9 نيسان.. يوم ليس كبقية الأيام

9 نيسان.. يوم ليس كبقية الأيام
آخر تحديث:

  بقلم:هادي حسن عليوي

صحيح الكل مقتنع بما فيهم صدام ومريديه.. إن لا أمل في نجاة نظام حكمه.. وها هو تمثال صدام يسحب بدبابة أمريكية ويسقط على الأرض.. لم تعد هناك مقاومة.. بل اختفى جيش العراق.. ولم يعد هناك لباس زيتوني في الشارع.. وتوقفت الحياة.. والكل مندهش.. بل الكل غير مصدق بما يحدث.

لا يتنبأ أحد بالدقيقة التالية ماذا سيحدث حتى الرئيس الأمريكي وقواته الجرارة.. بالمقابل كان هناك حركة سريعة للقوات الأمريكية.. لمحاولة الانتشار ببغداد.. مسؤولي النظام اختفوا.. هل حقاً سقطت بغداد ؟؟ هل حقاً أصبحنا بلداً محتلاً؟؟.

لكن الأخبار تقول إن صدام يحي الجماهير في الأعظمية..وبعد ساعات مرً من هنا مع ستة سيارات وبعض المارة ينظرون إليه بترقب!! وماذا يعني قائد بلا قوات؟.. ولا قيادة ولا جيش!!.. وجماهير قليلة أكثرها تريد أن تتأكد ما الذي حدث؟.

كان يوماً ثقيلاً بكل الحسابات.. لا تصدقوا أقاويل وحكايات من جاء مع الدبابة الأمريكية.. ولا تصدقوا من يغرد الآن.. ولا تصدقوا إن بعض الأفاقين وهم يقولون إننا أسقطنا صدام!! ولا تصدقوا بطولات فارغة.. يوم وليس مثل كل الأيام.. من كان يرمي سلاحه.. ومن يختفي.. ومن يهرب.. ومن مندهش.. ومن لا يصدق ما يجري!!

وجاء الليل بسكونه غير المعهود.. ودبابات أمريكية قليلة تجوب بعض شوارع بغداد.. وخلت الشوارع من الناس.. وهي خلت من البعثيين ومسؤولي النظام منذ الصباح.. هل ابتلعتهم الأرض ؟؟.

سرتُ مشياً على الأقدام بعد العاشرة مساء ذلك اليوم من بيتنا قرب الجامعة المستنصرية الى باب المعظم لم أجد غير نفسي تسير.. ورجل فقير جالس في زاوية يبدو إنها كانت مكان منامه.

عدتُ أدراجي.. وإذا بدبابة أمريكية نظرتُ إليها لم أشاهد غير سيرها في الشارع.. وهي تصعد الرصيف.. تأملتُ.. وقلت ونفسي: هل هذه الدبابة تتجاسر وتصعد رصيف من أرصفة نيويورك.. أم تتجرأ أن تسيرعلى رصيف من أرصفة واشنطن حتى لو قامت الحربعندهم.. فدباباتهم تحافظ على شوارعهم.. هززت رأسي.. وقلتُ ونفسي إن كان صدام لم يستطع تدمير العراق بكل حروبه الداخلية والخارجية ومقاربه الجماعية ونابالمهم وكيمياويه.. فقادتنا الجدد سيدمرون العراق بظرف سنتين!!

عدت أدراجي الى بيتي.. والألم يعتصرني.. بغداد تحتل وسوف تدمر.. ولكن المتخاذلين والأمريكان يقولون (تحرير العراق).. في كل التاريخ العالمي يوصف دخول قوات أجنبية.. بالاحتلال ودمار وقتل وسبي واغتصاب.. فقط في بلدي يسمون الاحتلال (تحرير).. فقط رئيس جمهوريتنا الجديد من بين كل رؤساء العالم قديماً وحديثاً يسمي الاحتلال (تحرير).

المضحك.. إن البريطانيين بطلب من حلفائهم الأمريكان يدعون مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار باحتلال العراق.. ليمنحوا أنفسهم الشرعية الدولية بحكم العراق.. وصدر القرار الدولي وجيء ببريمر حاكماً مدنياً للاحتلال.. لكن المخزي إن عراقيي الخارج يؤكدون على إن العراق تحرر.. وهم يقفون ارتجافاً أمام بريمر.. وأمام كونداليزا رايس.

لا بل إن الإعلام الجديد في العراق يوجه بعدم ذكر الاحتلال بأي صيغة كانت.. ومن يقاوم الأمريكان بالإرهابيين.. هؤلاء هم الذين يطلق عليهم (انكليز أكثر من الإنكليز).. وراح بريمر و 14 سنة للعملية السياسية.. وليس هناك تحرير.. ولا ديمقراطية.. ولا مدنية.. ولا دولة دينية.. ولا تطبيق لقانون.. وخطف وقتل بسبب وبلا سبب.

مساحة الفقر ازدادت والبطالة توسعت بنسبة 3 أضعاف عن عهد الحصار الاقتصادي.. وععد والنازحين 3 ملايين.. والمهاجرين 3 ملايين.. والمهجرين 3 ملايين.. والأيتام 3 ملايين.. والمطلقات 3 ملايين.. والأرامل والعوانس 3 ملايين.. والشهداء والمعوقين والمفقودين 3 ملايين.. حتى الحصة التموينية اختفت..

كان عندنا صدام واحد.. واليوم عندنا 1000 صدام.. كان عندنا حزب واحد.. واليوم عندنا 350حزب.. كان عندنا جيش واحد.. واليوم لا ندري كم جيش عندنا؟؟ كان عندنا عدي واحد.. واليوم عندنا مليون عدي!

بغداد أبكيك في يوم سقوطكً.. وأبكيك فأنت ليست بلد السلام.. وليست بلد الأسود.. متى تعودين وتنفضي من الذل والخنوع والزبلات من شوارعك وقصورك.. الذين تسيدوا في غفلة من الزمن عليكٍ.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *