بغداد/شبكة أخبار العراق- في الوقت الذي انتقل فيه المبعوث الأميركي بالتحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”، بريت ماكغورك، إلى أربيل بعد انتهاء سلسلة لقاءات له مع الزعامات العراقية، الشيعية والسنية، دخل قائد “فيلق القدس” الإيراني، قاسم سليماني، إلى بغداد، وبدأ سلسلة لقاءات مع قيادات شيعية وزعامات في “الحشد الشعبي”، ومن المرجح أن ينتقل إلى السليمانية للقاء زعماء “حزب الاتحاد الوطني الكردستاني”، وفقاً لمصادر عراقية. وقالت المصادر إن إيران ستعمل على توحيد جناحي حزب “الدعوة” الإسلامية، المتمثلين بقائمتي “النصر”، بزعامة حيدر العبادي، و”دولة القانون”، بزعامة نوري المالكي، ثم دفعهما للتحالف مع قائمة “الفتح” التي تمثل الجناح السياسي لـ”الحشد الشعبي”، وكذلك “تيار الحكمة” وإلحاق كتلة “الاتحاد الوطني الكردستاني” بهم، ليشكلوا القائمة الكبرى، مع عزل قائمة “سائرون”، بزعامة مقتدى الصدر، في حال رفض الانضمام للتحالف الجديد.
وتطلب الإعلان عن 95 في المائة من نتائج الانتخابات العراقية أقل من 24 ساعة، إلا أنه ولليوم الثالث على التوالي لم تعلن مفوضية الانتخابات العراقية عن نسبة الـ5 في المائة المتبقية. وأدى عدم تسلم مجلس القضاء الأعلى النتائج النهائية بغية المصادقة عليها، منذ الثلاثاء الماضي، إلى الشكوك حول سلامة عملية الاقتراع، خصوصاً مع تسريبات تؤكد إثبات عمليات تلاعب بأصوات الناخبين لصالح أحزاب ومرشحين إسلاميين، وهو ما أكده عدد من أعضاء البرلمان العراقي وقيادات سياسية مختلفة. وطالبت كتل سياسية وأحزاب مختلفة، أمس الأربعاء، بإعادة عملية العد والفرز يدوياً، فيما ذهبت أخرى إلى المطالبة بإعادة إجراء الانتخابات في عدد من المحافظات التي تحوم حولها شكوك بالتزوير والتلاعب. ووفقاً لبيانات ومؤتمرات صحافية، لكل من “دولة القانون” و”الفتح” و”التغيير” و”الحكمة” و”القرار” و”الدعوة الإسلامية”، فإنها رصدت تورط موظفين في مفوضية الانتخابات بعمليات تزوير وتلاعب وإعاقة متعمدة لناخبين من أنصار كتل معينة. وأصدرت المفوضية العليا للانتخابات في العراق، بياناً، أكدت فيه تعرض عضو مجلس أمنائها، سعيد كاكائي، إلى التهديد بالقتل مع عائلته من قبل جهة سياسية، وصفتها بأنها “متضررة من الانتخابات” من دون أن تفصح عن هذه الجهة. وبحسب البيان فإن “تلك الجهة هددته بإجباره على تقديم استقالته أو الظهور في وسائل الإعلام لغايات تخص تلك الجهة السياسية”.
وعقدت المفوضية العليا للانتخابات مؤتمراً صحافياً ممثلة رئيس مجلس المفوضين في المفوضية العليا للانتخابات، رياض بدران، كشفت فيه أن النتائج الرسمية ستعلن خلال اليومين المقبلين، وأنه لا يزال هناك ألفا محطة اقتراع “قيد التحقيق” بحضور ممثلي الأحزاب العراقية. وكشف بدران أن معظم المشاكل تكمن في كركوك، حيث إن هناك 186 محطة اقتراع لم ترسل نتائجها إلى الآن، مشيراً إلى أن “مركز تصويت كركوك تحت حصار مسلحين يرفضون النتائج”. وتحدث عن تهديدات بالقتل تعرض لها عدد من موظفي المفوضية العليا، التي طالبت القوات الأمنية بتوفير الحماية لأعضائها.
وقال القيادي في تحالف “الوطنية”، بزعامة إياد علاوي، كاظم الشمري، إن “الحراك واسع في العراق بشكل عام، والتحالفات، أو الحديث عن تفاهمات، ما زال مبكراً”، مبيناً أن “الحديث الآن يدور حول الانتخابات نفسها، وهناك مطالبات بإعادة العد والفرز يدوياً للتأكد من نزاهة الحاصل الانتخابي الذي اعتمد إلكترونياً من قبل المفوضية”. وأكد مسؤول عراقي بارز في بغداد، أن “لجنة تحقيقية من المفوضية ومجلس القضاء الأعلى توصلت إلى وجود عمليات تلاعب حقيقية بنتائج الانتخابات في محافظات كركوك والأنبار وصلاح الدين ونينوى وبابل والسليمانية وأربيل لصالح مرشحين وأحزاب”، مبيناً أن “تأخر إعلان النتيجة الرسمية للانتخابات العراقية يعود إلى دراسة المفوضية إمكانية إعادة عملية العد والفرز يدوياً لعدد من محطات الاقتراع في تلك المحافظات بعد قرارها الرسمي أول من أمس بإعادة العد والفرز يدوياً في كركوك فقط”. ولفت إلى أن “أوامر اعتقال واستدعاء قضائية صدرت بحق عدد من أعضاء وموظفي مفوضية الانتخابات”.
وأوضح عضو بارز في تحالف “الفتح”، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن “زيارة سليماني حالياً ما زالت في طور عقد مصالحة بين أطراف البيت الشيعي المتناحرة، ولديه ضوء أخضر من (الزعيم الأعلى الإيراني علي) خامنئي”. وقال “إيران تعتبر موضوع تشكيل الحكومة العراقية ملف صراع مهماً مع الولايات المتحدة، وكل الاحتمالات مفتوحة”، كاشفاً أن “مبعوث حزب الله اللبناني، محمد كوثراني، عاد إلى بغداد، بعد أن غادرها قبل الانتخابات بأسبوع واحد” وفقاً لقوله. من جانبه، قال القيادي في التيار المدني العراقي، ماجد فاضل الهلالي، إن “الولايات المتحدة تريد الإبقاء على حيدر العبادي لهذه الدورة الانتخابية”، مبيناً أن “المبعوث الأميركي انتهى من حسم موقف الديمقراطي الكردستاني وقوائم سنية لصالح دعم العبادي لولاية ثانية”، معرباً عن اعتقاده بأن “الحكومة ستكون مؤلفة من تكنوقراط وليست محاصصة حزبية أو طائفية”، واصفاً الحراك الحالي بأنه “إيراني أميركي”.
وقال الخبير في الشأن السياسي العراقي، محمد الحياني، إن “المشهد السياسي العراقي سيزداد تعقيداً أكثر، والخشية الآن أن ينعكس ذلك على الملف الأمني في البلاد، خصوصاً مع تسجيل أول هجوم إرهابي انتحاري ببغداد منذ ثلاثة أشهر”. وكان وقع تفجير انتحاري داخل مجلس عزاء في بلدة الطارمية، شمالي العاصمة العراقية بغداد، الأربعاء الماضي ، أدى إلى مقتل وإصابة 32 شخصاً. وأضاف الحياني “تطرح سيناريوهات عدة الآن، لكن لا يمكن التنبؤ بشكل الحكومة، وهل سترى النور قريباً أم لا. السيناريو الأول، تحالف الصدريين والقوى المدنية مع حيدر العبادي والحزب الديمقراطي الكردستاني مع قوائم سنية، وهذا مطابق لدعوة الصدر إلى حكومة وتحالف عابر للطائفية، وهو ما لا تريده إيران في العراق. والسيناريو الثاني المتوقع هو تحالف نوري المالكي (دولة القانون) مع هادي العامري (الفتح) مع حزب الاتحاد الكردستاني وهذا التحالف مناسب لإيران، وترفضه واشنطن بالتأكيد، إذ إنه فضلاً عن أنه طائفي بحت وأغلب رموزه متهمون بالفساد، فإنه غير قادر على تحقيق الأغلبية البرلمانية، لذا لا أعتقد أنه سينجح بتشكيل حكومة. والسيناريو الثالث هو تحالف الفتح والصدر، وهو مستبعد جداً. لكن حتى لو تحقق فسيكون بحاجة إلى قوائم أخرى لتحقيق الأغلبية، وأيضاً سيكون طائفياً ويخالف توجه الصدر المعلن الذي ألزم نفسه به”.
في هذه الأثناء، قال المرشح عن ائتلاف “دولة القانون”، علي الكاظمي، “سيكون هناك تحالف بين دولة القانون والفتح خلال أيام قليلة، وحالياً هناك ترتيبات لصياغة وثيقة عمل مشتركة ليكون فيما بعد تفاهم مشترك مع باقي الكتل السياسية”، مبيناَ أن “البرلمان ملزم بعقد أول جلسة خلال شهر من إعلان النتائج رسمياً، وحالياً هناك متسع من التفاهمات والتوافقات بين الكتل”. من جانبه، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية، سعد الحديثي، إن “الحكومة مع التثبت والوقوف على جميع الشكاوى الانتخابية في كركوك وأي مكان في العراق”، مبيناً، أنه “في حال اكتمال عمليات العد والفرز اليدوي في بعض صناديق كركوك الانتخابية، ووجود اختلاف سيكون هناك عملية تحقق واسعة قد تشمل كل صناديق الاقتراع”، مستدركاً أن “المفوضية لم تكمل بعد عملية المطابقة حتى الآن وكل ما يثار الآن فرضيات”.