يستمر مسلسل خطف الناشطين المدنيين وتغييبهم .بصمت حكومي مريب وعدم اكتراث ممن يُسَمَون أنفسهم زعماء سياسيين .هيمنوا على السلطة منذ عقد ونيف.لم تكن نشاطات هؤلاء المحتجين سوى المطالبة بالأصلاح والتغيير وتحقيق الخدمات والقضاء الجدي على الفساد والمحاصصة.فماذا جنى وماذا فعل الشحماني والبدري وعدد آخر من الناشطين, سوى المساهمة بإحتجاجات يكفلها الدستور. وتبيحها القوانين المرعية؟ هل سرقوا أموال الشعب أم كانوا وراء عمليات ارهابية سفكت الدماء وهدمت الأملاك العامة والخاصة وحرقت دوائر حساسة لمحو سرقات جرت وفق عقود وهمية.بتنا عندما يخرج مواطناً للأحتجاج على الفساد أو تردي الأمن أو تحسين الخدمات ومطالباً بالأصلاح يُزَج في السجون أو يُختطف ويغيب.ولا تفعل السلطة شيء سوى انها شَكلت لجنة للتحقيق بالأمر. وآلاف اللجان شُكِلَتْ لم تكن الا لجاناً وهمية لا تفعل شيئاً ولا ينتج عنها نفعٍ ونتيجة , والغاية عن الأعلان عنها هو التضليل والتسويف لا غير .معللين النفس وموهمينها بأن الشعب سينسى هذا .
الأتهامات بتزويرالأنتخابات متتالية . ومفوضية الأنتخابات تصر على عدم اجراء العد اليدوي لنسبة بسيطة جداً ولو 10% .رغم الأحتجاجات والمطالب الشعبية والطلبات, ورغم رأي ممثل الحكومة في مجلس النواب, ورأي ممثل الأمم المتحدة , ورغم خطورة الوضع الأمني في كركوك والأنبار,فالمفوضية التي نتجت من رحم الأحزاب والكتل النافذة ترفض اجراء العد والفرز اليدوي.لتكشف حقائق ووقائع التزوير.حقاً انها ديموقراطية دولة الخطف والتزوير.فكيف يمكن أن تقام الدولة المدنية ودولة المؤسسات في ظل تحكم هذه الكتل والأحزاب في مصير الشعب ومفوضية المحاصصة .وكيف يمكننا الأصلاح والتغييرفي ظل الخطف والتزوير.
إنَّ مقاطعة الشعب للأنتخابات هو استفتاء على الدولة وشرعية العملية السياسية وأكدت ضرورة التغييروالأصلاح. ولا أظن أن هناك أملاً بالتغيير والأصلاح. إن لم ينتفض الشعب انتفاضة سلمية , ليجبر هذه الطغمة الفاسدة على فك رقبة الشعب, وتغيير قانون الأنتخابات, وتقليص عدد النواب وتعديل أو تغيير نظام مجلس النواب .والألغاء الفعلي للمحاصصة ,وتغيير مفوضية الأنتخابات, بمفوضية من خارج الأحزاب والكتل من رجال القانون المحايدين.لماذا ترفض المفوضية اقناع الشعب بنزاهة الإنتخابات , متعللة بالقانون زوراً وبهتاناً. ولماذا تكتفي كما تدعي بتطبيق القانون .والقانون صامت .
إن التغيير والأصلا ح وتحقيق الديموقراطية وهيبة الدولة لا يتم بين ليلة وضحاها .بل يحتاج لمقدمات ومقومات ومنهج .بدءً بالأنتفاضة السلمية التي يكفلها الدستور. ثم تشكيل مجلس انقاذ من خارج هذه الكتل والأحزاب المجربة الفاسدة.ثم الأجراءات الفعلية بتغيير قانون الأنتخابات ونظام مجلس النواب وتقليص عدده .وصياغة دستور جديد للبلاد أو تعديل الدستور الحالي, وتوضيح الفقراتٍ المبهمةً القابلة للتأويل وتعدد التفسير.إن من واجيات السلطة تأمين حماية المواطن وكفالة حرية رأيه وتيسير الخدمات والنظر في مظلومياته بجدارة, لا قمعه واضطهاده وحجزه وتغييبه.
كان المفروض بالسيد رئيس الوزراء بعد اسبوع من عدم تمكنه من اطلاق سراح المغيب الشحماني أن يستقيل استقامة مُسَببة. ويعلن للملأ عجزه عن القيام بمهامه التي كلفه بها مجلس النواب. ومنحه الثقة باسم الشعب. وتبيان أسباب عجزه. وكان أيضاً على السيد وزير الداخلية الأستقالة لنفس السبب.ومن أضعف الأيمان الآن أن ينسحب رئيس الوزراء وكتلته من السباق لمنصب رئيس الوزراء .لأنه فشل فشلاً ذريعاً في حماية أمن المواطن. وفشل في القضاء الجدي على رؤوس الفساد ودهاقنة الجريمة المنظمة وعصاباتها.وفشل في تحسين الخدمات وإصلاح النظام الأداري وترهل الدولة, وفشل بالنهوض بالأقتصاد ومعالجة شحة المياه واستعادة حقوقنا في نهري دجلة والفرات, وفق قوانين الدول المتشاطئة. فهو لن يستطيع عمل شيء لم يستطع عمله أربع سنين. وكانت الأمور مهيأة له من تأييد للشعب ودعم المرجعية والمحيط الأقليمي والمجتمع الدولي.وطموحة برئاسة الوزراء اليوم طموح غير مشروع.وتعدٍ على الشعب .
بالتأكيد أن مجاميع مسلحة منفلتة متمكنة من فعل كل شيء. وهي أكثر قوة من الدولة والسلطة ,وهي واثقة من استطاعتها خطف وتغييب من تشاء دون رادع و حساب.وهي قادرة على خطف رئيس الوزراء شخصياً, أو وزير الداخلية أو أي وزير ومسؤول آخر, بكل جرأة دون وجلٍ أو خوف. لذا يخشاهم الكل ويرتجفُ منهم هلَعاً ؟ ولهذا لا يستطيعون محاسبتهم وكشف هوايتهم.و يتوجب الآن إن كانَ أمنُ المواطنِ وكفالةُ حريته شأناً يهم من بيده السلطة أن يباشر فوراً بحل كل التشكيلات المسلحة بكل مسمياتها. وتوزيع من تستفيد منه القوات المسلحة على المؤسسات العسكرية والأمنية.وسحب السلاح من الشارع , دون أية محاباة أو تمييز.ومنع حمل السلاح لمن لا تخوله الدولة رسمياً وبملابس عسكرية فقط ,مع باج يحمل اسمه ورقمه وعنوان وحدته العسكرية وتشكيله.
وهنا يمكن التمييز بين الميليشيات المنفلته وعصابات الجريمة المنظمة وبين الأجهزة الأمنية التي يفترض بها حماية أمن المواطن .إن مسؤولية الأجهزة الأمنية حماية المواطن ,لا حماية السلطة فقط .وهي غير مُلزَمة بطاعة الأوامر غيرالقضائية التي تضر بأمن الدولة والمواطنلكن الدولة بأجهزتها الأمنية عاجزة عن حماية المواطن غير المنتمي للسلطة وأحزابها وعناوينها.إن في الباب الثاني من الدستور فقرات تبين حقوق المواطن بالحرية والعيش الكريم. لكنها معطلة وغير ذات قيمة مع الأسف.وأمّا مواداً مشبوهة قابلة للتأويل وتتبنى المحاصصة الفاسدة تُفَعْل وتُفسر لصالح المستفيدين من الفاسدين أزلام السلطة والأحزاب الفاسدة.كل هذا يجري لوجود الفساد والفاسدين والمتنفذين في السلطة تحميهم ميليشياتهم و تسلطهم على الدولة برمتها.فمن أجل تأمين ديموقراطية عادلة وإجراء انتخابات نزيهة لابدَّ من العد اليدوي بإشراف الأمم المتحدة و لسلامة المواطنين وتمكينهم من استعمال حقهم بالتعبير عن الرأي والأحتجاج والتظاهر وفق القانون .من أجل كل هذا على السيدين وزير الداخلية ورئيس الوزراء الأستقالة المبررة, بعد عجزهما عن أداء الواجب المناط بهم.