بغداد/شبكة اخبار العراق- أظهرت دراسة أقامتها إحدى المؤسسات الأمريكية للأبحاث (MSC) في سبتمبر عام 2014م وتم تحديثها في أكتوبر عام 2014م ، في أوساط فئات من العراقيين السنة والشيعة لقياس الرأي العام في المجتمع العراقي تجاه إيران، حيث بينت الدراسة ارتفاعاً في نسبة العراقيين الذين ينظرون إلى إيران نظرة سلبية مقارنة بالأعوام الماضية، وأخلصت إلى أن وجهات النظر السلبية تجاه إيران في تصاعد إذا ما أستمرت إيران في سياستها الحالية في العراق وفي دعمها لحكومة طائفية إقصائية تؤدي إلى مزيد من التصعيد والتدهور في الوضع الإنساني، وسوف تكون من المسببات الحقيقية لتوفير بيئة حاضنة للإرهاب .نتائج استطلاع الرأي الـذي أجرته إحدى المؤسسات الأمريكية للأبحاث للتعرف على آراء وتوجهات العراقيين حيال إيــــــران
صورة وسمعة إيران في العراق
موقف العراقيين تجاه إيران يتدنى بشكل مستمر ، وحدث أكبر قدر من التدني خلال العام الماضي، ففي عام 2008م عبر 22% فقط من العراقيين عن وجهة نظر سلبية تجاه إيران ، مقارنة بما يقارب 41% في الوقت الراهن ، زادت تلك النسبة بمقدار 3% خلال الفترة بين سبتمبر 2014 وأكتوبر 2014م.
بلغت وجهات النظر السلبية لإيران في عام 2008م 22% فقط ، وارتفعت إلى 24% في عام 2010م ، وتواصل الارتفاع إلى 29% في عام 2013م ، وبلغت مؤخراً في أكتوبر الماضي2014م 41%.
تعتبر وجهات النظر تجاه إيران سلبية مقارنة بمثيلتها تجاه الدول الأخرى في المنطقة، على سبيل المثال فإن نسبة من ينظرون إلى إيران بصورة سلبية تفوق نسبة من ينظرون إلى (تركيا) بصورة سلبية (41% مقابل 37%) فيما يلي مقارنة لوجهة النظر السلبية بين إيران ودول أخرى : تركيا 37% ، مصر 34% ، الإمارات 33% ، البحرين 22% ، قطر 21% ، السعودية 19%.
اذا ما تعمقنا في الأرقام التي تعكس مواقف العراقيين تجاه إيران يتضح أن هناك بعض التغيرات اللافتة للنظر ، على سبيل المثال فإن لدى الشيعة في الجنوب وجهات نظر حول إيران أكثر سلبية من نظيرتها لدى الشيعة في بغداد ومناطق أخرى (40% مقابل 34%) ، هناك نسبة أكبر من الشيعة في الجنوب ممن لديهم وجهات نظر سلبية للغاية تجاه إيران مقارنة بالشيعة في بغداد والمناطق الأخرى (13% مقابل 4%) ، حيث يعتبر ذلك تحولاً شبه تام في وجهات النظر عما كان سائداً إبان رئاسة رئيس الوزراء السابق (نوري المالكي) ومن المرجح أن يكون سبب ذلك هو زيادة التدخل المباشر في الشئون الداخلية للعراق ، إضافة إلى تردي الأوضاع الأمنية والمعيشية للمواطن الشيعي .
تاريخياً فإن لدى العراقيين الأكبر سناً وجهات نظر أكثر سلبية مقارنة بالشباب، لكن ذلك تغير أيضاً، حالياً لدى الشباب العراقي وجهات نظر أكثر سلبية (60% مقابل 54%)، ويمكن أن يعزى ذلك لزيادة ادراك المشاركين في الاستطلاعات من العراقيين الأصغر سناً للقضايا التي تهم الأمن القومي للعراق ، وإلى تزايد استخدام الشباب لوسائل التواصل الاجتماعي بحيث أصبح لديهم قدرة للوصول للمعلومات ومعرفة الحقائق من عدد من المصادر الإعلامية ، فعلى سبيل المثال فإن عدد مرتادي المواقع الإلكترونية المدعومة من إيران أو تروج لها في العراق خاصة الفيس بوك أنخفض بشكل كبير ، وبحسب تقييم شركة غوغل فإن أعداد من يرتادون هذه الموقع ويشاركون بها أنخفض في النصف الأخير من عام 2014م مقارنة بعام 2013م ( 39% مقابل 53%) .
لدى سؤال العراقيين عن سبب تبنيهم لمواقف أكثر سلبية تجاه ايران ذكروا 4 أسباب يمكن اعتبارها عماد العلاقة بين إيران و العراق:
1. إيران سبب رئيسي في تدهور الأوضاع في العراقـــ يتفق 64% من العراقيين مع هذا الرأي.
2. إيران أججت الصراع الطائفي والعرقي بين مكونات الشعب العراقي ـــ يتفق 67% من العراقيين مع هذا الرأي.
3. إيران تقف خلف العمليات الإرهابية التي تحدث في العراق ــ يتفق 54% من العراقيين مع هذا الرأي.
4. إيران تستنزف الموارد الاقتصادية للعراق ـــ يتفق 77% من العراقيين مع هذا الرأي.
شهدت كل تلك المؤشرات على ارتفاع النظرة السلبية تجاه إيران خلال العامين المنصرمين منذ عام 2012م ، حيث ازدادت نسبة العراقيين الذين يعتقدون بأنه يتعين على الحكومة العراقية الجديدة إقامة علاقات اقتصادية أكثر متانة مع الدول العربية من 65% إلى 79% ، وفي عام 2010م عبر 75% عن اتفاقهم مع وجهة النظر القائلة بأن إيران واحدة من أهم الشركاء التجاريين للعراق، مقارنة بنسبة 51% حالياً ، واللافت أن العراقيين بدئوا ينظرون إلى إيران باعتبارها قوة تعمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة لحماية مصالحها حيث اتفق 56% على وجهة النظر تلك.
أهم التحولات وأكثرها لفتاً للنظر هو موقف العراقيين تجاه إيران فيما يتعلق بمسألة الإرهاب، وعندما كان تقييم العراقيين لإيران إما أنها تقف خلف مايجري من عمليات إرهابية أو أنها تقف بجانبنا في محاربة الإرهاب كانت غالبيتهم غير متأكدة في معظم الإجابات ، وعندما طلب منهم الإجابة بنعم أو لا على السؤال الآتي: هل تقف إيران خلف مايجري من أعمال إرهابية ؟ كانت الإجابة على النحو التالي:
1. في عام 2009م أجاب 26% منهم بنعم.
2. في عام 2010م أجاب 27% منهم بنعم.
3. في عام 2012م أجاب 30% منهم بنعم.
4. حالياً 54% منهم بنعم.
تناول البحث أيضاً وجهات نظر العراقيين تجاه الإيرانيين كشعب ، كما سعى لتبيان نظرة العراقيين لثقافة إيران وقيمها ونمط الحياة فيها، في هذا المجال جرى تقسيم العراقيين على أساس المفاهيم الإيجابية والسلبية ، على سبيل المثال طلب من العراقيين خلال الاستطلاع وصف “الشخصية القومية” لإيران ووجهة نظرهم عن الشعب الإيراني .كانت الإجابات مقسمة بالتساوي تقريباً بين الصور والمفاهيم الايجابية والسلبية.كانت وجهات نظر العراقيين الإيجابية تجاه الإيرانيين كما يلي:
1. مسالمون وذو طباع حسنه 54%.
2. يمتازون بالرقي والتطور 56%.
3. يمتازون بالطيبة والكرم 47%.
4. يولون اهتماماً بأسرهم 61%.
5. متدينون 47%.
كانت وجهات نظر العراقيين السلبية تجاه الإيرانيين كما يلي:
1. منغلقون على أنفسهم ومتحفظون 73%.
2. عنصريون 56%.
3. مجتمع طبقي منقسم بين طبقات غنية وفقيرة 61%.
4. مضطهدون 72%.
5. متعجرفون 51%
هذا التباين الصارخ في وجهات النظر يبدو أكثر وضوحاً في الصورة الذهنية للعراقيين تجاه إيران واتجاه نمط الحياة فيها ، ولدى السؤال التالي: عندما تتصورون (طهران) ما هي الصورة التي قد تتبادر إلى أذهانكم عنها؟ كانت الإجابات مقسمة بالتساوي تقريباً بين الصور الايجابية والسلبية
(45% و 40%) على التالــي:
كانت الصور الايجابية البارزة على النحو التالي:
1. بيئة حديثة مكتملة الخدمات.
2. مدينة تحتوى على أماكن عديدة للتسلية واللهو.
3. الكثير من الحسينيات والمراقد والمزارات.
4. طبيعة جميلة وخلابة.
كانت الصور السلبية البارزة على النحو التالي:
1. مدينة بوليسية تبدو كسجن كبير.
2. أحياء قديمة مرعبة تفتقد الأمن .
3. مدينة تجبرك على العيش بدون قيم .
4. رجال دين يمارسون الدجل على الفقراء.
وإجمالاً يرى أفراد العينة أن صورة وسمعة إيران السلبية التي تكونت مؤخراً في وجهات نظر العراقيين تعود إلى العوامل التالية :
1. التدخلات الإيرانية التي أججت الصراع الطائفي بين مكونات الشعب العراقي .
2. أسهمت في تفشي الفساد ودعمت وصول سياسيين فاسدين للسلطة .
3. التصريحات العلنية المستفزة من قبل المسئولين الإيرانيين نحو العراق بشكل يبدو وكأن العراق أصبح كمحافظة إيرانية .
4. أن إيران جعلت العراق ساحة للصراع وقاعدة لمهاجمة خصومها من خلال تبنيها للمجموعات المسلحة .
5. استنزاف موارد العراق الاقتصادية على حساب رفاهية المواطن العراقي.
العراقيون وتنظيم داعش
قال 68% من العراقيين الذين استطلعت آراؤهم أن الأنشطة التي مارستها داعش مؤخراً سبب قوى لمزيد من التدخل الإيراني في العراق، وقال 71% من العراقيين أن نمو داعش سبب قوي لمنح إيران الفرصة الأكبر لتطوير أسلحتها النووية، في حين قال 47% منهم أن داعش سبب قوي لعودة الولايات المتحدة للعراق بشكل أكبر ، وقال 32% منهم أن داعش سبب قوي لتسليح الأكراد في العراق وتزويدهم بالمعدات، لكن في الوقت الذي مضت فيه وجهات النظر العراقية باتجاه مزيد من التدخل الإيراني في العراق فقد عبر الكثيرون عن شكوكهم إزاء حقيقة الدعم الإيراني ومساندته للعراق في الحرب على الإرهاب، هناك توجه غير معلن آخذ في البروز يشير إلى احتمال أن إيران متواطئة في إن لم تكن مسئولة عن نشوء داعش، وأنها ربما تمول
أو تدعم ذلك التنظيم ، ففي سبتمبر عام 2013م اعتبر 49% فقط من العراقيين أن إيران سبباً رئيسياً في وجود هذا التنظيم .
الخلاصـــة
يبدو أنه من خلال نتائج استطلاع الرأي العام العراقي هذا ومن نتائج الدراسات السابقة أن وجهات النظر السلبية تجاه إيران في تصاعد إذا ما أتسمرت إيران في سياستها الحالية في العراق وفي دعمها لحكومة طائفية إقصائية تؤدي إلى مزيد من التصعيد والتدهور في الوضع الإنساني، وسوف تكون من المسببات الحقيقية لتوفير بيئة حاضنة للإرهاب .