سعد السلمان
ينقل لنا التاريخ أن الإمام علي عليه السلام حرّم على أصحابه ونهرهم بشدة عن مجرد التفكير بتهديم وحرق الصوامع والبِيع معابد لليهود والمسيح الذين لم يؤمنوا بالإسلام ولا برسوله صلى الله عليه وآله وقال لهم (هذه أماكن طالما ذكر الله فيها وعُبد ) , وما وصيته لولديه الحسن والحسين عليهما السلام عندما ضربه ابن ملجم غدراً قائلا لهم ( رفقاً بأسيركم .. بحقي عليكم إلا ما طيبتم مشربه ومأكله …ولا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين تقولون قتل أمير المؤمنين، فإنما هي ضربة بضربة …ولا تمثلوا بالرجل فإني سمعت رسول الله [ص] يقول [ إياكم والمُثلة ولو بالكلب العقور) إلاّ أراد في هذه القضية الإمام أن يرسخ مبدأ عدم جواز القتل إلا للقاتل، فليس هناك ما يبرر قتل الأبرياء والأطفال والنساء وهم بعيدون عن التأمر أو القتل انطلاقاً من الآية
( ولا تزر وازرة وزر أخرى) !!
ومن هذين المثالين والقانونين الذين رسخهما الإمام علي عليه السلام وأراد بهما بُعد تاريخي وزماني يمتد لتاريخنا هذا يتوقف عنده كل مسلم عموماً وشيعي خصوصاً باعتبار إن الإمام عليه السلام أحد الخلفاء والصحابة الكرام بالإضافة إلى عنوان الإمامة والولاية حسب اعتقاد الشيعة , ومنهما ينكشف لنا الوجه القبيح المدعي المنافق المتسلق والقذر للمليشيات المجرمة المعتدية على المساجد والأبرياء من نساء ورجال وأطفال في المقدادية , والتي ضربت عرض الحائط كل القيم الإسلامية والإنسانية ووصايا الإمام علي عليه السلام الذين يدعون ولايته ونصرته والدفاع عنه وهذه حججهم عن كل ما يقومون به من أعمال إجرامية آخرها في المقدادية !! إذا كان تهديم الصوامع والبيع معابد اليهودية والمسيحية حرام إذن أليس بالأولى حرمة تهديم مساجد المسلمين ! وإذا كان قتل الامام عليه السلام لا يعطي المبرر والعذر بقتل عشوائي للأبرياء إذن أليس قتل نمر النمر بالأولى أن لا يعطي أي مبرر لقتل الأبرياء بحجة انه قتل !!فهل النمر أكرم و أقدس وأزكى واقرب رحماً من الإمام علي عليه السلام وهل نزله بحقه في القرآن استثناء وحكم خاص !!
نعود لهذه المليشيات وأعمالها الوحشية بحق الأبرياء , أليس هي من قتلت وحرقت الجثث ومثلت بهم في كربلاء بإمضاء وأوامر المرجعية , و أليس هي من هدمت مساجد
وحسينيات شيعية !!وهي اليوم تهدم وتحرق مساجد السنة وتقتل أبناءهم في مناطق ليس فيها داعش , أليس هي نفسها من امتثلت للفتوى الجهادية واستغلتها ووظفتها وفسرتها وترجمتها حسب المشتهى وطبقتها كيف تريد وتسلطت بها على الرقاب بالقوة والبطش والغدر والتهديد وتمكنت من فرض هيمنتها على الأجهزة الأمنية ومن يعترض فأنه يلقى ما لا يحمد عقباه , أليس هذه الجزئية التي حذر منها المرجع العراقي العربي السيد الصرخي عندما قال (الفتوى ليست لهوا الفتوى ليست هواءً، الفتوى خوض في النار، الفتوى دماء الفتوى سعير وعذاب، علينا أن نقرأ علينا أن نعرف عندما افتي بشيء أقرأ كيف ستترجم؟ كيف ستفسر؟”…)
وبعد كل هذه تعود علينا مرجعية الفتوى الجهادية بحجة داعش في خطبة الجمعة 15-1-2016 تُنذر وتُحذر من التداعيات الخطيرة لتفجيرات مساجد السنة ! ومِن قبل مَن ؟ من قبل مليشيات الحشد ؟ الممتثلة للفتوى والمستغلة لها ! أي إنها تحذر من تداعيات الفتوى الجهادية التي أطلقتها ! وهذه دعوة لكل منصف وعاقل وحر ومعتدل ينظر بعينين وعقل قائد لعاطفته أن يحكم بنفسه ونترك هذا الأمر في خانة العجائب فصدق أو لا تصدق !!