ومضة

ومضة
آخر تحديث:

حميد الربيعي

القصة القصيرة جنس أدبي قائم بذاته ، يعتمد على اللقطة المكثفة ، التي تلمح إلى حدث ما ، يحاول من خلالها القاص طرح رؤياه اتجاه الواقع ، اليومي المعاش أو الرؤية الإنسانية للوجود ذاته .

والقصة القصيرة على مدى عمر كتابتها – في العراق – كانت ومازالت لها جمهورها الخاص، الذي يحتفي ويتلقفها ، خاصة وأنها سهلة النشر، من خلال الصحف أو المجلات ، على العكس من الرواية التي تحتاج إلى طباعة كتاب بذاته لطولها ، لهذا كان توصيلها أسرع واقترن انتشارها بمدى مساهمة الصحافة الثقافية في مجال إتاحة المعرفة إلى القراء .

بيد أن وسائل الاتصال اختلفت الآن وأصبح انتشارها وتوفرها متاحا بيسر أمام الآخرين مما أدى بالضرورة إلى تقليص حجمها ، لسهولة المتابعة أو لتغير نمط الحياة باتجاه السرعة ، لكن ذلك لم يؤثر في البناء الفني للقصة ، إذ استطاع القصاصون التكيف مع الظروف الجديدة فاستحدثوا ما يطلق علية بالومضة أو القصة القصيرة جدا .

لكني أرى ، رغم المتغيرات السريعة في الحياة وتطور الأجناس الأدبية ، بالإضافة إلى تداخلها ، أن القصة مازالت راسخة في سوح الإنتاج الإبداعي ، سواء أن كان عربيا أو عالميا ، فهي التي مازالت تمتلك البرق الخاطف والجميلة بلغتها الشاعرية ونوعية المواضيع التي تتناولها .

الصحيح إن عالم الرواية قد اجتاحت الساحة الأدبية وأصبحت هي المنجز الأكثر اهتماما وتداولا ، لكون المساحة التي تطرحها فيها الرواية أحداثها واسعة ومتشعبة ولها من الأبعاد الزمانية ما يؤهلها لاستيعاب المتغيرات في المجتمع ، لكن القصة بقيت أنيقة بما فيها من جمالية اللقطة والصورة الشعرية الذات النكهة المميزة .

ليس من الضروري أن تكون دور النشر هي المعيار في الانتشار أو الشهرة ، رغم أهميتها بما تضطلع فيه من صناعة الكتاب والأعلام ووسائل الميديا المرافقة ، لكن الإبداع هو الذي يفرض نفسه أولا ومن ثم تاليا تصحبه صنعة الكتاب إلى بقية الرحلة المعروفة في سوق الكتب .

نعم لدينا ، بالذات في العراق ، كتاب مرموقين ومميزين بكتابة القصة القصيرة ولهم باع طويل في هذا الإطار مما رسخ أسمائهم وجعلهم أعلام . اعتقد أن قراءة متأنية لمحصول القصة القصيرة في عام 2015 يجعلنا ، بكل فخر ، القول أن القصة القصيرة أعيد لها مجدها في هذه السنة بنوعية المجاميع القصصية الصادرة ، والتي عد بعضها النقاد بأنها علامات فارقة في القص على مستوى المنطقة العربية بما حضت به هذه المجاميع من اهتمام ومتابعة ودراسة .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *