هل يمكن أن تنتقل مظاهرات موظفي السليمانية إلى بغداد وبقية المحافظات ؟!

هل يمكن أن تنتقل مظاهرات موظفي السليمانية إلى بغداد وبقية المحافظات ؟!
آخر تحديث:

  باسل عباس خضير 

منذ أشهر والتظاهرات تعم مدن إقليم كردستان وأشدها في محافظة السليمانية وهي تطالب بصرف رواتب الموظفين الموقوفة بسبب عدم توفر الأموال ، وأكثر المتظاهرين تواجدا هي من شريحة المدرسين والمعلمين الذين يقولون بان الرواتب قطعت عنهم منذ أكثر من ثلاثة شهور ، وهم يهددون بعدم العودة للدوام في مدارسهم إلا بعد صرف كامل استحقاقاتهم لأنها من حقوقهم المشروعة ، ورغم إننا لن نشأ الخوض في الجوانب غير المادية لهذه التظاهرات إلا إن اللافتات المرفوعة تحمل عبارات تسأل أين ذهبت مبالغ صادرات النفط المصدرة بعد أكثر من عام عن عدم تسليم النفط إلى الحكومة الاتحادية ، فبموجب قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2016 فان على الاقليم أن يقوم بتسليم شركة سومو المسؤولة عن تسويق نفط العراق بما يكافأ 550 ألف برميل نفط يوميا ليتم تصديرها من خلال الحكومة الاتحادية من نفط كركوك من نفط كردستان ، وفي حالة مخالفة هذا الشرط فان قيمة الصادرات غير المسلمة للحكومة الاتحادية تستقطع من حصة الاقليم البالغة 17% من حصة الاقليم في الموازنة الاتحادية ، وحجة الخروج بتظاهرات وتنظيم اعتصامات تحت مسوغ المطالبة بدفع الرواتب ، هي من الوسائل الأكثر فاعلية في تنظيم التظاهرات ورفع مختلف الشعارات بما فيها الهتافات الحماسية واللافتات وترديد الهوسات وغيرها من وسائل التاثيرلأسباب عديدة أبرزها :

. إن الخروج بتظاهرات بسبب التوقف عن دفع الرواتب يشكل حافزا كبيرا للأغلبية لان فيه وجه شرعي

. من الصعوبة اكتشاف الجوانب السياسية فالهدف البارز هو الراتب كاستحقاق كمصدر معيشة الموظفين

. نظرا لما للمعلمين والمدرسين من تأثير اجتماعي فان من المكن أن يتعاطف معهم الكثير

. الأجهزة الأمنية تتعاطف مع المتظاهرين ولا تتعامل معهم بعنف لان حقوقهم واضحة للعيان

. غالبا ما يتم التعامل مع هذه التظاهرات من دون التدقيق في البحث عن هوية منظمي التظاهرات

وقبل أن نسترسل في التداعيات والنهايات والحلول المتوقعة لتظاهرات موظفي السليمانية ، فإننا سنعود إلى أصل السؤال قي عنوان المقالة حول التوقعات والاحتمالات التي يمكن أن ترافق ما سيحدث في بغداد والمحافظات ( فيما لو ) قطعت أو تأخرت رواتب الموظفين ، وسبب الاهتمام هو ما سيروج من آراء متشائمة بخصوص الموازنة الاتحادية لعام 2017 التي تتم مناقشتها في لجان مجلس الوزراء ومن المؤمل عرضها للقراءة الثالثة غي النصف الأول من كانون الأول المقبل ، فالموازنة فيها الكثير من المخاطر ومنها احتوائها على عجز بقيمة 22 تريليون دينار أي بنسبة 20% من مجموع النفقات ، كما إن الموازنة احتسبت على أسس غير واقعية ومنها تصدير 3,75 مليون برميل يوميا وبسعر 42 دولار للبرميل وهي افتراضات تحتاج إلى معجزة لتطبيقها لان أسعار النفط لم تصل إلى هذا الحد خلال العامين الماضيين إلا لبعض الأيام ، كما إن الصادرات لم تصل إلى هذا المستوى حتى عندما كان إقليم كردستان يصدر النفط من ميناء جيهان التركي عن طريق وزارة النفط الاتحادية ، وكما يصرح البعض فان إيرادات النفط ربما ستكون غير كافية لتغطية نفقات الموظفين من الرواتب والأجور والمخصصات وغيرها ، لذلك وضع مجلس الوزراء نصا في قانون الموازنة الاتحادية خول فيه الوزراء والمحافظين ورؤوساء الدوائر منح الموظفين إجازة بكامل الراتب الاسمي لمدة 5 سنوات ، وفي هذا النص مرونة عالية من حيث الاختيار والوجوب مما قد يعني انه إجراءا احترازيا من الممكن أن تستخدمه الحكومة بشكل إجباري عندما تكون عاجزة عن تسديد استحقاقات الموظفين ، باعتبار إن هناك أسبقيات أخرى في البلد تتعلق بمكافحة الإرهاب وإغاثة النازحين وأبواب أخرى ثابتة في الإنفاق .

ومن المواد الأخرى التي تضمنها مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2017 هو زيادة نسبة الاستقطاعات من إجمالي الاستحقاقات لتكون 4,8% بدلا من 3% والفرق بين النسبتين والبالغ 1,8% لم يبوب بشكل نهائي باعتبار إن استقطاعات 3% يفترض أن تذهب 60% للحشد الشعبي والبيشمركة و40% للنازحين ، ونعتقد إن اللجنة المالية في مجلس النواب يجب أن تعطي تسمية وتسلسل للاستقطاع الجديد ، ونشير بهذا الخصوص إن بعض لجان البرلمان تؤيد زيادة نسبة الاستقطاع ولجان أخرى لا تؤيد ذلك وتطالب للبحث عن مصادر أخرى لتقليل الإنفاق الحكومي والبقاء على الاستقطاع بنسبة 3% ، كما إن هناك دعوات لجعل الاستقطاعات بنسب متصاعدة حسب مستويات الدخل بحيث تلغى عن الرواتب التي تقل عن 500 ألف دينار شهريا وتأخذ شكلا تصاعديا لكي لا تطال الفقراء ومنخفضي الدخل لان كل دينار يعني لهم شيئا ما سيما المتقاعدين الذين يتقاضون اقل من 800 ألف دينار كل شهرين ، والمسالة التي تثير قلق البعض وهي ماذا ستفعل الحكومة عندما تنخفض إيرادات النفط في موازنة 2017 إلى خارج التوقعات كانخفاض أسعار النفط أو الإيرادات أو أيام التصدير آو غيرها من العوامل والظروف الأخرى التي قد يمر بها البلد ( لاسمح الله ) ، وبشكل قد يؤدي إلى تخفيض المخصصات أو تخفيض سلم الرواتب أو فرض الادخار الإجباري .

وهذه الأمور نتمنى أن لا تحصل ، ولكنها محتملة الحدوث في ظل انخفاض احتياطي البنك المركزي العراقي من العملات الأجنبية وارتفاع الفروض الداخلية والخارجية وضعف فاعلية أجهزة الدولة الحكومية في زيادة الإيرادات لغرض تعظيم الإيرادات الداخلية للموازنة الاتحادية ، فقد أثبتت ( بعض ) التجارب بان تفعيل التشريعات لزيادة الرسوم والضرائب من الممكن أن تؤدي إلى زيادة الفساد الإداري لمصلحة البعض ، أما لماذا نردد كلمة نتمنى إن لا تحصل فان الأسباب الحقيقية تعود إلى ارتفاع نسبة الفقر في العراق حسب إحصاءات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي ، ولان نسبة الطبقة الوسطى ودونها من الموظفين تشكل النسبة الأكبر من مجموع الموظفين ، ويعني ذلك من الناحية العملية فان أي تخفيض في القدرات الشرائية من خلال تخفيض الموظفين الذين باتت رواتبهم تشكل المحرك المهم للاقتصاد الوطني ، سيؤدي ذلك إلى رفع نسب العوز والفقر ولذلك نتائج سلبية من النواحي الاجتماعية والنفسية والأمنية .

وأمام مثل هذه حالات سيكون ذلك من الدوافع الأساسية للاحتجاج والتظاهر والتعبير عن الاستياء بشكل سلمي ، ونظرا لوأد أو فشل العديد من ممارسات التظاهر في المرات السابقة ، فان المظاهرات ( إن حصلت ) عند تخفيض الرواتب أو إجبار الموظفين على التمتع بإجازات إجبارية ، سيكون لها أشكالا تختلف عن الحالات السابقة لأنها ليست ( للبطر ) كما يسميها البعض ، وإنما للدفاع عن المعيشة بكرامة والبحث عن لقمة الخبز بحلال ، وفي ذلك لا نريد أن نشيع لحالة سوداوية وإنما لأخذ هذه الأمور بنظر الاعتبار عن مناقشة كل مادة وكلمة في قانون الموازنة الاتحادية لعام 2017 ، فليس من الفخر أن ننجز الموازنة وتتم المصادقة عليها وتنشر في الوقائع العراقية لتصبح جاهزة للتطبيق ونتباهى إنها أنجزت بوقت مثالي ، بل الأهم من ذلك أن تحسب ما سينعكس عن هذه الموازنة من تداعيات ايجابية أو بالحدود المعقولة التي لا تضر بالناس وفي مقدمتهم الفقراء ، فالموازنة هي نتاج ممثلي الشعب من مجلس النواب الذين يجب أن يضعوا مصلحة الشعب فوق كل المصالح الأخرى فهم الرمز الأكبر لكل وطن يحترم مواطنيه حتى وان زعل فلان أو انخفضت امتيازاته بقدر معين ، ومن المعروف للجميع إن العراقي أي عراقي في 2016 لا يشبه العراقي في أي سنة من السنوات الأخرى من قبل لان اغلبهم اكتسبوا العديد من الحقائق والخبرات بما أتيح لهم من وسائل المعرفة والمعاناة .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *