ولاية الفقية … وولاية المرشد … بقلم حمــزة البصــري

ولاية الفقية … وولاية المرشد … بقلم حمــزة البصــري
آخر تحديث:

 اثارت تصريحات علي اكبر ولايتي ” الاخوان اقرب الى معتقداتنا ” علامات استفهام لاغلب المتابعين للشأن المصري لما تعنية هذة الكلمة من مغزى ينم عن تفاهمات حصلت منذ القدم ولم يحن وقت البوح بها الا في الوقت المناسب، وكذلك يقرأ منها بين السطور ان التقارب الذي حصل مؤخراً بين اخوان مصر وملالي ايران لة ابعاد فكرية ولغرض فك رموز شفرة هذا التقارب لابد من بحث الموضوع في محورين المحور الاول التقاء مفهوم الولاية عند الطرفين حيث ان مفهوم ولاية الفقية وولاية المرشد تنبع من مشكات واحدة باعتبار ان الفقية هو نائب الامام التقي الورع المجتهد العالم الذي توجب لة الطاعة لذلك تعتبر قراراتة غير قابلة للنقاش وهي فوق القانون لانة يحكم باسم الامام المهدي حسب زعمهم، والفكرة هنا مبنية على اساس الطاعة التي هي اقرب الى العصمة وهو الذي يمنح مفاتيح الجنة الى اتباعة، اما ولاية المرشد فهي لا تختلف عن ولاية الفقية من حيث الطاعة وهو الاب الروحي لملكات الكهنوت الاخواني وهو الذي يرشد اتباعة سبل الحياة الى الجنة لذلك وجبت لة الطاعة وكان الشعار الذي يتغنى بة الاخوان في السابق” مرشدنا البنا يدخلنا الجنة”. اذن ليس هناك ما يدعو للغرابة من تصريح علي اكبر ولاياتي ما دام هناك ترابط فلسفي لمعتقد ولاية الفقية وولاية المرشد الذي يؤدي في النهاية الى التقاء الارادات. اما المحور الثاني فهو المعطيات التاريخية لسفر تكوين منظمتين سياسيتين تتخذ من الدين غطاء فكري لتحقيق اطماع سياسية ومن هنا لابد من الحديث باسهاب عن مراحل نشوء الظاهرة الخمينية وحركة الاخوان المسلمين فبالنسبة الحركة الاخوان كل الشواهد تؤكد هناك ارتباط بين الأخوان والدول الخارجية وهي ليست حديثة العهد، بل يمكن إرجاعة إلي بدء نشأة الجماعة في مصر في عام 1928 وكانت مدعومة من قبل الاحتلال الانجليزي فأول تبرع تلقاها السيد حسن البنا كان من شركة قناة السويس المسيطر عليها من قبل الانكليز الذين كانوا منزعجين من تماسك النسيج المصري بعد ثورة 19 ، وكانت رأيتهم في الجماعة أنها الوسيلة التي يستطيع بواسطتها نشر بذور الفتنة الدينية وهدم التوافق والوحدة الوطنية بين أبناء الوطن المصري كعامل أساسي لضمان بقاء الاستعمار لأطول فترة ممكنة في مصر، وحتي لا يكون الكلام جزافاً فلابد من العودة الى الوثائق المتاحة حول علاقة الأخوان المسلمين بالانجليز.

   يذكر الدكتور ابراهيم المطلق ( أن فكرة إنشاء الجماعة خطط لها وطبخت أفكارها في دهاليز سفارات بعض الدول في مصر. كما أكد “مارك كيرتس” مؤلف كتاب “الشؤون السرية” شارحاً، أن تأسيس “الإخوان” كان لصالح البريطانيين في مواجهة الوفد والقصر. اما المعلومات التي ذكرها الشيخ علي عشماوي المسجلة في كتابه “التاريخ السري للإخوان المسلمين” وخاصة عند إشارته للشيخ سيد قطب الذي ذكر انة ” كان يعلم ( أي سيد قطب ) أن قيادة الأخوان كانت مخترقة من الأجهزة الغربية الاستعمارية وتعمل لحسابها مستشهداً بعبارات مشهورة ومسجلة للمرشد العام الأسبق لجماعة الأخوان حسن الهضيبي الذي قال فيها ” أن الشعب البريطاني أقرب الشعوب للإسلام. اذن لا غرابة ان تكون معتقداتهم اقرب الى ايران ايضاً لان منبع الطرفان من حاضنة واحدة كما سيأتي , كما أكد الكاتب الأمريكى روبرت دريفوس أن جماعة الإخوان المسلمين نشأت بمنحة من شركة قناة السويس المملوكة فى تلك الفترة للإنجليز، مشيراً الى ذلك فى كتاب بعنوان “لعبة الشيطان” وكيف أطلقت الولايات المتحدة العنان للأصولية الإسلامية” وإلى مؤسس الجماعة حسن البنا الذي كان دائم الالتقاء بعدد من سفراء الدول الأجنبية وعلى رأسهم بريطانيا وأمريكا.

