هل سيكون العبادي غورباتشوف العراق 

هل سيكون العبادي غورباتشوف العراق 
آخر تحديث:

 

  ادهم ابراهيم   

في عام 1985 اختير السيد ميخائيل غورباتشوف سكرتيرا عاما للحزب الشيوعي السوفيتي ، ثم اصبح بعد ذلك رئيسا لاتحاد الجمهوريات السوفيتية . وقد حاول منذ مجيئه للسلطة اصلاح النظام السياسي والاقتصادي للبلاد . ولكن اصلاحاته هذه قد ادت الى انهيار الاتحاد السوفيتي وتفككه عام 1991 . وبالرغم من ان السيد حيدر العبادي رئيس الوزراء قد دعى الى الاصلاح دون ان يخطو اية خطوة جدية بهذا الاتجاه ، الا ان موقفه سيكون مشابها لموقف غورباتشوف الذي حاول الاصلاح دون جدوى . . وربما كانت الولايات المتحدة الامريكية تحمل مثل هذا التصور عندما اصرت ، ولازالت تصر على بقاء العبادي رئيسا للوزراء ، ليقوم بمهمة تصفية حكم الاحزاب الاسلامية في العراق . سواء كان ذلك عن قصد او بدون قصد . . وهذه الاحزاب هي التي مكنتها امريكا من استلام السلطة بعد غزو العراق عام 2003 ، تحت لافتة النظام الديموقراطي الجديد . الا ان هذا النظام الذي بني على اساس المحاصصة الفئوية والحزبية قد شوه المفهوم الديموقراطي كاحد اساليب ادارة الحكم . كما ان الاحزاب الاسلامية التي استلمت السلطة ، وبقيادة حزب الدعوة ، لم تستطع تقديم اي مشروع عقلاني لادارة البلاد . بل انتهجت سياسات فئوية وطائفية ساعدت على تمزيق الوحدة الاجتماعية والسياسية للعراق ، وخصوصا قيامها بتنفيذ السياسات الاتية :-

اولا _ استبدال الولاء الوطني للجمهور بالولاءات الحزبية والاثنية .

ثانيا _ تازيم العلاقة بين الحكومة المركزية واقليم كوردستان بصورة مستمرة .

ثالثا _ تمكين عصابات داعش من احتلال مدن عديدة ، نتيجة سياساتها الفاشلة وادارتها السيئة .

رابعا _ اضعاف الثقة بالجيش العراقي ، وخلق تنظيمات عسكرية رديفة ، تتبع احزابا متصارعة على النفوذ .

خامسا _ الوصول الى حافة الانهيار الاقتصادي ، نتيجة الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة .

سادسا _ تسييس القضاء ، وجعل المحكمة الاتحادية رهينة السلطة التنفيذية .

ونتيجة لذلك اصبحت العملية السياسية في العراق غير قابلة للاصلاح . ورافق ذلك تذمر قطاعات واسعة من الشعب ، ورفضها لاسلوب الحكم الذي لم تجن منه سوى الحروب الداخلية ، وافتقار الموازنة وشيوع الفساد .. وقد ادى ذلك الى خروج تظاهرات عديدة ، مالبثت ان تحولت الى الاعتصام واجتياح المنطقة الخضراء المحصنة . لقد قاد التيار الصدري هذه التظاهرات مما حدا بحلفائه السابقين الى اتهامه واتهام من شارك فيها من القوى المدنية بالبعثيين وفدائي صدام . وهذه تهمة جاهزة الغرض منها التمويه على غضب الشعب وثورته . . وقد قابل هذا الوضع صراع الاحزاب المؤتلفة في الحكم ، فتعطلت الحكومة . واصيب البرلمان بالشلل . ان الوضع الحالي في العراق بالغ الخطورة . وقد يؤدي الى مجابهات مسلحة لاتحمد عقباها ، او يؤدي الى فوضى عارمة ، مما سيدفع الولايات المتحدة للتدخل بشكل مباشر لدرء الخطر الذي يهدد مصالحها الستراتيجية في المنطقة ، وذلك من خلال تنفيذها للمشروع التقسيمي المسمى بمشروع بايدن ، المستند على الفيدرالية ، والتي اسس لها الدستور العراقي ابتداء .

اننا لانتمنى ان يتفتت العراق على غرار ماحصل بالاتحاد السوفيتي ، الا ان استمرار السياسات الفاشلة للقائمين على العملية السياسية وصراعاتهم المستمرة على النفوذ والسلطة ستؤدي حتما الى تحقيق مثل هذا المسار .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *