هل يقترب الكتاب العراقي من الحدث؟

هل يقترب الكتاب العراقي من الحدث؟
آخر تحديث:

 صلاح حسن السيلاوي
هل نجد كما ونوعا متميزا من الكتاب العراقي يجعل من الحياة ومشكلاتها المعاصرة محورا لخطابه الفني، أيقترب مبدعنا من وجع الإنسان وهمومه فيسعى لوضع بصماته على الجرح، وهل كان أو صار منجزنا الكتابي بمستوى الأحداث التي عصفت و تعصف بحياتنا؟أسئلة توجهنا بها الى نخبة من مثقفينا مستطلعين عن الكتب التي قرؤوها وتجلى فيها جوهر تساؤلاتنا؟.

كتب عديدة

 الناقد علي حسن الفواز تحدث في بداية رأيه عن الثقافة الحية التي يعدها تعبيراً عن حيوية كتابها، مشيراً إلى أنَّ من الصعب على الكتب أن تكتفي بوظيفة (الأنتيكة) أو تزجية المزاج ثم استدرك: لكن هذا التوصيف ينطوي-أيضا- على مسؤولية كبيرة، إذ تحتاج الكتابة إلى وعي فائق لكي يزاوج الكاتب بين صناعة الفكرة وصناعة المتعة…وعلى الرغم من كل تاريخ(الهروبات) التي عاشها المثقف العراقي والعربي، إلا أن ذلك لا يعني عدم وجود ماهو قريب من الحياتي والإنساني.
وأضاف قائلا: العديد من الكتب التي قرأتها تمسّ هذا الهاجس، منها الروائي ومنها الفكري، ومنها الاجتماعي والاقتصادي، روايات علي بدر–مثلا- تجسر خيطا خفيا مع أزمة الوعي وأزمة الهوية، وكتابات رشيد الخيون تطرح أسئلة حول تعرية السري في التاريخ الذي يعذبنا، ورواية (سيرة ابراهيم لسليم الوردي)التي تعالج محنة الإنسان وهويته الدينية في العراق الجديد وكتاب(واقف في الظلام) لعبد الزهرة زكي الذي يكشف عن محنة تغييب الإنسان وتهميشه النفسي والاجتماعي في السجن، وكذلك كتب جمال جاسم أمين وسعد محمد رحيم تهجس أيضا بالكثير مما يعانيه الإنسان من هموم واغترابات وضياع وموت رمزي لايقل خطورة عن الموت الواقعي، وهناك كتاب مهم حمل عنوان (السيميولجيا الاجتماعية) لمحسن بو عزيزي يسلط الضوء على مشكلة تغريب الدلالي عن الاجتماعي في حياتنا العربية وخطورة ذلك على تفريغ الوعي وعزله عن التفاصيل.

لصيق بالهم العراقي

الشاعر رياض الغريب يرى المبدع العراقي الحقيقي لصيقا بالهم اليومي ومشكلات الوطن التي أصبحت جزءا من خطابه المعرفي والثقافي الذي ابتعد عن المؤسسات الحاكمة ولم يكن صوتا لها، بل كان جزءا من محنة الوطن والإنسان، ولدينا الكثير من الأسماء الإبداعية التي بقيت في نتاجها قريبة من الجرح. لافتا إلى المواقف الكبيرة التي صنعها الجيل التسعيني وبقيت حتى اللحظة حديث النقد، وأيضا من يؤرشف لهذه الفترة الحساسة والمهمة في تاريخ الوجع العراقي، وقال أيضا: فضلا عن مرحلة مابعد العام 2003 التي انتمى فيها أغلب المثقفين والكتاب إلى هموم هذا الوطن وأسهموا مساهمة فاعلة في التغيير الذي حصل وان يكن غير ملموس بسبب ارتفاع صوت السياسي في المشهد، لكن بقي صوت المثقف والكاتب العراقي فاعلا ومؤثرا. ولدينا كم من النتاج الشعري والروائي والمسرحي الذي كان حاضرا في المشهد الثقافي العراقي أما فيما يخص آخر كتاب قرأته وهو كتاب (عودة الرئيس) وهو نص مسرحي يتحدث عن محنتنا بعد الربيع العربي والتحولات التي حصلت في العراق وبعض الدول العربية من خلال الأحداث التي مر بها الراهن العربي ودراسة الأبعاد المرتبطة بالإنسان العربي.

الرواية أقرب إلى الحدث
 
الشاعر نصير الشيخ بين َّ أن من الصعب الإلمام الكلي بتحولات الواقع العراقي،ومن ثم قراءته ثقافيا،ذلك ان الذي حصل قد زلزل جميع البنى والثوابت ولطخ التصورات العقلانية التي كانت تنشد نوع الحياة مابعد التغيير..على حد تعبيره. ثم أضاف: ومحايثة لما صار،كان لحرية التعبير كرافد اختار مجراه،من الفوضى الخلاقة التي عصفت بالبلاد..استطاعت الأقلام أن تجد نوافذ للتعبير عبر شحذ كل قواها للوصول إلى فضاءات لاحدود لها،بعد ان كانت تتلصص من كوى.. وللجانب الاتصالي،بجميع مفرداته،شكل رئة امتلأت بقواميس لغة مقموعة بثت شفراتها،وعبرت عن مكنوناتها بكل ما أوتيت،وللإنترنت ومواقعه الثقافية وعالمه الافتراضي (الفيس بوك)..مثل مساحة شاسعة للبوح،بدءا من أبسط خاطرة شعرية عبرت عن وجعها، وصولا لدراسات وأبحاث رصدت التحولات الثقافية،كلها صبت في كيفية إيصال الصوت المقموع،والتعبير إلى أبعد مدى عن القهرية التي تعرضت لها الذات العراقية..كل هذا يجري بنسغ ((سياسي))..مكتوب ومعلن،كاشفا تبعات مرحلة استبدادية مرت..وتساءل الشيخ قائلا: ولكن هل انتهى الوجع العراقي…؟؟ ثم قال مجيبا إجابة ضمنية بقوله : من هنا ارى من الصعب حصر الأنموذج الأدبي الذي شكل خطابا إنسانيا، وعبر أفضل تعبير..ولكني أجد أن النص الروائي العراقي مابعد التغيير ونصوص كتبت (في المنفى والداخل)..هي الأقرب لهاجس السؤال الذي نود الإجابة عنه،لما للرواية من مساحة مطردة…من هنا يمكننا وصفه بخطاب يُعنى بـ(الوجع العراقي)..وبما يجعلنا نحتكم إليه بوصفه سردا نشتق منه /الحكاية،الوثيقة،الإدانة،الحكم المسبق..الخ،بوصفه سبابة تشير على الدوام إلى بلاد معجونة من أنهار ودم ودمع ووجع عراقي طويل.

قارئ بمزاج أدبي

الناشر ستار محسن علي يرى في إجابته أن المؤلف العراقي لم يبحث في تفاصيل الحياة اليومية وتسليط الضوء على مشكلاته الآنية كما هو حال الدكتور علي الوردي وهادي العلوي ومتعب مناف مشيرا إلى ان مزاج القارئ العراقي أدبي لافتا إلى عدم ارتقاء منجزنا إلى مستوى الأحداث لوجود الكثير من الموانع التي تقف بوجه الكثير من الكتاب العراقيين خوفا من بطش الميليشيات وبعض السياسات. ثم أشاد بكتب تناولت هم الحياة المعاصرة منها (صراع الدولة والجماعات في العراق) لسعد محمد رحيم و( مقهى سقراط) و ( الأزمة المفتوحة) لجمال جاسم أمين.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *