علي علي
الإجازة والعطلة والاستراحة.. حق من حقوق أي عامل او موظف يتمتع بها بعد أيام عمل قد تطول وقد تقصر، ومن فوائد الإجازة هي تجديد النشاط والحيوية لمعاودة العمل بعدها بإنتاج أوفر ودقة أعلى، كذلك هي فترة فاصلة تتيح الفرصة لإعادة النظر بهدوء على سلبيات عرضية، تكون قد صدرت من العامل اوالموظف أثناء أدائه عمله وواجباته. ويبدو أن الحاجة باتت ماسة وملحة جدا لتغيير أنماط وسلوكيات كثيرة مما شب عليها بعضنا، ومن هؤلاء البعض أهم (بعض) فينا ذلك أنهم يمثلون الكل، وهم أعضاء المجلس التشريعي في عراقنا الجديد، المتمتعون حاليا بإجازتهم التشريعية (عليهم العين باردة)..!
أما ماقصدته بالأنماط والسلوكيات فهي الخلافات التي تقمصوها في مجلسهم بدورتيه السابقتين، فقد كان للبرلمان السابق ومنذ بداية دورته الثانية في الواحد والعشرين من كانون الاول عام 2010 قصب السبق في المماطلة والتسويف، وكذلك في الشد والجذب والصراعات والمنابزات بالألقاب.. بل كان يستحق حزام البطولة الذهبي للمصارعة بجميع الأوزان، على ماحصل فيه من جولات مصارعة بالأيادي وبأسلحة بيضاء وأخرى سوداء وأخرى (جلدية). كما ثبت في سجل التاريخ استمرار خلافات نوابه وتفاقم انشقاقاتهم بشكل طردي مع مصائب البلد ومشاكله، حتى صار هو المشكلة الكبرى في العراق، ومن رحم البرلمان تولد باقي المشاكل وتتناسل. وكان عدم التوافق هو شعاره في الكثير من القوانين الحيوية المهمة، مثل قانون الاحزاب وقانون النفط والغاز وقانون التقاعد الموحد، فضلا عن مهزلة قانون الموازنة للعامين الحالي والمنصرم، وقانون العفو العام وغيرها التي أضحت معلقة مغيبة، في الوقت الذي يضع المواطن يده على جمر الانتظار لإقرارها والاستفادة منها في يوميات حياته.
ومن المؤلم أن الدورة الحالية ورثت تلك السلوكيات وتلبستها من أول يوم وأول ساعة في أول جلسة للبرلمان. في الوقت الذي تأمل فيه العراقيون من الدورة الحالية أن مأساة المماطلة والتسويف في إقرارات القوانين قد ولت من غير عودة، وظنوا أن علة التأخير والتكرار في قراءة مشاريع القرارات سيستبدلها النواب الجدد بالهمة والاستعجال بالانجازات، لتعويض مافات من سنين من عمر العراقيين وهم يخوضون تجربتهم الديمقراطية، والنهوض بهم من المنزلق الذي مافتئوا يتعمقون بالضياع في دهاليزه وغياهبه، ومن غير المعقول بل من المعيب أن يمضي على تجربة اثنا عشر عاما ومازالت تسمى (تجربة فتية)..!
فالإجازة إذن..! هي فرصة لنوابنا عليهم مراجعة أنفسهم فيها، لعلهم يعودون الينا بعدها بنشاط متجدد وبتصحيح سليم لسلبياتهم التي أرهقت كاهل المواطن، وعليهم أن يشحذوا هممهم للإسراع في إقرار القوانين الضرورية والمتأخرة. كما عليهم الركون والوقوف بجد وحزم الى ماآلت اليه أوضاع البلد، وأن لايدعون حبل اجتماعات جلساتهم على غارب التسويف والمماطلة، واللوم قطعا لن يكون على أعضاء المجلس وحدهم، بل تقع مسؤولية الالتزام والتقيد بحضور الاجتماعات على رئاسة البرلمان، وعليها تفعيل قرارات النظام الداخلي للمجلس التي تخص الحضور والغياب عن جلساته، والتي تنصّ على؛ (فصل النائب أو استبداله في حال غيابه عشر جلسات مستمرة في الفصل التشريعي الواحد). كذلك العمل بصرامة وعدم تهاون بالقرار الذي ينص على استقطاع مبلغ 500 ألف دينار من راتب النائب الغائب عن الجلسة الاعتيادية، ومليون دينار عن جلسة التصويت، وبغير هذه الإجراءات والسياسات المنضبطة، لن يكون مجلس نواب محترم في دولة محترمة، بل سيكون أنموذجا لـ (گهوة عزاوي) او (Coffee shop) او (خان چغان).