هل يواجه محمد شياع السوداني مصير عادل عبدالمهدي

هل يواجه محمد شياع السوداني مصير عادل عبدالمهدي
آخر تحديث:

بقلم:أدهم إبراهيم 

دعا أحد وجهاء مدينة السماوة مركز محافظة المثنى، إلى موجة احتجاجات واعتصامات في المحافظة لطرد الفاسدين. وطالب بإرسال حاكم عسكري نزيه بدلا من المحافظ لإدارة المحافظة .وإثر ذلك انتشرت دعوات للتظاهر في الحلة والكوت والنجف وكربلاء والديوانية والعمارة والبصرة وبغداد والناصرية.وهذا الوضع يذكرنا بالحركة الاحتجاجية، التي عصفت برئيس الوزراء الأسبق عادل عبدالمهدي عام 2019.حيث يواجه محمد شياع السوداني، رئيس وزراء العراق الحالي، مشهداً سياسيا معقداً ومضطرباً، وسط أجواء من عدم الاستقرار الأمني والاقتصادي، مما يثير تساؤلات حول قدرته على تحمل هذه التحديات.ومما زاد الطين بله الظروف المعقدة التي تمرّ بها المنطقة نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة، وما رافقها من توترات إقليمية ومحلية.

جابهت وزارة السوداني الحالية ملفات سياسية شائكة نتيجة المحاصصة الخاضعة لتدخلات الأحزاب والكتل السياسية، وتسيّرها الدولة العميقة. إضافة إلى النفوذ الإيراني الكبير في الساحة العراقية وتأثيره على الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد.وفي هذه البيئة المتأزمة، فإن قدرة السوداني على تنفيذ إصلاحات حقيقية كما وعد ستكون أمرا بالغ الصعوبة ما سيؤثر على بقائه في السلطة نتيجة  التحديات الكبيرة التي يواجهها، ومنها على الأخص:

  • المشاكل الاقتصادية: حيث لا يزال اقتصاد العراق يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، ما يجعله عرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية. وكان التنوع الاقتصادي بطيئا، ولا تزال البطالة مرتفعة، خاصة بين الشباب، يصاحب ذلك نقص الاستثمار، وتداعي البنية التحتية. وقد أدى سوء إدارة الحكومة للموارد والفشل في تنويع الاقتصاد إلى انتشار الفقر والسخط بين الشعب العراقي.

  • الانقسام السياسي: المشهد السياسي في العراق منقسم إلى حد كبير، حيث غالبًا ما تكون هناك خلافات بين العديد من الأحزاب والفصائل. وقد كان تشكيل حكومة مستقرة ومتماسكة تحدياً دائماً، حيث يصعب على السوداني التعامل مع هذه الانقسامات بعناية للحفاظ على دعم ائتلافه.

  • المخاوف الأمنية: على الرغم من هزيمة داعش إلى حد كبير ككيان إقليمي، إلا أن خطر التمرد لا يزال قائما. كما تمارس الميليشيات ذات الولاءات المختلفة نفوذًا كبيرًا، يتحدى على الدوام سلطة الدولة ويعقّد الحكم.

  • النفوذ الأجنبي: لا يزال العراق ساحة معركة للنفوذ بين الولايات المتحدة وإيران. إن تحقيق التوازن في هذه العلاقات مهمة حساسة، وأيّ تحول ملحوظ يمكن أن يؤدي إلى تداعيات داخلية وخارجية، خصوصا أن إيران تحاول عن طريق أذرعها المنتشرة في العراق إبعاد الولايات المتحدة.

  • الفساد المستشري: كان أحد الإخفاقات الرئيسية لحكومة السوداني عدم قدرتها على معالجة الفساد داخل صفوفها. وتنتشر الرشوة والعمولات والاختلاس في العراق، حيث تختفي الملايين من الدولارات من الأموال العامة في جيوب المسؤولين الفاسدين. وقد أدى ذلك إلى انعدام ثقة الجمهور في الحكومة وأعاق تنمية البلاد وازدهارها.

  • انتشار السلاح: يوجد في العراق الكثير من الفصائل المسلحة، يقودها أشخاص مرتبطون بأحزاب مدعومة من إيران. وقد استطاعت السيطرة على المفاصل الأمنية والسياسية والاقتصادية للدولة، إذ تتمتع بنفوذ عسكري كبير في المحافظات كافة، كما استطاعت الاستحواذ على عوائد المعابر الحدودية، وجبي الرسوم والضرائب، والانخراط في عمليات التهريب. وغالبا ما تحرج الحكومة بعملياتها العسكرية غير المنضبطة ولا يستطيع رئيس الوزراء كبح جماحها أو إخضاعها لسياسات الدولة الرسمية.

وتعد حكومة محمد شياع السوداني استمرارا لحكم حزب الدعوة رغم وعوده بالخروج من عباءة الحزب.وبعد مرور سنين طويلة على حكم الحزب المذكور يظل مشروع الديمقراطية في العراق مجرد محاولات شكلية تستند على انتخابات مزورة. ويتعرض العراق للتخريب المستمر بسبب نظام محاصصة فاسد لتقاسم السلطة ساعد في ترسيخ دكتاتورية الأحزاب الدينية .وأصبح نظام الحكم في العراق نموذجا لدولة فاشلة تعج بالانقسامات السياسية والمشاكل الاقتصادية والتهديدات الأمنية.

أن إخفاقات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تسلط الضوء على الحاجة إلى إصلاحات جذرية شاملة وعملية سياسية أكثر شمولاً وقدرة على تلبية الاحتياجات المتنوعة للشعب العراقي. وللمضي قدمًا، يحتاج هذا البلد العريق إلى قيادة يمكنها جسر الانقسامات الطائفية، ومكافحة الفساد بشكل فعال، وتنفيذ سياسات اقتصادية مستدامة لتحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد.إن صبر الشعب العراقي قد شارف على النفاد. ويشعر العديد من المواطنين أن الوعود بالإصلاح مجرد كلام فارغ، نظراً إلى عدم حدوث تغييرات جوهرية في حياتهم اليومية. وقد فشل السوداني في تحقيق وعوده في إجراء تحسينات ملموسة، وبذلك فهو يخاطر بإشعال موجة أخرى من الاحتجاجات المشابهة لتلك التي أدت إلى سقوط  رئيس الوزراء الأسبق عادل عبدالمهدي.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *