صراع الديّكة ، موروثٌ سومري عراقي قديم ،ينتهي بإنهاك أحد الطرفيّن، ويُعلن فيه الطرف الفائزهزيمة غريمه، هكذا هو الآن الصراع الأمريكي – الايراني في المنطقة ،فلِمنْ ستكون الغَلبة ، ومن سيعُلن الهزيمة للآخر، ومنذ أن بدأ الصراع إقتصادياً وهو الأقسى في التاريخ، وتم تصّفير تصدير النفط الايراني، ومنع التعامل كلياً مع البنوك والمصارف الايرانية التابعة للحرس الثوري، وفرض حصار مالي واسع على ايران، واذرعها وإحالة الحرس الثوري وحزب الله والميليشيات العراقية التابعة لإيران، على لائحة الارهاب الدولي، والآن يجري الاعداد عن إعلان على فرض حظر طيران دولي، كامل على الطيران الايراني،وهناك إجراءات صارمة جداً على ايران، في مجالات إقتصادية وعسكرية ،وتضيّيق عليها ،لخنقها وإنهاكها تماماً ليسهّل الإجهاز عليها بسهولة ،كما حصل مع السيناريو العراقي،فيما وصف هذا الإجراء بالإنهاك السريع أمريكياً، وهو إستراتيجية ونظرية أمريكية ناجحة بإمتياز، سُمّي بالصَّبرالإستراتيجيي ،وكانت آخرعقوبات مهينة لإيران ،هي وضع المرشد الاعلى خامنئي، وثمانية من قادة إيران الكبار، ومنهم محمد جواد ظريف وزير الخارجية ،على لائحة العقوبات الدولية،
وهذه عدّتها إيران أكبر إهانة لمرشدها الاعلى ،فماذا يجري في الخفاء، وماذا يجري في الَعلنْ ، لكي يفهم الناس نهاية هذا الصراع ، هل سينتهي بالمواجهة العسكرية ، أم يُبقي الرئيس ترمب خيارالحرب مفتوحة، وبلا نهاية مع طهران ، حتى تنّهار إقتصادياً وإجتماعياً وعسكرياً ، وينفذ صبرها ،لتقوم بإرتكاب حماقة عسكرية في المنطقة ، لتحويل أظار العالم لها ،وتتخلص من الحصار ، وهذا ما تعمل عليه إيران الان من خلال إذرعها وميليشياتها في العراق واليمن ولبنان، ( احداث الفجيرة وحقول النفط السعودي وتفجير الباخرة اليابانية والصواريخ على السفارة الامريكية ومقر الجيش بالموصل)، وتمّ كل هذا دون أي ردّ فعل خليجي أو أمريكي ،على ما قامت به أذرع ايران من جرائم، ماذا يعني ..؟هذا يعني ببساطة أن أمريكا تمارس الصبر الإستراتيجي ،كي توصل ايران الى الإنهيار والاستسلام وقد بدا الآن واضحاً، أن إيران بدأتْ تفقد أعصابها، بإلغاء الاتفاق النووي مع اوروربا، وزيادة تخصيب اليورانيوم ، فإمّا القبول المَهين بالشروط ال12 ، أو المواجهة العسكرية التي تستبعدّها الادارة الامريكية بقوة ،ويوميا تدعو للحوار والتفاوض بل وتصرّ عليه ، وكما صرّح أمس الرئيس ترمب ،أن التفاوض بالقوة هو الحل مع ايران، رغم أن إيران لاتعرف إلاّ منطق القوة في تعاملها مع الدول، وإن أمريكا لن ترسل جندي واحداً للحرب ،
بمعنى أن الادارة الأمريكية ماضية الى الاخير، بإخضاع وإركاع إيران، وإجبارها على التفاوض، مهما طال أمد الصراع ،ولا تنسى أو تغفل الادارة منطق إستخدام القوة العسكرية ،اذا إقتضّت الضرّورة وفشل الحصار في النهاية ، والتي أستعدّت له كلياً ،وحشدتْ له سياسياً وإعلامياً وعسكرياً هائلاً،إنْ إرتكبت إيران وأذرعها عملاً عسكرياً، ضد جنودها وقواعدها ومقراتها في المنطقة ، نعم هكذا يجري السيناريو الامريكي مع إيران ، ومن يتابع التصريحات والتهديدات بين الطرفين، وللطرفين، يرى أنّ الطرفان يرخيّان الحَبل للآخر، ويفتحان باب التفاوض، كلٌّ من زاويته وطريقته، ولكن لايسدّان باب الحوار المفترض، ولو بحجّة بلا شروط مسّبقة ، إذن وكي لا نضيع خيط الصراع، ونفقد البوصلة، وتختلط عندنا الأوراق ،هل تحصل حرب عسكرية بين أمريكا وإيران ، أو هل تنهّار إيران أمام الحصار الامريكي والدولي ، هذا هو السؤال ،والسجّال الان على ألسنة الناس هنا وهناك، فقسم يجزم أن لاحرب بين الطرفين، بل هناك تخادم سياسي وعسكري بينهما ، وما يجري من تهديدات وتحشيدات، إنمّا هي لتعمّية عيون الآخرين، وتضلّيل الرأي لاغير، وهذا هو تسطّيح لما يجري ،ولايلامس الواقع المتأزّم والمتفّجر، وربما ينفلّت بأية لحظة ،الى حربٍ طاحنة تحرق الاخضر واليابس في المنطقة ، وهذا ما تتخوّف منه أمريكا ولاتريده ،وتهدّد به إيران كورقة رابحة وضاغطة بيدها للخلاص من العقوبات ،
أما الرأي الآخر الذي يرى الأحداث مباشرة على الارض، ومن خلال تحليّل سياسي واقعي ومنطقي، وقراءة فاحصة لعقلية قادة النظام الايراني ،ومتابعة دقيقة لسياسته وعنجهيته، وعناده الاجوف ، تقول أن الادارة الامريكية مصرّة، نعم مصرّة على تنفيذ إستراتيجيتها، وصبرها لن يطول ، وهي تغيير النظام الايراني ،إما بالحصار الذي نراه، ونرى إنهياره الوشيك ، وإما بالقوّة العسكرية الجاهزة، للانطلاق بأية لحظة لتدمير مفاعلات إيران النووية، وصواريخها الباليستية، ومقرات حرسها وقواعده العسكرية ،وإيقاف كامل للاتصالات الالكترونية، في جميع مواقعها ومقراتها الحساسة في عموم ايران، دون أن ترسل جندياً واحداً للمعركة ، وهذا هو القرار الامريكي العسكري، والذي هو من صلاحية القائد العام للجيش الامريكي ،ولايحتاج الرجوع الى أخذ موافقة الكونغرس ومجلس النواب، كما يدّعي البعض،وقرار الحرب الآن هو بيد السي اي اي والبنتاغون،أي بيد الرئيس ترمب،وكل ما يجري من تصريحات وتفجيرات إيرانية ،هو من باب وهم القوة وقوة الوهم ،التي دائما مايمارسها نظام الملالي منذ الحرب الايرانية على العراق، وتجريعُه كأس السُّم في نهاية الحرب ،التي أصرّ على إدامتها ثماني سنوات، ذهبَ ضحيتها مئات الآلاف من الشهداء من الطرفين، نتيجة عنجهية خميني وعناده الفارغ ،وعدم إنصياع نظامه للقرارات الدولية ، والآن يمارس خامنئي نفس منطق وهم القوة ،مع مَنْ مع أمريكا تصوّروا، وهو يعرف والعالم كلّه يعرف، والشعب الايراني يعرف ،
أن أيَّ حرب يعلنها خامنئي مع أمريكا ،ستكون نهاية نظامه وتدميّره وتحطّيم عنجهيته ،وزوال مجّده، الذي بَناه على جماجم الشعب الايراني، لهذا أعتقد أن نَفَسْ حكام طهران سيكون قصيراً ،أمام الصّبر الإستراتيجي الأمريكي، فأمريكا كما يقول قادتها، ليستْ مستعجلة مع إيران ، لاسيّما وهي تفرض يومياً نوعاً جديداً وقاسياً من الحصارات ، الذي تضيق الخناق فيه، على حكام طهران، لإجبارهم على التفاوض أولا ،والقَبَول بالشروط التعجيزية ثانيا، والرئيس ترمب قال قبل يومين(( لانريد حربا مع ايران نريد فقط تفكيك مفاعلاتها النووية وصورايخها الباليستية بس ، ولانسمح لها ابدا بإمتلاكها للاسلحة النووية))، هذا ما تريده أمريكا من إيران، ومعها الدول العربية والاوروبية، فهل تخضع إيران لهذا الامر، أم تأخذها العزّة بالإثم وترتكّب حماقات عسكرية ،تودي بشعبها الى الهلاك والجوع والعوز،ونحن هنا نعتقد ومن خلال قراءتنا لعقلية النظام الايراني عبر نصف قرن ،أنّ ملالي طهران سيرتكبون خطأً تاريخياً، يؤدي بهم وبشعبهم الى الإنهيار الكامل ، وخسارة غير متوقعة أعدتها لهم أمريكا وتحالفها الغربي والعربي إنْ لم يقرأوا التأريخ جيدا ولن يقرأوا، سوف لن تقوم لها قائمة بعدها، وإن إعتمادها على أذرعها وميليشياتها ،لن ينجيها من الدمار والخراب، ولن يحفظها من الحرب لأن هذه الاذرع ستتخلى عنها، في إطلاق أول صاروخ على إيران وإستسلامها لقدرها وتسليم سلاحها ، كما حصل لجيش المهدي، أول سنة الاحتلال للعراق،
لأن هذه الميليشيات تعرف جيدا أن حكام طهران سيتخلون عنها ايضا ،عند الضرورة وعندما تحين ساعة الحساب الامريكي معها، كما صرّح الرئيس روحاني نفسه والمرشد نفسه قائلين(( أننا غير مسئولين عن ما تقوم به الميليشيات خارج ايران ، ولا نتحّمل ماتقوم به من أفعال إجرامية في المنطقة )) ، هكذا إذن تبيع وتخذل إيران حلفاءها بلحظة الهزيمة ، وكما سيحصل للموهومين واالمخدوعين بحكام وملالي طهران، من ميليشيات وأحزاب عراقية ولبنانية ويمنية تابعة لايران ، نعم الصراع الامريكي – الايراني على أشدّهُ كصراع الديّكة ، فلمن الغلبة في النهاية ، الغَلبَة للذي يمتلك القوة العسكرية والقوة المعنوية، والإصرار على إلحاق الهزيمة بالخصم، مهما غلت التضحيات ، وهذا مايظهر في التفوّق العسكري الامريكي، والتفوق الاعلامي والسياسي الامريكي، واالمناورة الامريكية الناجحة لإستفزاز عدوها، وإجباره على الهزيمة بكل ثقة، وهذا مانراه الآن في المشهد الامريكي اليومي، من تصريحات وإدارة ناجحة ،على حلبة الصراع الأمريكي- الإيراني ..نعم إنه صراع ديّكة، إنتظروا هزيمة أحدهما، وإنهياره الحتّمي قريبا جدااا …..