فلاح المشعل
استطاعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال ثلاثة عقود ونصف ، ان تحمل تسمية ” إيران العظمى ” بحسب قياسات مفاهيم العلوم السياسية ، وفي ضوء معطيات القوة والنفوذ ، ودورها في التوازنات الدولية ، وكفاءتها في المناورة السياسية وتطويرها الدائم في موارد التنمية الإقتصادية ، ومع أزمة إنخفاض سعر النفط فأنها أقرت ميزانية لهذا العام 2015، تبلغ نحو 300مليار دولار امريكي ، تبدء مع السنة الفارسية في آذار المقبل …!يحدث هذا وإيران تعاني من حرب اقتصادية وعلمية وحصارات متنوعة من دول اوربا وامريكا والعالم .
تملك ايران اليوم نفوذ سياسي وعسكري وتبسط قرارها على مساحة تزيد على قارة كاملة ، وإذ تستحوذ بصورة شبه تامة ، أو اللاعب الأول في استراتيجية القوة والنفوذ والهيمنة ، في ملفات سوريا ولبنان والعراق واليمن ، فأن أثرها لايقل أهمية ومكاسب في العديد من دول آسيا الوسطى وشبه القارة الهندية ، واماكن أخرى في افريقيا وامريكا اللاتينية .
بإختصار شديد فإن ايران وفق هذه الإمتدادات الجيوسياسية ، تعبر عن إمكانات مادية هائلة ، وقبل ذلك تترجم امتلاكها لعقل قيادي ناجح في رسم استراتيجيات وتطبيقها وفق ماتسمح به المعطيات الداخلية والدولية ، وهنا يبرز عنصران مهمان الأول يوسم بالإخلاص الوطني ، والثاني يكرس مايشاع عن الرجل الفارسي من صبر وإناة وهو ينسج سجادة ” الكاشان ” الشهيرة في زمن يمتد سنوات عديدة .
إيران العظمى يمتد نفوذها السياسي والعسكري من عمق آسيا الوسطى الى شواطئ البحر المتوسط ، وهي تحادد اسرائيل في الجنوب اللبناني ، وتضايقها من خاصرتها الجنوبية عبر حماس والجهاد ، هذا الإمتداد الشرقي لإيران يناظره أمتداد آخر نحو الغرب والجنوب يوصل ثقله الجغرافي في اليمن وسلطة الحوثيين وشواطئ بحر العرب والبحر الأحمر . واذا ماوضعنا إطلالة ايران على الخليج العربي ، فأنها تسيطر على نحو 80% من ممرات ومخازن الطاقة في العالم .
إيران يتوازن وجودها و قرارها اليوم مع القوة العظمى الأولى في العالم “امريكا ” في محيط دول الشرق الأوسط والخليج العربي ، والصراع العربي _ الإسرائيلي، الذي انعطف بإتجاه جديد هو الصراع الإيراني _ الإسرائيلي ..، كما يتوازن في العراق ، ويتفوق في سوريا ولبنان واليمن .
إيران ماضية في تطوير وتنفيذ برنامجها النووي ، تناور بدهاء سياسي نوعي منذ عشر سنوات في كسب الوقت والوصول الى نقطة اللاعودة في صناعة السلاح النووي ، الذي سيضع العالم الغربي في حراجة واستسلام اضطراري ، كما سيعطي لها جيوش متنوعة من هويات عربية وإسلامية متنوعة ، كما حصل في تجربة حماية سوريا الأسد من السقوط رغم إجتماع دعم اكثر من سبعين دولة هي الأولى في قوة الجيوش والأموال …!؟
يطول الحديث عن إيران ومقدراتها واساليبها الذكية في التفوق وخلق الإرادات وتنميتها حتى اصبحت دولة عظمى ، تلك ليست بظاهرة مستحيلة أو اسطورية لوتوفرت الإرادة الوطنية المخلصة لحب الوطن والولاء له ، وقوة ضبط داخلي للنظام السياسي ومركزيته ، وبناء يتفوق على معدلات الفساد في البلاد .
لكن تلك معادلات مفقودة في بلادنا العربية ، بل اصبحت أصعب مايكون ،وسط خيانات الساسة والأنظمة وضياعها المتنامي ، وصراعاتنا الطائفية التي أجلت أي مشروع للتطور وبناء موقف عربي موحد ، او استراتيجية حماية للوطن الضائع من المحيط الى الخليج .