراءة هذه الديباجة الموجودة في موقع المجلس على الشبكة العنكبوتية يؤكد أنّهؤلاء النوّاب هم ممثلو الشعب ينقلون همومه وتطلعاته، وبالتالي هم موظفون لدى الشعب يتقاضون مخصصات وظيفية لقاء هذه الوظيفة، وإلا فهم لا يستحقون هذه المخصصات.البرلمان العراقي يعدّ من البرلمانات الأعلى تكلفة في العالم، وسنحاول هنا بيان ذلك والإشارة إلى أنه لأول مرة في تاريخ البشرية يتقاضى الوكيل راتباًأعلى من الموكِّل (بكسر الكاف) وهم الناخبون العراقيون!
سبق لصحيفة الصباح العراقية أن كشفت بأنّ “ رواتب أعضاء مجلسالنوّاب العراقي تعد الأعلى بين رواتب النوّاب في العالم حيث يتقاضى عضومجلس النوّاب الأميركي أقل من 165 ألف دولار سنوياً/ أي نحو 190 مليوندينار عراقي/ كما يتقاضى عضو مجلس العموم البريطاني نحو 170 ألفدولار/ أيّ نحو 200 مليون دينار عراقي/ في حين يتقاضي عضو مجلسالنوّاب العراقي 384 مليون دينار“.
وفي بداية هذا العام كلفت الجلسة الافتتاحية للبرلمان ولمدة 25 دقيقة فقط 24 مليار دينار عراقيّ، أي ما يعادل 20 مليون دولار أميركيّ، حيث استلم كل نائب 10 ملايين دينار كراتب شهري (8500 دولار أميركي) و30 مليون دينار عراقي رواتب لأفراد الحماية الخاصة لكل نائب (25000 دولار أميركي) و90 مليون دينار عراقي لتحسين المستوى المعيشي للنائب (77000 دولار أميركي)!
وفي منتصف الشهر الماضي كشفت صحيفة المدى العراقية عن نفقات ونثرياتمجلس النوّاب خلال دوراته التشريعية الثلاث السابقة، وأنّ مجموع ما أنفقهالمجلس بلغ نحو 7 ترليونات دينار، وأنّ النائب الواحد يكلف ميزانية الدولةملياري دينار سنوياً، (أكثر من 166 مليون دينار شهرياً) بحسب نفقاتالمجلس الإجمالية، بينما يصل مجموع رواتب البرلماني في الدورة البرلمانيةالواحدة (4 سنوات) إلى نحو 700 مليون دينار“!
وتسربت قبل أقل من شهر تقريباً وثيقة رسمية صادرة عن رئاسة البرلمان تشيرإلى تخصيص مبالغ “بدل الإيجار” ثلاثة ملايين دينار شهرياً لأعضاء المجلسالقادمين من المحافظات، ثم عدلت بأخرى لتشمل حتى نوّاب بغداد، ليصلمجموع منحة “بدل الإيجار” لكل النوّاب خلال الدورة التشريعية الحالية إلىخمسة مليارات دينار عراقي!
والبرلمان له صرفيات خياليّة تقع تحت العديد من البنود ومنها بند “الموازنةالتشغلية” للبرلمان بدون إضافات أخرى، والحمايات العامة والخاصة، وشراء 350 سيارة مصفحة والايفادات، وغيرها.
وبعيداً عن هذا التَنَعُّمٍ والتبذير فإنّ هذا الترف البرلماني يأتي في الوقت الذي وصلت فيه نسبة الفقر في عموم العراق إلى قرابة 30%، فيما وصلت في المناطق التي تسميها الحكومة بالمحررة إلى أكثر من 40%.
لقد ذكرنا هذه الأرقام المذهلة فقط لبيان أنّ عالم النوّاب ليس هو عالم المواطن العادي، ولهذا نجد – غالبيتهم- يماطلون في جلساتهم ويؤجلونها ويتخذون قرارات غير فاعلة وغير ملائمة للواقع العراقي، لأنهم في عالم آخر، عالم البذخ البرلماني، وعليه نرى غالبيتهم يتعاملون مع الواقع العراقيّ بروح مطمئنة، وكأننا نعيش أبهى صور التطور والأمن والإعمار والتقنيّة!
مقابل هذا النعيم البرلماني هنالك موجة فقر متنامية بلغت ثلث المواطنين تقريباً!
ولا أدري كيف يمكن تفهم هذا التناقض بين حال الفقراء وحال وكيلهم البرلماني المترف الذي يعيش في عالم الأغنياء والمترفين؟
وفي شباط الماضي قال النائب مشعان الجبوري إن عضو البرلمان يتسلم راتباًيصل إلى 45 مليون دينار في الشهر، أي ما يعادل نحو 37 ألف دولار، مقارنةبنحو 200 دولار يتقاضها، أصغر موظف في العراق!
في شهر مايس/ 2018، أطلق البنك الدولي، توقعاته وتقديراته للاقتصاد العراقي خلال عام 2018، كاشفاً عن أرقام صادمة بالنسبة للفقر والاحتياجات العامة.
وذكر البنك الدولي في تقريره” أنه يبلغ عدد سكان العراق 38.5 نسمة وإجمالي الناتج المحلي 197.7 مليار دولار، ومعدل الفقر وفقا لخط الفقر المحدد بـ 3.2 دولار في اليوم هو 17.9٪ فيما ترتفع النسبة باحتساب 5.5 دولار دخل في اليوم إلى 57.3 دولاراً، لكن خط الفقر الوطني تم تحديده بـ 22.5٪“.
وفي بداية العام 2018، أعلن وزير التخطيط العراقي سلمان الجميلي إطلاقإستراتيجية للحد من الفقر بالعراق، تستمر على مدى أربع سنوات حتى عام2022، وتعتمد الإستراتيجية على التركيز على تنمية الطبقة الفقيرة، من خلالمشاريع إستراتيجية تتيح فرص عمل للعاطلين عن العمل، فضلاً عن تقديمالعون ضمن شبكة الرعاية الاجتماعية.