ووفقاً لما ورد بالكتاب الذى جاء فى 387 صفحة والتي صدرت ترجمته إلى العربية عن دار الثقافة الجديدة، ان واشنطن دعمت الجماعات الإسلامية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا جهراً وسراً، مما تسبب فى ميلاد “الإرهاب”، مؤكداً أن أمريكا تلاعبت بالإسلام كعقيدة كما تلاعبت بالجماعات الإسلامية التى دعمتها ومولتها , وكشف الكتاب أن الولايات المتحدة استخدمت الإخوان المسلمين فى الخمسينيات ضد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وبعد وفاة ناصر عام 1970 تراجع دور القومية العربية وأصبح الإخوان سندا وحليفا لأمريكا بشكل أقوى، خاصة وأن الرئيس أنور السادات استخدم الإخوان حينها لمناهضة الناصرية .

واعترف دريفوس فى كتابه بأن بلاده هى المسئول الأول عن انتشار ما أسماه “الإرهاب الإسلامى”، بدعمها الإخوان المسلمين فى مصر، والثورة الإسلامية فى إيران، وتنظيم القاعدة خلال الحرب الباردة، وكشف الكاتب مفاجأة غريبة أنَّ ملهم الإخوان المسلمين الأسبق وأبوهم الروحى كان “ماسونياً” وكان يرتاد المحفل الإسكتلندى العام الذى يحضره الماسونيون الأحرار فى مصر، كما عرض فى الكتاب دورالولايات المتحدة فى دعم الثورة الإسلامية بإيران وحركات الجهاد فى افغانستان  .

اما نشوء الظاهرة الخمينية التي تدخل ضمن خارطة انتشار الاسلام السياسي الذي صنعة الغرب حيث تعود الجدور التاريخية لهذة الظاهرة بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية والنجاح الكبير الذي حققه الجناح المسيحي لمنظمة الصهيونية العالمية من خلال الحركة الماسونية وهيمنتها على اوربا أثر مشروع مارشال الذي اسس للنهضة الاقتصادية للعالم الغربي، ولم يبقى للحركة الماسونية الا تأسيس الجناح الاسلامي الذي تعثر انشاءة في عهد الدولة العثمانية أثر فشل محاولة اغتيال السلطان عبد الحميد الذي اعاد المشروع الى بداياتة فضلا عن تحجيمه في خمسينات القرن الماضي ومحاصرته في الوطن العربي نتيجة انتعاش حركات التحرر ومقارعة الاستعمار والانقلابات العسكرية، الا ان الغرب وجد ضالتة في ايران بسبب العداء التاريخي الفارسي للعرب واسلوب التقيّة الذي تتبعة المرجعيات الطائفية في ايران عامل مشجع لاقامة اتصالات سرية بين المحافل الماسونية ورجال الدين الايرانيين ومبرر للتعاون وتبادل المصالح بين الطرفين لاختراق العالم العربي الاسلامي وادخالة في دوامة الصراعات الطائفية والمذهبية لوجود ارضية مشتركة لتنفيذ مآرب واجندات متقاربة تصب في محاربة العروبة وتشوية الاسلام وتحجيم دورة التاريخي والانساني وما الصفقات التي تمت في باريس من وراء الابواب المغلقة لاستبدال شاة ايران بنظام الملالي وتناوب الادوار بحلة جديدة تحت عباءة ما يسمى برجال الدين الا بداية لتنفيذ مشروع امريكي صهيوني ايراني خطير يرمي الى ضرب الاسلام من الداخل وشرذمة المسلمين، وخير دليل على قطف ثمار هذة الاتفاقات اطلاق عنان ايران على الارض ليكون لها دور مرسوم في العالم العربي والاسلامي لتغير الثوابت في الخارطة السياسية لان ايدلوجية النظام القائم في ايران هو تسخير الاسلام لخدمة القومية الفارسية العنصرية واتخاذ من مذهب التشيع وسيلة لتشكيل قوة سياسية بقيادة فارسية تحت غطاء مذهبي حسب ما مخطط لة لاقامة هلال شيعي يمتد من ايران عبر العراق وسوريا ولبنان وفلسطين في منطقة الشرق الاوسط ولم تكن المسألة تحالف استراتيجي فقط وانما التقاء ارادات لافراغ الاسلام من جسد الامة العربية لان الغرب على علم بمدى التقاطع الفكري بين القومية الفارسية والعقيدة الاسلامية والتكامل الفكري بين القومية العربية والاسلام لان ايران القومية لا يهمها من الاسلام في شيئ بعدما عجزت عن تسخيرة الاسلام لخدمة قوميتها الفارسية لان تعاليم الاسلام تتقاطع مع النهج القومي الفارسي العنصري الشوفيني بل عملت على تسخير المذهب الذي اصبح دين جديد يصب في صالح القومية الفارسية وهذا لم يضر الغرب من شيئ بل ران لهم قبول فكرة التقاطع الفكري بين القومية الفارسية والاسلام وبنوا عليها لانهم على علم بان الخطر يكمن في العلاقة بين العروبة والاسلام لانهم على علم بمآثر العرب عبر التاريخ وكيف ان الاسلام نقل العرب من البداوة الى الحضارة لان العرب قبل الاسلام لم يكن في قلوبهم وعقولهم عقائد دينية حتى انهم لم يفقهوا ماهي الجنة والنار بل كانت في ايديهم اصنام لتقربهم الى الله زلفى فلما حطموها لم يكن في عقولهم وقلوبهم الا الذي انزل على الرسول محمد صلّ الله علية وسلم فكانوا خير امناء لنشر الاسلام وعلموة للامم الاخرى صافيا نقيا كما اخذوة من معلمهم، على عكس الفرس والاخرين الذين كانت لهم ديانات وعقائد اخرى وعندما اعتنقوا الاسلام خلطو مع اسلامهم شذرات من دياناتهم وعقائدهم السابقة وعندما سنحت الفرصة بعد الوهن الذي اصاب الامة العربية طافت على السطح البدع والخرافات لحرق البيت الاسلامي من الداخل وهذا ما تلعبة ايران انطلاقاً من عدائها التاريخي للعرب والذي توافق مع ارادات المشروع الاستعماري الغربي الصهيوني لهذا ركزت في كل تحالفاتها مع من يعادي العرب ومن هنا بدأت نقطة القاء بين الارادة الفارسية وحركة الاخوان المسلمين ضد فكرة القومية العربية والقفز عليها بحجة اممية الاسلام وما تصريح العريان ضد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الزعيم التاريخي للامة العربية ورائد فكرة القومية العربية الا رسالة واضحة من الاخوان الى ايران تذكرهم بتوافق ارادتين ضد فكرة القومية العربية فضلا عن القواسم المشتركة في المعتقدات والممارسات الميكافيلية باتباع الطرفين اسلوب التقيّة والكذب والخداع لان هذة المعتقدات نابعة من حاضنة واحدة اي صناعة ماسونية بامتياز، وما اسلوب التقيّة الذي يشكل العمود الفقري للمعتقدات الايرانية وكأنها فصلت لتزوير تاريخ العرب والتي بموجبها يتم رسم سياسات ايران الخارجية حتى باتت ايران تتلاعب في التاريخ والجغرافيا بما يتلائم واجندتها الفارسية فقد اخترقت العالم العربي وباتت تصنع كل يوم اعراس دم في العراق وسوريا واليمن فضلا عن انشاء بؤر موالية لها في البحرين والسعودية والكويت بالاضافة الى توسيع دائرة تدخلاتها في مصر والمغرب وتونس والخليج العربي ولبنان وفلسطين حتى اصبحت تشكل اكثر خطورة على العرب من الاعداء المفترضين ناهيك عن نشر البدع والخرافات والتلاعب بالتاريخ حتى خلقت منا امة تلعن امجاد عصرها الاموي والعباسي وتتباكى على تاريخ صنعتة من وهم. ولا يختلف الامر بالنسبة للاخوان في مصر وهم يمارسون نفس المعتقدات باستخدام الوجة الاخر من التقيّة الكذب والخداع والتمسكن لغرض التمكن بعدما كانت مهمة التنظيم مسخّرة للدعوة الاسلامية وبعيدة عن العمل السياسي حسب ما كان يزعمون مع رفضهم قبول فكرة الدولة المدنية من اجل خلق النموذج الاسلامي عن طريق الدعوة للوصول الى اسلمة المجتمع الذي بدورة يقرر شكل النظام الاسلامي، ولكن حصل العكس بعد ثورة يناير بركوب موجة الانتخابات وفق اصول الديمقراطية الحديثة ذات الصناعة الغربية متناسين اصول الاسلام في طريقة الحكم كما كان يتردد في ادبياتهم حتى خطفوا الثورة الفتية مستغليين حداثة التنظيمات السياسية المصرية الجديدة وقلة خبرة الثوار للوصول الى السلطة من خلال حزمة اعمال من المراوغة والتضليل خصوصاً بعد اعلانهم عدم الترشيح لمنصب الرئاسة ثم دخلوا اللعبة في الوقت الضائع حتى نالوا المنصب وشرعوا فورا الى تاسيس المؤسسات التي تثبت اركان حكمهم عن طريق الاعلانات الدستورية التي اعلنها الرئيس بعد ان رفضها من قبل المجلس العسكري وارتضاها لنفسة لضمان بقاء دائم في الحكم فضلا عن سلق الدستور على عجال لاجراء انتخابات برلمانية وسط تشرذم القوى السياسية للهيمنة على المؤسسات الدستورية للدولة حتى بات واضحا ان التجربة النظالية للاخوان طيلة ثمانون عام هي من اجل الوصول الى السلطة مثلما اثبتت التجربة ان من لة قدرة عالية على التنظيم والعمل السري لا تعني بالظرورة القدرة على ادارة الدولة وهذا شأن اغلب احزاب الاسلام السياسي وفي مقدمتهم جماعة الاخوان المسلمين الذين ظهرت علامات تخبطهم السياسي اول استلامهم الحكم، بالامس كان الرئيس مرسي يتحدى ايران ويعتبر امن الخليج العربي خط احمر ويترضى عن الصحابة من قلب طهران واذا بة يفتح ابواب مصر امام قنابل ايرانية موقوتة ليغيض امير قطر بسبب تراجعه عن ما تعهدت بة قطر بدفع 2 مليار دولار كوديعة في بنوك مصر، وفي مؤتمر القمة العربي الاخير الذي انعقد في الدوحة يلوح الرئيس باصبعة كما معهود عنة الى قطع اصبع من يحاول التدخل في شؤون مصر الداخلية كاشارة واضحة لدول الخليج، ولا زالت دائرة التخبط تدور رحاها حتى رمى رئيس وزراءة في احضان الحكم الصفوي في العراق يستجدي المال والرضا الايراني، ما الذي تغيير في معتقدات ملالي طهران حتى تفتح لهم ابواب مصر ليطالبوا بادارة التراث الفاطمي هل صدرت منهم فتاوي تمنع لعن الصحابة وام المؤمنين ام باتت ايران احرص من مصر على الامن العربي !!!

   واخيرا لم تأتي مقولة ولاياتي “الاخوان اقرب الى معتقداتنا ” من فراغ وانما لها جذور من الماضي وتمتد الى الحاضر والمستقبل كما مبين آنفاً، لذلك لابد وان تتخذ الطبقة المثقفة في مصر موقف واضح من التخبطات الهوجاء لجماعة الاخوان المسلمين لان مصر ليست للبيع حتى يساومون عليها مرة مع أمير قطر وعندما تأخر عن الدفع تعرض للبيع الى ايران، وكذلك لا بد وان يكون للازهر الشريف دور مؤثر في مجريات الاحداث فقد بات لزاماً على مشايخ الازهر الغاء فتوى الشيخ شلتوت حول قبول المذهب الجعفري الاثنى عشري واصدار فتوى للتفريق بين التشيع العلوي والتشيع الصفوي الذي تروج لة ايران حتى ينتبة الشعب المصري اين يكمن الخطر وبدلاً من حرق مقرات الاخوان المسلمين لابد من حرق حسينيات الظرار اولا قبل ان يتحول الفار الى غول يصعب السيطرة علية لأن تلك الحسينيات قنابل ايرانية موقوتة وخلايا نائمة تعمل ليل نهار لتقويض الامن القومي المصري استكمالا للسيناريو الذي بدأ في سوريا ولبنان وامتد الى العراق ويتجه بسرعة نحو مصر.

حمــزة البصــري : [email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *