هكذا يحارب الفساد .. الجزء الأول

هكذا يحارب الفساد .. الجزء الأول
آخر تحديث:

بقلم:اياد السماوي

عنما تستحكم حلقات الفساد وتجهز على كلّ مفاصل الدولة ومؤسساتها ووزاراتها .. وعندما تصيب جرثومة الفساد المؤسسة الدينية والمؤسسة القضائية .. وعندما يصبح شعار محاربة الفساد سلاح بيد الفاسدين للوصول إلى السلطة .. وعندما يتحوّل شعار الإصلاح إلى موضوع للابتذال .. تصبح عملية محاربة الفساد واستئصاله من جذوره والقضاء عليه عملية شبه مستحيلة , بل ومهلكة لمن يحاول أن يقترب من منظومة الفساد .. فمنظومة الفساد في العراق أوجدت لنفسها جهازا كبيرا يستخدم أدوات ووسائل مختلفة تمنع كلّ من يفكر أن يقترب من هذه المنظومة .. مال ونساء وليال حمراء في داخل وخارج العراق وشراء ذمم .. وإن لم تنفع هذه الأدوات فللمنظومة جهاز للقتل والتصفية الجسدية يستطيع الوصول لأي شخص يحاول المساس بأمن هذه المنظومة .. ومع كلّ أدوات الترهيب والترغيب المستخدمة .. يبرز من أبناء العراق الغيارى من لا يخاف في الله لومة لائم ليتحدّى الفساد وأهله ودنياه الفانية .. في هذا المقال سأكتب عن وزيرين نزيهين وشجاعين تحدّيا الفساد ومنظومته ووجها ضربات في الصميم لبعض حلقاته .. الوزير الأول من الحكومة السابقة وهو السيد محمد شياع السوداني , والوزير الثاني من الحكومة الحالية وهو الدكتور قصي السهيل وزير التعليم العالي والبحث العلمي والذي يدير وزارة التربية بالوكالة .. وسأعرض للرأي العام كيف تصدّى هذان الوزيران البطلان للفساد من مواقعهما بدون ضجيج وبهرجة إعلامية كاذبة ..

الوزير الأول محمد شياع السوداني من الحكومة السابقة

السيد السوداني كان وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية في حكومة السيد حيدر العبادي , وعندما كلّف من قبل رئيس الوزراء السيد العبادي بإدارة وزارة الصناعة والمعادن وكالة , عرضت أمامه معاملة تتعلّق بصرف الدفعة الثانية من التعويضات إلى الشركة العالمية وهي شركة قطاع خاص استثمرت معمل بيجي للأسمدة الكيمياوية , وهذه الشركة عائدة إلى صهيب محمد عبد الله العاني , والد صهيب السيد محمد عبد الله العاني كان الوكيل الأقدم لوزارة الصناعة والمعادن .. وعندما بحث السيد السوداني في أوليات هذه المعاملة لاحظ أنّ هذه المعاملة قد أنجزت في نهاية سنة 2014 وتشوبها الكثير من الشكوك وعلامات الاستفهام , وهذا مما دفع السيد الوزير لطلب أوليات هذه المعاملة لغرض دراستها .. تفاجئ الوزير أنّ الوزارة كانت بعيدة كل البعد عن عملية التعويض , وهذا مما زاد في شّكه واستغرابه , وبعد الدراسة المستفيضة والتحقيق في هذه المعاملة وجد السيد السوداني أنّ عملية تواطئ كبرى قد حدثت في هذا الموضوع , وهنالك أمرا صادرا من القضاء العراقي بتعويض الشركة بمبلغ 110 مليار دينار عراقي , وهذا الأمر القضائي قد اكتسب الدرجة القطعية وخضع للتمييز وأحيل إلى منفذ العدل , ومنفذ العدل أحاله إلى وزارة الصناعة للتنفيذ , وفعلا بدأت الوزارة بالتسديد ودفعت الدفعة الأولى البالغة تقريبا 3,5 مليار دينار إلى الشركة , وكان معروضا أمام الوزير أن يقوم بصرف الدفعة الثانية , وبعد انتهاء عملية التحقيق في هذه المعاملة اكتشف الوزير السوداني أن الوزارة هي التي تطلب المستثمر بحدود 480 مليار دينار نتيجة إخلاله بالعقد الموقع مع الوزارة , أمّا كيف تحوّلت الوزارة من دائن إلى مدين فهذه هي الطامة , وهذه الطامة حدثت بتواطئ من قبل مجلس الإدارة وبعض الموظفين وزوّرت وثائق وأرقام , وهذه الوثائق المزوّرة هي التي عرضت على القضاء ليصدر الحكم بموجبها , وهذا مما دعى السيد الوزير لتشكيل لجنة تحقيقية والطلب من القضاء إعادة النظر بهذا الموضوع , وبالفعل فقد أصدر القضاء العراقي قراره بسجن المستثمر صهيب العاني بالسجن سبع سنوات ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة والحكم بإرجاع كل الأموال المدين بها إلى خزينة الدولة .

المهم في هذا الموضوع أنّ التصدّي لهذا الملف والقيام بكافة الاجراءات التي قام بها الوزير السوداني قد تمّت بعيدا عن الأضواء والإعلام واستعراض البطولات الزائفة , لأن الاصل في الموضوع هي الأمانة التي أتمن عليها الوزير والقسم الذي أقسمه بالحفاظ على المال العام وملاحقة الفساد والفاسدين .. في الجزء الثاني من هذا المقال سنعرض للرأي العام العراقي وزيرا آخر من هذه الحكومة تصدّى بصمت وشجاعة متناهية للفساد بعيدا عن المزايدات والبهرجة الإعلامية الكاذبة .. إنّه وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور قصي السهيل الذي يدير وزارة التربية بالوكالة .. تابعونا في الجزء الثاني

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *