جبار الياسري
لقد دأبت جمهورية ملالي إيران منذ قيامها وتحديداً منذ وصول دجال القرن العشرين للحكم عام 1979 على ممارسة الكذب والخداع والتدخل السافر في شؤون الدول القريبة والبعيدة وارسال رسائل التهديد والوعيد لكل من يخالف سياساتها وتوجهاتها ونزعتها العنصرية القومية الشوفينية , ولم تثنيها حتى ضراوة وقساوة الحرب العراقية الإيرانية وفداحة خسائرها البشرية والمادية, من أن تقوم بزرع خلاياها ومد أذرعها في جميع الإتجاهات وخاصة في منطقتنا العربية , بالتزامن مع محاولاتها اليائسة والبائسة ونزعتها الشيطانية التوسعية الطائشة لإبتلاع العراق بحجة تصدير ثورتها الخائبة .. ثورة الجهل والتخلف الطائفية المقيتة , التي دفعنا ومازلنا ندفع فاتورتها الباهضة أنهاراً من الدماء وملايين الأرواح من الشباب بين قتيل وجريح ومفقود ومعوق , ومن الأموال عشرات الترليونات من الدنانير والدولارات , لكنها بالرغم من كل هذه المآسي والويلات التي جرتها على العراق والمنطقة أقدمت بالتعاون مع بعض ضعاف النفوس من شيعة المنطقة وخاصة في العراق وسوريا ولبنان وعلى رأسهم الأمين العام الحالي حسن نصر الله , بعد أن تم إغتيال الأمين العام السابق المرحوم عباس الموسوي الذي اغتاله الكيان الصهيوني بوشاية من إيران نفسها , بعد أن رفض أن يكون أداة طيعة ومطلقة بيد الخميني ومخابراته وانتقد إيران بأنها اشترت أسلحة من إسرائل التي تدعي بأنها تدعم حزب الله اللبناني لمقاتلتها !؟, فتم اختيار حسن نصر الله بدقة وعناية فائقة وتم دعمه بكل أسباب القوة من مال وسلاح وتدريب .
مَنْ منا لا يعرف أو لم يتابع أو يقرأ كيف نشأ حزب الله وكيف قام وتأسس , ولمن لا يعرف نضع بعض هذه الحقائق والمعلومات المقتضبة , لكي يعي بعض المغفلين والجهلاء .. مَنْ هو حزب الله اللبناني أي .. ( الإيراني ).. !؟:
حزب الله هو الذراع الأخطر لإيران في المنطقة والعالم , تأسس عام 1982, على يد مؤسسه الأول السيد ” محمد حسين فضل الله ” رحمه الله , وقد ولد من رحم منظمة حركة أمل الشيعية اللبنانية الموالية لإيران , ودخل المعترك السياسي عام 1985 , سعت إيران إلى تأسيس حركة جديدة تُسمّى (حزب الله) على يد محمد حسين فضل الله والملقب بـ (خميني لبنان)، وصبحي الطفيلي، وحسن نصر الله وإبراهيم الأمين وعباس موسوي ونعيم قاسم وزهير كنج ومحمد يزبك وراغب حرب. وسرعان ما تفجر الوضع بين هؤلاء بسبب محاولة كل طرف بسط نفوذه على مناطق الشيعة في لبنان؛ فاقتتل الطرفان -حركة (أمل) و(حزب الله)- قتالاً شرساً، حتى تمكَّن (حزب الله) من بسط نفوذه على أغلب مناطق الجنوب بقوة الدعم والسلاح الإيراني .
حزب الله هو حزب إيراني في لبنان، ففي البيان التأسيسي للحزب، الذي جاء بعنوان (من نحن وما هي هويتنا؟) عرّف الحزب عن نفسه فقال: “… إننا أبناء أمّة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران، وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزيّة في العالم… نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة تتمثّل بالولي الفقيه الجامع للشرائط، وتتجسد حاضراً بالإمام المسدّد آية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني دام ظلّه مفجّر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة..”، وقد عبّر إبراهيم الأمين (قيادي في الحزب) عن هذا التوجّه عام 1987م فقال: “نحن لا نقول إننا جزء من إيران؛ نحن إيران في لبنان، ولبنان في إيران”.
هذه هي حقيقة حزب الله لمن لا يعرفه , مخلب شر وذراع إيران الأقوى ليس فقط في لبنان بل في منطقة الشرق الأوسط برمتها , وهو أقوى ورقة بيد إيران تتفاوض به مع كل من إسرائيل والغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية , وخاصة حول مشاريعها التوسعية في المنطقة وحول برنامجها النووي , وواهم من يعتقد بأن إيران تدعمه وتموله … أي حزب الله .. حباً بالشيعة أو التشيع , بل هو ورقة ضغط بيد إيران تلوح بها بوجه خصومها وأصدقائها على حدٍ سواء , وستتخلى عنه في أي وقت من الأوقات التي تراها مناسبة , وعندما تكمل جميع صفقاتها وتنفذ جميع مشاريعها وأجندتها في المنطقة على حساب أمن واستقرار ونمو ورفاهية ووحدة أمة العرب خاصة , هذه الحقائق وغيرها للأسف لا يعلمها جل المثقفين والواعين والمفكرين .. فما بالنا بالرعاع والمغفلين الذين يدورون في فلك إيران منذ أكثر من ثلاثة عقود تجندهم وتزجهم في حروبها القومية من أجل إعادة أمجادها وإحياء إمبراطوريتها المقبورة .
تصريحات حسن ناصر المشروع الفارسي في لبنان وسوريا والعراق واليمن في حال تمت صحتها وثبوتها فهي تشير وتؤكد بدلالة ووضوح لأمرين لا ثالث لهم :
1- أما أن الرجل قد فهم اللعبة الإيرانية الأخبث في تاريخها الحديث جيداً .. أي لعبة تصدير ثورتها المزعومة ( الإسلامية ) , وبأنها مجرد فخ طائفي وضحك على الذقون , وما شعاراتها الكاذبة لتحرير القدس وطريق تحريرها الذي يمر عبر كربلاء وبغداد !؟, والذي لم تقطع جيوشها الجرارة حتى متر واحد بهذا الإتجاه على مدى 36 عام , ماهي إلا مجرد مورفين ومخدر لشعوب المنطقة العربية والعالم الإسلامي لا أكثر ولا أقل .
2- الاحتمال الثاني .. بوادر الهبة القومية والصحوة والنهضة العربية الإسلامية التي لاحت في الأفق العربي منذ 26 آذار 2015 , المتمثلة الآن بـ ( عاصفة الحزم ) , بعد أن وصلت الأمور حداً لا يطاق , وضاقت الشعوب والحكومات العربية ذرعاً بالنفوذ والتغلغل والتدخل الإيراني الوقح في أغلب مفاصل الدول العربية وعلى رأسها العراق وسوريا ولبنان وحتى مصر إبان حكم الأخوان المسلمين ووصلت إلى حدود المملكة العربية السعودية , ناهيك عن ما جرى ويجري لليمن منذ أن اجتاح الحوثيين العاصمة اليمنية صنعاء , هذا بالإضافة لبقية دول الخليج التي باتت على كف العفريت الفارسي لولا إعادة الثقة لحكامها وشعوبها بعد أن شنت الدول المتحالفة العشرة حملتها الجوية المباركة لردع ودحر فلول المشروع الإيراني التوسعي , ومحاولتها المستميتة من أجل الهيمنة والسيطرة على مضيق باب المندب لخنق العراق ودول المنطقة .
كذلك ربما يعود السبب أيضاً لما تمخضت عنه اتفاقية الأطار النووي بين دول 5+1 , بعد أن خرجت إيران من الولد بدون حمص , مدعية زوراً وكذباً بأنها أنهت حقبة من المفاوضات العقيمة ووضعت حداً للعقوبات الاقتصادية التي دامت أكثر من ثلاثة عشر عاماً بسبب برنامجها النووي الذي أرادت من خلاله تركيع العرب بالدرجة الأولى , ولهذا تحاول إيران الآن بدون حياء وخجل تحويله إلى نصر كبير أمام الشعوب الإيرانية , ولتصور نفسها أمام بعض المغفلين والمغرر بهم من الشعوب العربية وخاصة أتباعها في العراق بانها حققت لهم نصراً كبيراً , بعد أن أفقرتهم وجعلتهم يتقشفون تقشفاً لم يسبق له مثيل مع بداية حقبة التغيير الديمقراطي الجديد وبزوغ فجر حيدر العبادي الواعد !؟, , وبعد أن سخر ولاتها المتعاقبين على العراق منذ عام 2003 وحتى سقوط نوري زاده أكثر من 80% من ميزانية العراق لهذا المشروع النووي المزعوم ولتمويل حروبها العبثية التي شنتها على الشعب السوري الأعزل والحرب الأهلية التي تخوضها في العراق منذ تفجيرها المراقد في سامراء عام 2006 .
السؤال الذي يطرح نفسه هو : هل سيتم التخلص من السيد حسن نصر الله قريباً , بالضبط كما تم من قبل تصفية سلفه السيد عباس الموسوي الأمين العام السابق لحزب الله عام 1992 !؟, بعد أن تتفق إيران مع إسرائيل وأمريكا والغرب على الخطوط العريضة لرسم خارطة وسياسة الشرق الأوسط الجديد ؟, وتفتح صفحة جديدة بينها وبين الشيطان الأكبر أمريكا , والشيطان الأصغر ّالكيان الصهيوني ؟, طبعاً … على حساب تدمير المشروع القومي العربي الذي كما أشرنا باتت بوادره تلوح في الأفق , إنطلاقاً من أرض العرب العاربة أرض نجد والحجاز واليمن السعيد بحول الله وقوة ووحدة ولحمة أبناء الأمة العربية من المحيط إلى الخليج .
وإليكم ما يتم تداوله حول تصريحات السيد حسن نصر الله الأخيرة … التي لدينا بعض الشكوك والشبهات التي تحوم حول مصداقيتها وصحتها !؟, لكن نتمنى أن تكون كذلك رغم تأخرها أكثر من ثلاثة عقود .
تناقلت وكالات أنباء تصريحات جديدة للأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، شكلت مفاجأة مدوية للمتابعين والمحللين بعد إعلانه تبرأه وحزبه من نظام الملالي في طهران، وتراجعه عن الالتزام بسياسة إيران في المنطقة العربية، التي ورطته خاصة في سوريا والعراق وأخيراً في اليمن، حسب تصريحاته.
وقال نصر الله، في كلمة نشرتها قنوات تلفزيونية ومواقع مقربة من الحزب في لبنان، إن طهران “خدعتنا وجرّتنا إلى المستنقعين السوري والعراقي، ونسعى اليوم إلى تفادي التورط في المستنقع الجديد الذي يمثله اليمن”، في إشارة إلى “عاصفة الحزم” بعد التقارير التي تحدثت عن إرسال الحزب لمقاتلين ومدربين وخبراء لدعم الميليشيا الحوثية في اليمن.
وأضاف أمين عام حزب الله أنه “بعد كل هذه السنوات، اكتشفنا في الحزب، أن طهران خدعتنا وورطتنا في استعداء محيطنا العربي، ونحن مستعدون لمراجعة مُعمقة لعلاقتنا بطهران، ولوضع حدّ لهذا المسار الخاطئ والمبادرة بإصلاح ما يمكن إصلاحه مع إخوتنا وأشقائنا بداية من البيت اللبناني”، في اعتذار شبه رسمي، عن الضرر الذي تسبب في إلحاقه بلبنان واللبنانيين، والدول العربية الأخرى، طيلة سنوات.
وللحديث بقيـــــــــــــــــــــــة .