النفاق والانتهازية في  خطاب المرجعية

النفاق والانتهازية في  خطاب المرجعية
آخر تحديث:

 

  احمد الدراجي

يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، ويقولون ما لا يفعلون، هم صنف من الناس الذين يتمظهرون  برداء التقوى والوعظ والإرشاد،  ويكرسون ذلك ليتخذوا منه وسيلة لتحقيق رغباتهم ومصالحهم الخاصة، هذه الشريحة ليس وليدة اللحظة وان كانت هي اليوم من تتحكم في مصير الأوطان والشعوب، وإنما لها جذور تاريخية وصور  ومشاهد رافقت كل المجتمعات والديانات فبنو إسرائيل مارسوا هذا المنهج النفاقي كما اخبرنا بذلك القرآن الكريم بقوله: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ(44) سورة البقرة، هذا السلوك مازال يسير عليه اللوبي الصهيوني فهو يرفع شعار الحرية واحترام حقوق الإنسان وهو أول من ذبحها وانتهك الحقوق وخير دليل ما تمارسه إسرائيل من جرائم  بحق شعبنا العزيز في فلسطين المغتصبة….

لقد حرص الإسلام على استئصال جذور هذا السلوك المنحرف  ونهى المسلمين عنه، وأعطى نماذج تطبيقية للقيادة والقدوة الحسنة المتمثلة بالنبي الذي كان  يقول ويفعل، ويأمر الناس وهو أول من يطبق، وينهى وهو أول من ينتهي، لأن الدين عنده كلمة تقال وفعل يطبق…

وبالرغم من النهي الشديد عن ذلك السلوك المنحرف إلا إننا نجده ظاهرة متفشية وخطيرة في المجتمع، وتشتد خطورتها عندما  تكون القيادات والرموز الدينية هي من تتبنى ذلك المنهج، وهذا ما ألقى بضلاله السيئة على المجتمع وأساء إلى صورة الإسلام، وبسبب تصدى تلك النماذج للقيادة والقرار ضاعت الشعوب واختطفت الأوطان وانقلبت الموازين وسحقت القيم والمبادئ والأخلاق، وصار الدين  مصدر رعب وبؤس للمجتمعات، وصورة لا ترمز إلا إلى الفساد والدم والتطرف والكراهية والاقتتال، ولعل ما يعاني منه العراق وشعبه  صورة جلية وواضحة رسمتها  أيادي شريحة الرموز الدينية والسياسية التي تأمر الناس بالبر وتنسى نفسها، بل أنها راحت إلى اخطر من ذلك كونها تأمر بالمنكر وتنهى عن المعروف وتقمع كل من يدعوا إليه…

في هذه العجالة نشير إلى احد مظاهر ذلك المنهج والذي يتجلى في سلوك ومواقف مرجعية السيستاني فقد دعت في خطبة الجمعة إلى:( معالجة جذور الإرهاب المتفشي اليوم من خلال القضاء على الفكر المتطرف الذي لا يقبل بالتعايش السلمي مع الآخر ويريد أصحابه أن يفرضوا رؤيتهم على الآخرين بالقوة ومن خلال ممارسة الإرهاب واستهداف المدنيين العزّل…)، فكيف يصدق المجنون قبل العاقل بهكذا دعوة  والسياسات والحكومات الطائفية التي تمخضت عن رؤى المرجعية وقراراتها ومواقفها وحكوماتها ذبحت الحريات: حرية الفكر حرية الرأي، حرية المعتقد، حرية الإعلام، وانتهكت الحقوق، واعتدت على المقدسات وهجرت العقول والكفاءات العلمية المهنية المخلصة وقمعتها ومارست علميات التصفية بحق كل من لم يتماشى مع مشاريع الاحتلال الأمريكي الذي باركته ودعمته ودافعت عنه المرجعية  فضلا عن من يعترض أو يرفض او يقاوم …..

كيف يصدق المجنون قبل العاقل بهكذا دعوة  والمرجعية ومليشيا الحشد الشعبي ومن فوقها إيران مارست وتمارس التطرف بأبشع صوره وتقمع كل من لا ينبطح للمشروع الإمبراطوري الفارسي كما حصل ويحصل مع إخوتنا أهل السنة وغيرهم من الوطنين الشرفاء.

كيف يصدق المجنون قبل العاقل بهكذا دعوة  والمرجعية ومليشيا الحشد الشعبي ومن فوقها إيران ارتكبت أبشع مجزرة في تاريخ البشرية بحق المرجع الصرخي ومقلديه في غرة رمضان في كربلاء لأنه اختلف معها في الرأي اختلافا علميا شرعيا أخلاقيا وطنيا إنسانيا كونه رفض الفتوى الطائفية التقاتلية التقسيمية التي زجت العراق وشعبه في محرقة الاقتتال وسلطت مليشيا الحشد الشعبي على العباد والبلاد…

فأي تعايش سلمي تتحدث عنه المرجعية وهي من ذبحته بمليشياتها وحشدها وأمها إيران الشر والحقد والتطرف…

أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ

قال رسول اللّه صلى اللَه عليه وآله وصحبه وسلم : (مررت ليلة أسري بي على قوم تُقْرض شفاههم بمقاريض من نار، قلت: من هؤلاء؟ قالوا: خطباء أمتك من أهل الدنيا، ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون).

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *