اثار موضوع علاقة الاجهزة الالكترونية في تسريع انتشار عدوى كورونا ، مشكلة جديدة تضاف الى مشاكل التخلص من هذا الوباء الخطير .حقا .. هل لنا قدرة التصور لوجود مليارات ومليارات الحروف والكلمات وهي تتطاير وسط هذا الفضاء السيبراني الذي يطوقنا من الجهات الاربع ، وباتجاهات متغايرة .. والتي لا نعرف ما يعلق بها من فيروسات مجهرية وتحت المجهرية ، وتدخل في كل المجالات ، وتعشعس في كل المسامات. .
ليس هناك من وباء وضع الوجود في اشكالية مؤلمة ، العلم ، والفلسفة ، والتاريخ .. مثل هذا الذي فعله وباء كورونا بعقولنا ووجداننا ..حتى اهتزت القيم السائدة ، وتبددت الصور الثابتة ، وتراجعت قوة العلم في عقولنا .. وتموجت قناعات الاديان في عواطفنا .. ولم يبق لنا الا العودة الى مرجعية العقل ، وحكمة التاريخ .. لاستلهام العبر والدروس .
عندما قرأت كتاب فرنسيس فوكوياما ( نهاية التاريخ والانسان الاخير ) في مطلع التسعينيات ، وكان بحق من الكتب التي اثارت ضجة كبيرة في الاوساط الثقافية والسياسية على حد سواء .
كنت ماخوذا .. بفكرة اطلقها فوكوياما في كتابه وهي ان : العالم انقسم الى شطرين / احدهما اسير التاريخ — والاخر انجز رحلة التاريخ .
لكن فات فوكوياما .. الوصول الى ما بعد التاريخ ، وعلاقة الجانب الروحي بالانسان الذي تحول الى آلة في ماكنة جشع ونهم الاقتصاديين واصحاب البنوك العالمية .
نعم.. هناك مايبرر نهاية التاريخ والانسان ، بسبب عدم قدرة البشرية في السيطرة على التكنولوحيا المنفلتة ، والتكتم على وجود وفعالية المختبرات السرية ، وخطر التجارب البايولوجية .
لعل اهم نقطة ذكرها فوكوياما في في كتابه / تتعلق بظاهرة الانتشار العالمي للديمقراطيات الليبرالية ، ورأسمالية السوق الحرة في الغرب ، ووصولهما الى نقطة النهاية في التطور الاجتماعي والثقافي للبشرية .. كما ان بلورة الانموذج الليبرالي كأفق وحيد للعالم ظل العائق المعطل الذي لم يتم تجاوزه .
وعلى الرغم من انه شخص المشكلة.. لكنه لم يجرؤ على ايجاد بديل يحفظ قداسة العلم ويصون كرامة الانسان .
كان الفلاسفة الالمان سباقين الى طرح افكار فلسفية جديدة .. فهذا الفيلسوف الالماني رودوف شتاينر دعا الى توليفة بين العلوم والروحانيات واطلق عليه ( العلم الروحي ) وهو بذلك يكمل طريق استاذه الذي تتلمذ على يديه واعني الفيلسوف يوهان غوته الذي درس الاداب واللغات العربية والفارسية والصينية ، وانجز روايات مهمة مثل ( فاوست ، والام فيرتر ) وترك ارثا فلسفيا ، و ادبيا ، في الحياة الثقافية في المانيا .
اعود الى الهواتف الذكية وحمى التسابق ، لانتاج اجيال وفروع منها ، تصاحبها تطبيقات كان اخرها ( 5G ) التي بدات في مدينة يوهان الصينية .. وقد اشار الى هذه الحقيقة باحث في الاتصال الالكتروني لم يتسن لي معرفة اسمه في الفيديو الذي وصلني .
الباحث .. اعتمد على جملة حقائق تتعلق بوجود( اشعة كهرومغناطيسة ) تحيط بالهواتف الذكية وملحقاتها ، مصدرها اكثر من عشرين الف قمر اصطناعي تتحرك في الفضاء الخارجي .. اضافة الى اعمدة البث المثبتة بين البيوت وفي المحلات السكنية .
كما ان قابلية استقبالنا لها ، تعتمد على كمية المعادن التي تحويها اجسامنا ، ونوعية المياه المعدنية التي نشربها .
لكن هذه الاجهزة السلكية واللاسلكية ، والفضاء الكهرومغناطيسي ، لم تكن حديثة العهد .. فقد اخترع سامويل مورس ( التلغراف ) سنة 1835 ، ثم توصل البريطاني الكسندر ابرهام بيل الى اختراع جهاز ( التلفون ) وياتي الايطالي ماركوني ليخترع لنا معجزة العصر الاعلامي ( الراديو ) في مطلع القرن العشرين .. واخيرا يبشرنا المهندس الاسكتلندي جون بيرد باختراع ( التلفزيون ) في عشرينيات القرن الماضي .. ولم ينته هذا القرن المهم الا بالوصول ال قمة عصر الاتصال بوجود الهواتف الذكية التي تلازمنا اليوم في كل مكان وزمان.
اظن.. ان علماء الفسيولوجيا ،، وحدهم الذين سيقولون لنا / ما اذا كان الجهاز السمعي البشري القادر على استقبال التموجات الصوتية الواقعة بين ستة عشر هيرتز .. وعشرين الف هيرتز ، والتي تسبب احيانا الاما وسط الاذن ..سيكون فريسة لنظام ومجال حيوي كهرومغناطيسي خطير .. يساهم في انتشار فيروسات تدمر الادراك الحسي للانسان .مازلنا نؤمن بقدرة العلم على تجاوز هذه الكارثة التي اجبرت سكان القارات الخمس على الاقامة الجبرية .