وزارة العدل تبرر موت المعتقلين والسجناء ببيانات كاذبة..

وزارة العدل تبرر موت المعتقلين والسجناء ببيانات كاذبة..
آخر تحديث:

عندما أعيد وزير الداخلية الاسبق سعدون شاكر الى سجنه في الناصرية جنوبي العراق بعد استدعائه الى بغداد والتحقيق معه في منتصف الشهر الماضي أيقن انه في طريقه الى الموت وابلغ زملائه في السجن أنه لن يبقى حياً.

وكانت وزارة العدل قد اعلنت أمس الاول (الجمعة) وفاة سعدون شاكر بعد يوم واحد من موت وطبان ابراهيم الحسن، ولوحظ ان بيان الوزارة عن وفاة الاثنين يكاد يكون متطابقا (كان يخضع للعناية الطبية من قبل اللجان الصحية المختصة في دائرة الاصلاح العراقية إضافة الى متابعة حالته الصحية وارساله الى المستشفيات المتخصصة) وهو يشبه ايضا بيانها الخاص بموت طارق عزيز في الخامس من حزيران الماضي، الامر الذي يثير شكوكا في أسباب وفاة الوزراء والمسؤولين السابقين، وسط معلومات تفيد بان قراراً تم التفاهم عليه بين رئيس الحكومة السابق نوري المالكي وبين الجانب الامريكي في عام 2011 قبل انسحاب القوات الامريكية من العراق، قضى بعدم تنفيذ احكام الاعدام بهم وانما تركهم يموتون في السجون في ظل غياب الرعاية الصحية عنهم واستمرار تعذيبهم نفسيا وجسديا.

ورغم ان المحكمة الجنائية كانت قد اصدرت حكما باعدام سعدون شاكر في 16 آذار 2011 وهذا يعني ان قضيته قد اغلقت بانتظار تنفيذ الحكم به، الا انه استدعي عشرات المرات الى هيئات حققت معه آخرها عندما نقل من سجن الناصرية الى بغداد في منتصف تموز الماضي، حيث أمضى 72 ساعة فيها خضع خلالها الى تعذيب جسدي شديد ظهرت آثاره عليه عند اعادته الى الناصرية.

وامتنع سعدون شاكر عن الحديث عما جرى له في بغداد، غير انه اشار الى ان موعده مع الموت بات قريبا، حيث ساد اعتقاد بانه ربما دس له السم البطيء خلال الايام الثلاثة التي امضاها في العاصمة.

وكانت معلومات قد تسربت من سجن الكاظمية الذي أمضى فيه سعدون شاكر عشر سنوات قبل نقله الى سجن الناصرية في نهاية عام 2013 فان نوري المالكي استدعاه اكثر من مرة خلال الفترة من 2005 عندما كان الاخير رئيسا للجنة الامن والدفاع النيابية لغاية 2012 وهو رئيس وزراء واستجوبه شخصياً عن قضايا أمنية سابقة، كما ان قياديي حزب الدعوة علي الاديب وحسن السنيد ومحمد باقر الناصري أخضعوه ايضا الى تحقيقات قاسية عدة مرات عن احداث وقعت خلال رئاسته لجهاز المخابرات.

كما استجوب سعدون شاكر من قبل محققين ايرانيين خلال حكومة ابراهيم الجعفري في منتصف عام 2005 بمبنى وزارة الداخلية الذي كان يشغلها باقر صولاغ، وتناولت جلسات الاستجواب الصلات التي كانت قائمة بين جهاز المخابرات العراقية وآية الله الخميني المقيم في النجف حينذاك اضافة الى ملابسات مغادرته الى فرنسا في نهاية العام 1978 بعد ان اقام في العراق اكثر من 14 عاما.

ومعروف عن سعدون شاكر انه كان مسؤولا عن الملف الايراني طيلة الفترة من 1970 ـ 1975 وتصدى بحزم لنشاطات جهاز السافاك الشاهنشاهي في العراق وارتبط بعلاقات وثيقة مع معارضي شاه ايران وعلى رأسهم الخميني والجنرال بختياري وقاسملو.

وينحدر سعدون شاكر المولود في بغداد عام 1939 من قبيلة (العبيد) في الحلة حيث استوطنت بطون من القبيلة العربية مناطق في الفرات الاوسط وتكيفت مع بيئاتها، وهو في الاصل عامل اشتغل في تأجير ساحات أمانة العاصمة لوقوف السيارات قبل ان يتحول الى كادر في حزب البعث في عام 1964 ويصبح عضوا في شبكة (حنين) التي انشأها الحزب في ذلك الوقت لحماية قادته واغتيال معارضيه.

ونظرا للشجاعة التي كان يتميز بها سعدون شاكر فقد اختاره عضو القيادة القطرية للحزب صدام حسين التكريتي مساعداً له في الفترة التي سبقت 17 تموز 1968 خصوصا وان (ابو رعد) كما يسميه البعثيون كان قد نجح في تهريبه مع رفيقه عضو القيادة الآخر عبدالكريم الشيخلي من مطعم الجندول في شارع ابو نؤاس في صيف 1966 عند عودتهما من جلسة محاكمة جرت لهما حيث كانا معتقلين في سجن رقم واحد بمعسكر الرشيد.

وعقب 17 تموز 1968 اختير سعدون شاكر رئيسا للجنة التحقيقة الاولى في معتقل قصر النهاية التي حققت مع وزراء وقادة عسكريين ومسؤولين سابقين قبل ان يعين مديرا لمكتب العلاقات العامة الذي تحول الى جهاز المخابرات العامة في نهاية 1973 حيث رأسه لغاية تموز 1979 عندما عين وزيرا للداخلية.

وفي منتصف الثمانينات تفرغ سعدون شاكر الذي اصبح عضوا في القيادة القطرية عام 1977 لشؤون الحزب واصبح مسؤولا عن تنظيمات البعث في دول الخليج والجزيرة العربية حتى تاريخ الثاني من آب 1990 الذي تردد انه لم يكن متحمسا لاحتلال الكويت ودافع عن قيادي بعثي كويتي يدعى ناصر الصانع كانت قوات الامن العراقية قد اعتقلته ومن ثم اعدمته لرفضه رئاسة الحكومة الكويتية المؤقتة التي اعقبت احتلال الكويت مما أدى الى فصل سعدون من عضوية القيادة القطرية للحزب في ايلول 1990.

ورغم ان سعدون شاكر قد تولى رئاسة جهاز المخابرات ووزارة الداخلية لسنوات طويلة، الا انه ظل اجتماعياً يتردد على النوادي البغدادية وسباقات الخيل ويتفقد اصدقاءه القدامى في الاعظمية والصليخ ولم تسجل عليه شبهات مالية أو استغلال شخصي او وظيفي.
(الصورة للمرحوم سعدون شاكر وخلفه ناظم كزار عام 1970).

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *