الحرس اللاوطني.. مازال حلم البعض

الحرس اللاوطني.. مازال حلم البعض
آخر تحديث:

 

  علي علي  

في عراقنا الجديد.. المشرق.. السعيد.. الديمقراطي.. الفيدرالي.. التعددي.. ذي السيادة التامة، هناك ثلاثة مجالس تعد العمود الفقري في هيكله، وعليها يبنى صرح البلاد ويعلو بعلوها.. ويسمو مع سموها.. ويزدهر بازدهارها. والعكس هنا يصح أيضا، فإذا كان العمود الفقري منخورا صعب الاعتماد عليه في البناء.. وخاب الظن بالارتقاء والعلو به.. واستحال السمو معه الى نكوص وانتكاس.. وآل الحال برمته الى أسوأ مآل. تلك المجالس هي؛ المجلس التنفيذي والتشريعي والقضائي، وتطلق على كل منها مفردة السلطة أيضا، وذلك لبيان تسلطها وعليّتها في هرم مؤسسات الدولة وهيئاتها.

 لقد نص الدستور العراقي على استقلالية كل من هذه السلطات في البلد، وهذا الشيء الرائع، أما الأروع والأكثر روعة فأظن أن الحديث عنهما لايمتلك من الشفافية والمصداقية مايشجع على إتمامه، إذ تدور كل سلطة من السلطات الثلاث في فلك غير متسق مع فلك الأخرى، بل يضدها أحيانا ويعاكس سيرها وسط تقلبات الظروف والشخوص والأهواء، وكذلك الأوامر والأجندات.

 “مشروع قانون إنشاء حرس وطني”.. هو مشروع ماعاد مخفيا على الجميع، بما ينطوي عليه من غايات ونيات مبيتة، ومؤكد أن النقاش فيه ليس جديدا، فقد رفع الى مجلس الشورى، وبات حتى اللحظة يتأرجح بين سلطة تشريعية وأخرى تنفيذية، ليأخذ طريقه في الإقرار بين مؤيد ومعارض، وهو موضوع ليس بشائك كما يدعي بعضهم، بل أظنه شائنا وشائبا بكل ماتحمله الكلمتان من معنى، أما كونه شائنا فلأن الحرس المزمع إنشاؤه يخالف اسمه تماما، فهو غير وطني البتة.. ذلك أن الغاية من إنشائه لاتخدم الوطن ولا المواطن، ولاتمت بصلة الى الوطنية لامن قريب ولامن بعيد، فالنيات المبيتة خلف إنشائه ترمي الى تقسيم العراق لا الحفاظ على أراضيه، وتهدف الى ابتلاع الحقوق لا الدفاع عنها.

 وأما كونه شائبا فلأنه يحمل بين طياته عناصر مشوبة بسيئات أفعالها، ولم تسجل في ماضي حضورها في البلد سطرا من السطور المشرفة خلال الظروف التي مر بها، بل على العكس فقد سجل لها التاريخ صفحات سودا، في ظرف كان الأولى بكل عنصر يدعي الوطنية، أن يثبت وطنيته الحقة وانتماءه الخالص للوطن، من خلال ذوده عنه في أحلك ظروفه وأصعب محنه، ومن غير المعقول أن ينقلب سواد الأفعال بياضا بالتقادم، فالتاريخ يثبّت ويدون ويؤرخ بما لايقبل التزوير والحك والشطب.

 إن الحرس اللاوطني الذي مازال بعضهم يستميت لوضع حجر أساسه، لن يكون كما وصفته شخصيات سياسية بالخطوة الضرورية لتحقيق المصالحة الوطنية، بل هو القنبلة النووية التي ستفجر الوطن وتتركه أشلاءً ممزقة، ولن تذر لأهله شيئا من اللحمة والألفة، وكذلك ستفجر معها السلام والطمأنينة ودعة العيش في ربوعه، علاوة على هذا.. فالحرس اللاوطني سيفتح أبواب الجحيم على العراقيين كافة، ولاسيما المحافظات التي يناشد ساستها وشيوخها إنشاءه، ذلك أن المتربصين بالعراق أرضا وشعبا يحومون حوله، وهم على أهبة الاستعداد يتحينون الفرصة كي ينقضوا عليه، وكل منهم يتأبط أجندته بما تحمله من أهداف وأحلام، فمنهم من يحلم بضم العراق الى امبراطوريته العثمانية المنشودة، ومنهم من يطمح الى سحق حضارة العراق وماضيه ومافوق أرضه، وإحلال عقيدته الوهابية عليها.

 إن الحرس اللاوطني كفيل باستبدال الرائع والأروع والأكثر روعة.. بالمؤلم والأكثر ألما والأشد إيلاما.

 

[email protected]

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *