بغداد/شبكة اخبار العراق- لحد هذه اللحظه يبدو للمحلل المتعمق أن الولايات المتحده هي الطرف الوحيد الممسك بلعبة وضع الشكل النهائي للعراق بعد إنتهاء ((مرحلة داعش )) سواء قبلنا أو لم نقبل بأن أمريكا نفسها ((وكأضعف الإيمان )) هي من خططت ومهدت وساندت من طرف حليف ما لخلق هذا التنظيم الإرهابي وبسيناريو مشابه تاريخيا لدعمها للقاعدة في افغانستان ,وعلى النقيض من ذلك فإن أمريكا كانت تقف بصفة مراقب وهي ترى العراق بعد الإحتلال يقع لقمة سائغه بفم الغول الإيراني بطريقة توحي وكأن أمريكا إحتلت العراق لتسلمه على طبق من ذهب لعدوتها ((اللدوده )) ايران التي يصحى وينام إعلامها على نغمات (( الموت …الموت …لأمريكا )).“إيران تستحوذ بسرعة على المزيد والمزيد من العراق حتى بعد أن أهدرت الولايات المتحدة هناك 3 تريليونات دولار، هذا واضح منذ فترة طويلة”، وأضاف ترامب أن إيران تحكم سيطرتها على العراق، منذ أن أسقطت القوات الأمريكية النظام العراقي السابق، ومن الواضح أن إيران لديها حساسية مفرطة حينما يدور الحديث عن نفوذها في العراق، وبالتأكيد لن تكون إيران مرنة أو مستعدة للتساهل بشأن قضية العراق والتي تعتبرها قضية أمن قومي بالنسبة لها.هذه الحاله المتناقضه قد تكون العقبه الحقيقيه التي تواجه ترامب في الملف العراقي خاصه والشرق أوسطي عامه . فمن جهة التعامل مع داعش يبدو أن الأمريكان حسموا الأمر مبكرا وحتى قبل وصول ترامب الى المكتب البيضاوي وقرروا انهاء داعش في العراق بعد أن حيدوا تركيا التي كانت المسرح الخلفي للوجستيات داعش ومعينها من الأسلحة والأفراد والممرات الآمنه والدعم الإستخباري ومنسق الداعمين العرب الذين حيدوا بدورهم ايضا .
إلا أن عقدة المنشار هنا إيران , فمنذ اليوم الأول لترامب تعهد بتحول كبير في السياسة تجاه إيران، ووصف الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع واشنطن وقوى عالمية أخرى، بأنه أسوأ اتفاق جرى التفاوض عليه على الإطلاق، قد قال للصحفيين في معرض رده على سؤال بشأن هل سيبحث خيارات عسكرية للرد على إيران فيما يتعلق بالرد على تجربة الصاروخ الباليستي؟ قال:إن كل الخيارات مطروحة على الطاولة.وبنفس السياق أكد بول ريان رئيس مجلس النواب أنه سيؤيد فرض المزيد من العقوبات على إيران ويجب على الولايات المتحدة أن تتوقف عن “استرضاء” طهران، مختتما تصريحه “سأكون مؤيدًا لعقوبات إضافية على إيران” .وبخطاب شديد اللهجة قال مستشار الأمن القومي الأمريكي : “تؤكد الإجراءات الإيرانية الأخيرة، بما في ذلك إطلاق صاروخ باليستي استفزازي والهجوم الذي استهدف فرقاطة تابعة للبحرية السعودية من قبل مسلحين مدعومين من إيران، للمجتمع الدولي بشكل واضح ومستمر سلوك إيران لزعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط “.ولعل أولى العقوبات على إيران التي وعدت بها أمريكا تم فرضها على 25 كيانًا إيرانيًا، ثمانية منها مرتبطة بالإرهاب، وسبعة عشر مرتبطة بأسلحة الدمار الشامل بدءًا من يوم الجمعة 3/2/2017 ,يضاف لها إدراج أيران ضمن الدول الإسلاميه السبعه المحظور دخول مواطنيها الى امريكا جنبا الى جنب مع سوريا هي اشارات واضحة لإيران والعالم عن جدية أمريكا في سياستها القادمه تجاه طهران رغم عدم الثقه التي ترسخت لدى العالم بعدم جدية التعامل بقوه مع ايران وخاصة خلال عهد أوباما .
وحينها فقط نفذ صبر ايران التي التزمت الصمت تجاه تهديدات ترامب قبل وبعد انتخابه حين وصف الرئيس الإيراني حسن روحاني نظيره الأمريكي ترامب بالمُبتدئ في عالم السياسة، وقامت إيران بالرد على حظر مواطنيها من الدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بحظر مماثل لرعايا الولايات المتحدة من الدخول إلى إيران وإقامة تجاربا لصواريخ بالستيه مؤخرا , لكن التسريبات من الغرف الخلفيه تؤكد أن إيران تحاول استرضاء أمريكا من خلال حليفتها الجديده ((في سوريا على أقل تقدير )) روسيا واستثمار علاقة بوتين بترامب الذي كما يقال أنه وعد الحكومه الإيرانيه بذلك وبالتأكيد مقابل اثمان كالتي تدفع لروسيا الآن في مهمتها في سوريا .فهي السياسه ولا شيء دون مقابل وكل شيء يجري وفق مبدأ الربح والخسارة .
طبعا توتر العلاقه الأمريكيه ـ الإيرانيه يعني بالضروره تضرر أمريكا أقتصاديا من خلال خسارتها لصفقات تجاريه تم الإتفاق عليها بين الطرفين بعد اقرار الإتفاق النووي ولعل ابرزها لاتفاقية التي وقعتها شركة بوينغ مع إيران والعراق لبيعهما طائرات بوينغ تبلغ قيمتها قرابة العشرين مليار دولار, ناهيك عن عقود النفط والغاز والمواد والمعدات التي تحتاجها ايران وتتلهف الشركات الأمريكيه لتدوير عجلة انتاجها وتوظيف آلاف العاطلين عن العمل هناك والذين يشكلون عبئا على الميزانيه الأميركيه المثقله بتكاليف حروبها الخارجيه ,ومثل ما أذكر دائما فأن ((إبن السوق )) ترامب قادر على التعامل مع ((السوق )) بعقلية المرابي المحترف فلو الغيت هذه الصفقات فعلى دول الخليج تحمل الخساره كامله وبنفس طريقته حين وعد المكسيك برفع الضرائب على منتجاتها المصدره الى أمريكا في حالة رفضها دفع إجور الجدار العازل , وقد أبدت دول الخليج رسميا استعدادها لذلك ولعل عدم ادراجها ضمن قرار منع الدخول الى امريكا يقع ضمن فقرات أجندة تقليم الأظافر الإيرانيه في العراق علما أن ما ستحصل عليه أمريكا من العراق ودول الخليج مغري جدا مقارنة بما ستحصل عليه من ايران , إذن الكفه ترجح الى الخيار الأخير والخاسر الأكبر ايران ولن ينفع اقتصادها الإستثمارات الموعوده من الصين أو روسيا.
ومن هنا يبدأ الكابوس العراقي الجديد فمن يعيد قراءة المقدمه الطويله يدرك أهمية العراق لأمريكا وايران بل ولجميع الأطراف المنخرطه في فوضى الشرق الأوسط أهميه أمنيه وسياسيه واقتصاديه التصادم بين ايران وأمريكا وحلفائها لن يكون إلا على أرض العراق وبرجال العراق وبماله ، مرحلة خطرة قادمه لابد من التهيئه لإستعدادت من طراز خاص ومواقف مصيريه تغلب مصلحة الوطن على السياسه والدين والمذاهب والجعجعات الفارغه , أن إمريكا ستبدأ أول خطوة في هذا التصادم بمحاولة حشد تأييد دولي لإدراج فصائل الحشد الشعبي ضمن قوائم (( الإرهاب )) الإنتقائيه التي تجددها أمريكا على مزاجها كورقة لعب رئيسيه في سياساتها في المنطقه ,إن لم يكن هنالك فعل وطني شامل من جميع الأطراف دون استثناء لتجنب تحويل البلد الى ساحة لحلبة الصراع الداميه القادمه .فلن يكون هنالك عراق كالذي نعرفه بل سيكون هنالك حرب اهليه ولبننه وبلقنه وكل ما تحتوي السياسه من قذارات .العراق الدوله يمكن له أن يحول هذا المشهد المرعب الى مشهد عافيه وخير بازالة ما علق بجسده من امراض وإن لم يفعل ساسة العراق ذلك … فأن أمريكا ستفعل ذلك..