هل العراق دولة يُفتَخَر الإنتماء اليها

هل العراق دولة يُفتَخَر الإنتماء اليها
آخر تحديث:

بقلم:الأشعث الفرزوني

بدايةً ، إن كل إنسان يتمنى في قرارة نفسه أن يكون بلده متقدم ومتطور بحيث يضمن له ولأجياله القادمة حياة كريمة وآمنة وعادلة وأن يعيش في دولة ذات سيادة وموقع مؤثر في الساحة الدولية ومساهم فاعل في تطور الإنسانية . وهي تمنيات معظم الشعوب والمجتمعات في العالم . وَمِمَّا لا شك فيه إن بعض المجتمعات حققت مثل تلك الأمنيات وأصبحت دولاً متطورة ومتقدمة ومتحضرة تحكمها نخب سياسية واعية وحريصة على تطبيق النظام الملائم الذي يضمن ديمومة التطور والتقدم والتحضر . وهناك مجتمعات أخرى لم تستطيع تحقيق أي تطور أو تقدم بالرغم من توفر البيئة المناسبة لتحقيق تحول حقيقي في مجال تقدم البلد ومجتمعه ، وهناك من المجتمعات التي تراجعت في مستواها وعلى مختلف الأصعدة والمجالات ومنها من فقد الأسس العامة لمقومات الدولة الحديثة . العراق واحد من تلك الدول التي تراجعت من جميع النواحي ، حيث تحول العراق تدريجياً من دولة مؤسسات ونظام مدني واعد للحداثة والتقدم والتحضر خلال العهد الملكي الى أنظمة عسكرية وديكتاتورية منذ عام ١٩٥٨ ولغاية عام ٢٠٠٣ ثم الى نظام ” ديموقراطي إصطلاحاً “. وأدت تلك المراحل ( نظام ملكي الى نظام عسكري الى نظام ديكتاتوري الى نظام ملالي ميليشياوي عشائري ) الى تراجع العراق في جميع المجالات بحيث أصبح العراق الآن كيان يخلوا من مقومات الدولة الحديثة .

هناك العديد من الدلائل والمؤشرات التي تثبت بأن العراق خلال المرحلة الحالية لا يمكن إعتباره دولة بالمفهوم الحديث بالرغم من وجود بعض العناصر الأساسية مثل ” الأرض ” ( وهي مجزأة ومستباحة داخلياً من قبل المافيات الدينية وغير الدينية وخارجياً من قبل دول الجوار وغير الجوار ) ، ووجود ” شعب ” ( وهو خليط من فئات وطوائف غير متجانسة في داخلها تنكر وتكره بعضها البعض : المسلم إتجاه المسيحي والآخرين ، الشيعي إتجاه السني ، العربي إتجاه الكردي ، النجفي إتجاه الأنباري ، المتدَين إتجاه الملحد وهلم جرى ) ، ووجود ما يسمى ” نظام ودستور وقوانين ” ( وهو عبارة عن نظام محاصصة ومشاركة بين مافيات ومكونات وأحزاب إسلامية وغير إسلامية مسلحة إستولت على مقدرات البلد ونهبت ثرواته ودستور عبارة عن وثيقة مركونة فوق الرف يُستَخدم في وصفات معينة وقوانين لأغراض مصلحية فئوية غير وطنية ) ، ووجود ” اعتراف دولي بهذا الكيان ” ( وهنا ليس من تعليق على هذا الجانب ) .

واحدة من أهم الخصائص ، التي تجعل ” كيان العراق ” لا يمثل دولة بالمفهوم الصحيح المتعارف عليه وجود مافيات ومجموعات أغلبها مسلحة تعمل وتمارس نشاطاتها تحت مضلة الدين وتدير كافة شؤون البلد سياسياً ( تشريعياً ، تنفيذياً وقضائياً ) ، بحيث أصبحت تعمل بحرية وتدخل الإنتخابات تحت مضلة واجهات سياسية يقرها القانون مستغلة جهل المجتمع وتخلفه . وأصبحت إدارة مفاصل الدولة كافة خاضعة لإرادات رؤوساء تلك المافيات والمجموعات المسلحة ذات الطابع الديني وغير الديني . وعليه فإن من يتحكم بالعراق وموارده وقراراته هم مجموعة من الأفراد تقاسموا النفوذ في البلد منهم من يمثل المرجعيات الدينية أو الرموز الدينية ومنهم من يمثل الرموز العشائرية أو القبلية ومنهم من يمثل مجاميع مسلحة ممولة ومدعومة محلياً وخارجياً وما شابه . وعليه فإن العراق يدار فعلياً من قبل هذه المجموعة من الأفراد الذين لهم أجندات معظمها غير وطنية ومرتبطة بمصالح ذاتية . فالعراق إذاً يدار من قبل رؤساء مافيات وعصابات مسلحة ورموز دينية جاهلة وبذلك من الغباء القول بإن في العراق نظام مؤسسي ، فالعراق ليس بلد مؤسسات وإنما بلد شخوص ورموز هم القانون وهم الدستور . وبالرغم من التخلف الواضح في جميع مرافق الدولة وتردي الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والأمنية وتفشي الفساد المالي والإداري في كل مفاصل الدولة بشكل علني وفقدان السيادة وسرقة وتبذير موارد الدولة وزيادة الفقر والبطالة والمعاناة والقتل والإغتيالات والصراعات فقد إستمرت نفس تلك المجموعة من رؤساء المافيات في السيطرة على مقدرات العراق والتحكم بمستقبله المجهول . وأمام كل ذلك هل يُعقَل بأن هناك شخص عاقل وواعي يفتخر بالإنتماء الى هكذا كيان ” يسمى العراق ” ما لم يكن جاهلاً أو غبياً أو مغيباً !

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *